فتحت اسرائيل على نفسها النار من كل اتجاه، وكانت الكلفة الأولى مع انطلاق اسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة، فالقيادة الاسرائيلية اعتقدت أن التهديدات للنشطاء من عدة جنسيات وأكثريتهم من الأتراك ستجعلهم يتخلون عن المضي في الرحلة الإنسانية التي جمعوا لها أطناناً من المساعدات الغذائية والأدوية والمعدات ومواد البناء. وعندما يئس ايهود باراك وضباطه ومخابراته عن أثناء هؤلاء الذين جاهدوا الله والضمير العالمي الذي يمثلونه أقدموا على فعلتهم النكراء التي لم يكن أحد حتى من أصدقاء اسرائيل يتصور بأن يصب الكوماندوز الاسرائيلي الرصاص بمعدل ثلاثين رصاصة لكل تركي سفينة مرمرة مباشرة ومن مسافات قريبة كما أكد الطب الشرعي التركي. بل لقد أكد ناشط إيرلندي ظهر وهو مضرج بالدماء وسلبه الإسرائيليون كل شيء أنهم فوجئوا بالهجوم المباغت ومن عدة أنواع من الأسلحة ولم يقاومهم أحد بالمفهوم الذي سوقه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي،وأضاف إليه رئيس الوزراء نتنياهو بزعمه أن الإرهابيين فقدوا أماكنهم داخل السفينة وبدأوا بتهديد حياة جنود البحرية الاسرائيلية مما اضطرها إلى الدفاع عن النفس كالعادة في سلسلة الأكاذيب الاسرائيلية التي لاتنقطع ولا تجد مشكلة في الظهور بهذا المظهر أمام الرأي العالمي بعد كل جريمة تخترع لها التبريرات قبل ارتكابها وما كل مرة تسلم الجرة كما يقول المثل العربي. فشهادات النساء والرجال والأطفال الذين كانوا ضمن قافلة الحرية أثبتت أن الاسرائيليين كذبوا ثم كذبوا حتى صدّقوا أنفسهم وفي النهاية رأى العالم وسمع الحقيقة التي هيجت الجماهير في عواصم أوروبا وأمريكا وغيرها من المدن العالمية فخرجت المظاهرات حتى في تل أبيب تدين المذبحة وتطالب بالتحقيق المحايد الدولي وبالمحاكمة وقبل كل ذلك فك الحصار، وبدأ التسجيل في كل مكان للمشاركين في قافلة الحرية رقم (2) والتي ذكر أحد المنظمين وهو البرلماني البريطاني المعروف جورج جالوي أنها ستكون من عشرات السفن ومئات آلاف الناشطين والوصول إلى غزة مهما اعترضتهم الشراسة والقرصنة الاسرائيلية. أبواب الحرية فتحت الآن على مصاريعها، وفي الظاهر أن الأنظمة والحكومات لن تستطيع الحيلولة دون إتمام المشروع الشعبي العالمي الذي عنوانه «لنكسر الحصار عن غزة بأي ثمن» نعم هم مستعدون لبذل أرواحهم من أجل شعب حوصر بشكل كامل وتقترب كارثته الإنسانية من الرقم الذي لم يحدث له مثيل في التاريخ من الإمعان في الإبادة والسير فيها حتى ينتهي هذا الشعب عن بكرة أبيه. أحرار العالم أخذوا على عاتقهم مواجهة اسرائيل بالعمل والتضامن الإنساني وليس بقوة السلاح الذي يتفاخر به قادة إسرائيل أمام العرب الضعفاء معنوياً وعسكرياً وتكنولوجياً، ففتحوا الأبواب لمن ينضم إليهم والراغبون في ذلك كثر رجالاً ونساء وعلى الباغي تدور الدوائر.