اليمن عشقنا الأزلي،نستظل بضلالها الوارفة وننعم بخيراتها، ونعيش في رحابها الطيبة رضعنا حبها مع حليب أمهاتنا فأضحت من الثوابت والمقدسات التي لا تفريط فيها ولا مجال للمزايدة عليها. فهي أمنا ووطننا ومادونها هين ورخيص وحبها من الإيمان ولعل هذه المشاعر الوطنية قد أخذت في التجذر والرسوخ بشكل أكبر من ذي قبل، عقب إعلان قيام الجمهورية اليمنية وميلاد الوحدة اليمنية المباركة في 22مايو 1990م هذا الحدث التاريخي الخالد الذي ظل لعقود من الزمن بمثابة الحلم لكل أبناء الوطن في شماله وجنوبه وبتحقيقه دشن أحفاد حمير وسبأ وقتبان وأوسان مرحلة جديدة في تاريخ اليمن الواحد يمن الثاني والعشرين من مايو، يمن الوحدة والتحرر من براثن التشطير والتشظي،يمن الوحدة التي أعادت لم شمل الأسرة اليمنية الواحدة، وأعادت للجسد اليمني عافيته بعد صراع مرير مع الأمراض والأوبئة التشطيرية التي كادت أن تفتك به، يمن الوحدة التي أسعد ميلادها كل فرد وأسرة وحي وقرية ومدينة ومحافظة يمنية ومعهم كل محبي اليمن السعيد من الدول الشقيقة والصديقة . يمن الوحدة التي شكل ميلادها انطلاقة وثابة لبناء الدولة اليمنية الفتية، يمن الوحدة التي عزف اليمانيون بتحقيقها مواويل الفرحة والبهجة بمختلف ألوان الغناء اليمني، يمن الوحدة التي ذرف اليمانيون الدموع لحظة تم رفع العلم اليمني خفاقاً في سماء مدينة عدن الباسلة، ثغر اليمن الباسم وعاصمتها الاقتصادية والشتوية فرحاً وابتهاجاً بهذا الحدث العملاق الذي جاء تحقيقه مجسداً لأهداف الثورة اليمنية الخالدة سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، يمن الوحدة التي أزالت حواجز التشطير وأنهت معاناة شعب قسمه المستعمر البغيض والحاكم المستبد ، يمن الوحدة التي فجرت ينابيع الإبداع لدى الأدباء والشعراء الذين تغنوا بها وتغزلوا فيها وعبروا عن سعادتهم بتحقيقها من خلال القصائد والأغاني والأناشيد والألحان الرائعة ولا غرابة في ذلك فقد سجل التاريخ في صفحات الألق الوحدوي المتميز للأدباء والكتاب اليمنيين قصب السبق في إعلان الوحدة قبل 22مايو 1990م عندما عملوا على تأسيس اتحاد واحد للأدباء اليمنيين وذلك بهدف الدفع بالسياسيين إلى سرعة الإعلان عن قيام الوحدة الوطنية وهي بادرة وطنية تحسب لأدباء اليمن في تلكم الفترة. يمن الوحدة التي ربطت الشمال بالجنوب والشرق بالغرب وأذابت لغة التشطير والمناطقية وصار اليمن بها واحداً موحداً وصار اليمنيون من صعدة في أقصى الشمال إلى المهرة في أقصى الجنوب الشرقي ملتفين حول رايتها وأهدافها الوطنية النبيلة وينشدون بفخر وشموخ وإعزاز رائعةً شاعر اليمن وأديبها الكبير الراحل الأستاذ عبدالله عبدالوهاب نعمان التي أبدعها ألقاً وسحراً ولحناً شجياً فنان الوحدة واليمن الكبير المناضل أيوب طارش العبسي «رددي أيتها الدنيا نشيدي، ردديه وأعيدي وأعيدي واذكري في فرحتي كل شهيد وأمنحيه حللاً من ضوء عيدي، رددي أيتها نشيدي، رددي أيتها الدنيا نشيدي، وحدتي يانشيداً رائعاً يملأ نفسي أنت عهد عالق في كل ذمة، رايتي رايتي يا نسيجاً حكته من كل شمس أخلدي خافقة في كل قمة، أمتي أمتي امنحيني البأس يا مصدر بأسي و اذخرني لك يا أكرم أمة،عشت إيماني وحبي أممياً ومسيري فوق دربي عربياً وسيبقى نبض قلبي يمنياً لن ترى الدنيا على أرضي وصيا». يمن الوحدة التي اصطف حولها كل أبناء اليمن للدفاع عنها والتصدي للمؤامرة الشريرة التي قامت بها بعض العناصر الارتدادية في صيف 1994م عندما سعى هؤلاء إلى المساس بها والانقلاب عليها والعودة باليمن إلى ما قبل 22مايو1990م حيث وثب كل أبناء اليمن رجالاً ونساء وأطفالاً في وجه هذه المؤامرة وهو ما أثمر بفضل من المولى عز وجل وتتويجاً لبطولات وتضحيات أبطال قواتنا المسلحة والأمن ومعهم كتائب المتطوعين عن إحباطها وهزيمةً قوى الانفصال وانتصرت إرادةً الشعب وتجذرت الوحدة وتعمدت بالدم وجر الخونة والمرتزقة أذيال الهزيمة. يمن الوحدة التي نحتفي هذه الأيام بذكراها العشرين بعد أن ترسخت وتجذرت وصارت عصيةً على كل من يريد المساس بها أو الانقلاب عليها وغدت فتاة شابة في عنفوان شبابها تكتسي أغلى وأثمن الحُلي والجواهر وتزدان بانجازات عملاقة لا يمكن التشكيك فيها أو التقليل من حجمها وتبدو كعروس تستعد أن تزف في موكب عرائسي وفرائحي جميل وبهيج إلى عريسها البديع الأنيق “اليمن الحبيب” لتعم الأفراح كل مدن اليمن وسهولها ووديانها وشواطئها وجبالها وصحاريها وكل شبر على ثراها الطاهر، احتفاءً بهذه المناسبة الوطنية الأغلى في تاريخ اليمن، مخرسة تلكم الأصوات النشاز التي ترددها بعض العناصر الشاذة التي تدعو إلى عودة الانفصال والانقضاض على الوحدة تنفيذاً لأجندة شريرة لأعداء اليمن تحت مبررات شيطانية واهية لا علاقة للوحدة بها لا من قريب ولا من بعيد، ليعطي بذلك أبناء يمن الثاني والعشرين من مايو1990م درساً جديداً لهذه العناصر الارتدادية في حب الوطن والوقوف إلى جانب وحدته المباركة باعتبارها خياراً لا رجعة عنه مهما حصل، مجسدين صورة وطنية رائعة في التلاحم والاصطفاف الوحدوي لا تقل كثيراً عن الصورة الأولى التي جسدوها خلال حرب صيف 1994، نعم إنها الوحدة التي لا علاقة لها بالتصرفات الفردية والممارسات الخاطئة التي قد يرتكبها البعض هنا أو هناك. نعم إنها الوحدة التي لا علاقة لها بالفاسدين وناهبي الأراضي وأعداء الوطن، نعم إنها الوحدة المنجز التاريخي العملاق الذي تحقق ملبياً لإرادة شعب ورغبة وطن يسعى نحو التقدم والتطور والرقي ومن السخف أن ينظر إليها البعض وكأنها شركة بين مجموعة أفراد ومن حق أي فرد منهم إنهاء هذه الشراكة متى أراد، فذلك يُعد ضرباً من ضروب الغباء والتبلد السياسي فالوحدة مكسب لكل اليمنيين غير قابل للبيع والشراء والمزايدة ولا يوجد هناك من يمتلك الحق في المساس بها والإضرار بها فلا يوجد أوصياء على الوحدة اليمنية وسيظل الشعب حارسها وحاميها الامين وستظل رايتها خفاقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وستظل قلوب كل اليمنيين الشرفاء تخفق بحب الوطن وتنبض بنغماته الوحدوية، وسيظل الجميع يتطلعون إلى تحقيق المزيد من الإنجازات والتحولات التنموية والخدمية العابقة بعظمة الوحدة المحققة لأهدافها الرائدة.