البعض يهوّل ويعظم من حجم بعض الأحداث والقوى التي تقف خلفه, وقد يكون السبب الموضوعي في ذلك التهويل درجة القلق التي يشعر بها المؤمنون بالشراكة, حرصاً منهم على المصالح العامة. ولكن ما هي ردود الفعل لدى القوى الهمجية التي تقف خلف الأحداث, بمجرد أن تدرك أن الخيرين والوطنيين قد شدّهم القلق على المصالح العامة تزداد عتواً ونفوراً ظناً منها بأن الأمور قد انهارت لصالح تفكيرها الهمجي؟! دون أن تدرك بأن الوهم الذي تعتقد تلك القوى بأنه واقع, لا يمكن أن يقبل به الناس وسيرفضوه جملة وتفصيلاً, لأن وهم الواقع الذي تعيشه تلك القوى الكيدية لا يمثل الإرادة الكلية، ولا ينسجم مع المنطق والواقع المجتمعي؛ لأنه نابع من وهم قوى ظلامية لا تؤمن بالشراكة والحياة الجماعية القائمة على العدل والمساواة. ولأن الجانب العنصري الوهمي واضح في ذلك الوهم الذي افترضته تلك القوى واقعاً؛ فإنه يظهر مبيتاً من اللحظة الأولى لظهوره الشيطاني ومقاوماً من كل الناس بمختلف فئاتهم وشرائحهم الاجتماعية، ومادام الأمر كذلك؛ فلماذا لا يعود هؤلاء إلى الرشد والحكمة؟. إن إدراك الواقع والانطلاق منه نحو صنع آفاق المستقبل هو البداية الصحيحة والعملية لتحقيق النجاح؛ على اعتبار أن هذا الأسلوب العملي قد تجاوز الوهم وخيالاته، وعاش الواقع بفضاءاته الرحبة وقرب من مصالح الناس، وآمن بالشراكة المجتمعية، وأيقن بالتعايش مع الآخرين، وأدرك أن التداول السلمي للمواقع أياً كانت لا يتم عبر التفكير الجهوي الفئوي العنصري وإنما عبر الإرادة الكلية للمجتمع. وقد أعد علماء الاجتماع السياسي ظهور هذا التفكير في الفئات السياسية والنخب المجتمعية ظاهرة صحية ترشد العقل السياسي وصانع القرار السياسي إلى الفعل النافع الذي يحقق الخير العام ويصون كرامة الإنسان ويحقق أحلام الإنسانية في الحياة الآمنة والمستقرة. وبناءً عليه فهل النخب السياسية في البلاد متواضعة إلى هذا الحد الذي يحقق الخير العام؟!. ذلك ما نأمل في حركة الفعل السياسي خلال الراهن بإذن الله.