إن الحديث عن المستقبل الآمن لا يأتي إلا في ظل الأمن والاستقرار، ولا يتم ذلك إلا في ظل احترام الإرادة الكلية للشعب التي ترفض الانقلاب على الشرعية الدستورية وتحافظ على التجربة الديمقراطية والتعددية السياسية وتصر على أهمية المشاركة السياسية التي تغلّب المصالح العليا للوطن على المصالح الذاتية وتؤمن إيماناً راسخاً بأهمية الرأي والرأي الآخر وتقبل بالتعايش مع الغير في حدود الثوابت الوطنية والدستورية. إن القوى السياسية القائمة على التعبئة العدوانية ورفض الآخر لا يمكن أن يكون لها قبول في ساحة الفعل السياسي الوطني مالم تعد قراءة الواقع قراءة موضوعية وعلمية وتعيد ترتيب أوراقها السياسية وتهذب خطابها السياسي والإعلامي والديني وتنبذ التطرف والإرهاب وتخاطب الشعب بأدب واحترام لأن المرحلة المقبلة تحتاج من كل القوى السياسية الفاعلة إلى الفعل الوطني الذي يجسد الوحدة الوطنية ويعزز العمل السياسي الملتزم بالدستور والقانون ويرسخ مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة والمباشرة من خلال صناديق الاقتراع. إن المرحلة السياسية المقبلة بحاجة إلى تعزيز روح الحوار والتفاهم والشراكة الفاعلة في الحياة السياسية والبعد عن المناكفات والمكايدات العدوانية لأن الأجواء الآمنة والسليمة تحتاج إلى لغة الوئام والتسامح والتصالح وإغلاق ملفات الماضي وفتح صفحة جديدة مع شعب الإيمان والحكمة. أما التمترس خلف الأوهام والأحقاد والكراهية ومحاولات الانتقام من الشعب فإن ذلك لا يمكن أن يخدم العملية السياسية القادمة لقد صبر الشعب على الكذب والزيف والاستهانة بالإرادة الكلية والعبث بمكتسبات الثورة والوحدة بما فيه الكفاية وينبغي على القوى السياسية التي سلكت طريق الشر أن تعود إلى رشدها السياسي وأن تدرك بأن التغيير سنة من سنن الكون ولا يتم إلا عبر الوسائل المشروعة وعبر إرادة الشعب من خلال الانتخابات الحرة والمباشرة وأن تعد نفسها من اجل مخاطبة الشعب باحترام بدلاً من استخدام القوى لتركيعه. وقد حان الوقت لفرض هيبة الدولة وسيادة الدستور والقانون على الجميع من اجل الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن بإذن الله.