الأسبوع الماضي كانت محافظة تعز على موعد مع إطلاق برنامج ترويج الصناعات الوطنية (صنع في اليمن) 2010 - 2013م بهدف تعزيز قناعات المستهلك بجودة الصناعات الوطنية وتعزيز قدراته التنافسية من حيث الجودة والسعر وجعل المنتج اليمني محل اعتزاز وفخر كل اليمنيين أينما كانوا. الصناعة بوابة النهوض والتفوق لأي شعب من الشعوب ودول شرق آسيا رغم شحة مواردها الطبيعية وفي مقدمتها النفط إلا أنها تحولت إلى نمور اقتصادية ورغم الهزات العنيفة التي تعرضت لها تلك الاقتصاديات في منتصف التسعينيات إلا أنها تمكنت من تجاوز هذه المرحلة بنجاح بسبب امتلاكها بنية صناعية قوية حافظت على توازنها الاقتصادي واستعادت عافيتها الاقتصادية وتمكنت ماليزيا من الوصول إلى المرتبة ال(16) عالمياً في النمو الاقتصادي. الدخل القومي لهولندا الدولة الأوروبية التي لا تزيد مساحتها عن (41526) كيلومتراً مربعاً يزيد عن الدخل القومي لدول أفريقيا مجتمعة بمائة مليار دولار !! والدخل القومي لأسبانيا التي لا تزيد مساحتها عن (505.990) كيلومتراً مربعاً ضعف الدخل القومي للدول العربية مجتمعة رغم ما تمتلكه دولنا العربية من ثروات نفطية هائلة، إضافة إلى التباين في نسبة البطالة وهي في كلا الحالتين لصالح هولندا وإسبانيا التي تكاد أن تكون البطالة فيهما منعدمة بينما في الدول العربية والافريقية تتجاوز نسبة البطالة 40 % فما هو السر في كل هذا التفوق؟؟! عندما نتذكر الطاحون الهولندي والماتادور الإسباني سنعرف أن الصناعة هي سر كل هذا التفوق. أي استثمار صناعي أو سياحي لايمكن أن يتحقق مالم تتوفر البيئة الجاذبة له والتي تبدأ بالتشريع القانوني الذي يوفر مزايا أفضل مما هو مقدم في الدول الأخرى ويوفر الحماية القانونية للمستثمر للإطمئنان على أمواله عند أي نزاع أو خلاف تجاري وهو ماتحقق بعد صدور قانون الاستثمار الذي منح المستثمر مزايا عدة أهمها المساواة بين المستثمرين اليمنيين والعرب والأجانب وأعطى للمستثمر العربي والأجنبي الحق في تملك الأرض والمباني لاستخدامها لأغراض الاستثمار وحرم القانون تأميم المشروعات والاستيلاء عليها ومنح القانون إعفاء الموجودات المستوردة لإقامة أو توسيع أو تطوير المشاريع الاستثمارية من الرسوم الضريبية والجمركية والإعفاء من ضرائب الأرباح لمدة سبع سنوات إضافية للتوسعات رغم ما ألحقته هذه الإعفاءات من أضرار كبيرة في الإيرادات وحرمان خزينة الدولة من الرسوم الجمركية والضرائب وتلاعب بعض المستثمرين في مشاريعهم الاستثمارية وتوريد بضائع بغرض التجارة تحت غطاء قانون الاستثمار. إلا أن مشاكل عدة مازالت تعترض الاستثمار والمتمثلة بالأعمال التي تتم خارج القانون سواء في الإجراءات المتبعة في الحصول على التراخيص أو في المنازعات التي لاتجد لها حلولاً سريعة في المحاكم. تتسارع الخطى باتجاه انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية وهو مايعني دخول المنتج الوطني في منافسة غير متكافئة مع المنتج الخارجي سواء من حيث تكاليف الإنتاج والرسوم والضرائب المفروضة على المنتج الوطني أو من حيث الجودة والذي تعززه ثقافة (عقدة الأجنبي) هذا التحدي يتطلب صناعة الوعي بأهمية المنتج الوطني وتعزيز الثقة به وجعل التعامل مع الصناعة الوطنية جزءاً من الولاء الوطني، وعلى الطرف الآخر المستثمر والمُنتج تقع مسئولية أكبر في تعزيز هذه الثقة وهذا الولاء عبر تحسين الجودة والمساهمة الاجتماعية في المجالات المختلفة التي تلامس هموم ومشاكل المجتمع. صناعة شعبية وأنا أتذوق الجبن البلدي في (البوفية) التي أُعدت للتعريف بالمنتج الوطني تذكرت ذلك الطابور من النساء والرجال الذين يفترشون الطريق في منطقة هجدة يعرضون منتجاتهم من الجبن ومافكر به أحد الأصدقاء (يعمل في صنعاء) عندما أقدم على عمل صناديق صغيرة في البقالات وقام بتوزيع الجبن (الهجدي) بعد تغليفه بشكل جيد وحقق نتائج طيبة في ذلك، فهل نفكر بالصناعات الصغيرة والشعبية كبداية لإيجاد نهضة صناعية مادامت الصناعات الثقيلة بعيدة عن قدراتنا؟! (*) رئيس تحرير موقع اليمن السعيد الأخباري