لا يعيب - إطلاقاً - الحديث عن الهموم والمشكلات والغوص في كثير من تفاصيل أمورنا ومنغصات حياتنا بوضوح وشفافية، وأن نرتب أوراقنا فوق الطاولة لا تحتها. هذه المسائل مهمة وتؤكد الحرص والمسئولية على تجاوز العثرات وتجنب القصور وتصحيح الأخطاء أينما وجدت, بل هي - كما أعتقد – ضرورة تتطلبها اشتراطات التطوير. نعم هناك الكثير من القضايا يتوجب ملامستها, وهناك مواضيع يمكن أن تعالج بمشرط التنسيق والنقاش والتحاور, فعندما يتم إغفالها وتطول الفرجة عليها وينخر التقاعس في معالجتها تتضخم شيئاً فشيئاً، فيكتنفها الغموض وتكبلها أسوار الوهم الشائكة. من هذه الموضوعات والقضايا التي يثار حولها الجدل والنقاش في بعض المحافظات وخصوصاً في حضرموت قضايا العمالة في الشركات النفطية وخلق فرص عمل ومعيشة، وإتاحة المجال للمشاركة في الأعمال الإنشائية والمهنية والخدمات النفطية التي تتناسب وقدرات المؤسسات والشركات المحلية وبما يسهم في تحريك الحياة المعيشية وتبادل المنافع والفوائد المشتركة، بالإضافة إلى التزام الشركات النفطية العاملة بتنفيذ مشاريع التنمية الاجتماعية في مناطق امتيازها وتقيّدها بحماية البيئة وإجراءات الأمن والسلامة الكفيلة بضمان عدم حدوث أي ضرر بيئي في مناطق نشاطها وعملها النفطي الاستكشافي والإنتاجي ونحوها. وهي قضايا تم تناولها واستعراضها بالنقاش والحوار في اللقاء المشترك الموسع الذي عقد في مدينة المكلا مطلع هذا الأسبوع وجمع قيادة وزارة النفط والمعادن والمؤسسات والهيئات التابعة لها وقيادة السلطة المحلية في حضرموت مع رؤساء وممثلي الشركات النفطية العاملة في المحافظة بمشاركة أعضاء مجلس النواب ورؤساء الوحدات الإدارية في المديريات التي تعمل فيها الشركات وكوادر أكاديمية ومهنية.. وهو اللقاء الذي ما كان ليُعقد بذلك المستوى لولا التوجيهات الكريمة لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية خلال زيارته الأخيرة لمحافظة حضرموت بعد استماعه كثيراً من الشكاوى والمطالب التي تم طرحها في غير لقاء جمع الرئيس بقيادات محلية وشرائح اجتماعية ومواطنين عاديين. ولهذا فإنني أرى أن انعقاد ذلك اللقاء الموسع والذي ترأسه معالي وزير النفط والمعادن الأستاذ أمير سالم العيدروس مؤشر إيجابي وتأكيد ثابت على اهتمام حكومي واضح بمعالجة أية قضايا أو مطالب تهم المجتمعات المحلية وإزالة كافة الإشكاليات والمنغصات التي قد تطرأ لضعف التنسيق وعدم الفهم للآليات واللوائح وبما يسهم في تطوير أنشطة وأعمال الشركات النفطية, وهو الأمر الذي يتوجب الاستفادة من المناخات الطيبة والحوارات الإيجابية التي سادت هذا اللقاء ومواصلة ومتابعة نتائجه وترجمتها إلى الواقع العملي. والأهم من هذا أن تستفيد الشركات النفطية من الملاحظات والأطروحات التي تمت إثارتها في هذا اللقاء وخاصة في تعزيز علاقاتها وصلاتها بالمجتمع المحلي، وأن تتجاوز بعض العثرات من خلال الاختيار الجيد والأمثل لكوادرها الذين تناط بهم معالجة بعض القضايا، وأن يكونوا على قدر عالٍ من المسئولية في أداء المهمات والتمثيل الجيد لشركاتهم دون أن يقدموا صورة مغايرة وسلبية عن مناشطها الإنتاجية والتقليل من مجهوداتها وإسهاماتها في التنمية المحلية..ولعلنا نذكر في إشارة أخيرة ملف إنشاء مراعي الأسماك القاعية في منطقة ضبة الذي ستنفذه شركة كنيديان نكسن بتروليم تعويضاً للصيادين المحليين عن افتقادهم موقعهم الطبيعي الغني بالأسماك بالقرب من موقع ميناء ضبة النفطي الذي أصبح الاصطياد أو الاقتراب في هذا الموقع الذي يعرف محلياً ب “بالقشار أربعين” محظوراً بعد التفجير الإرهابي الآثم الذي تعرضت له الناقلة الفرنسية (لمبيريج) وهو مشروع له أهمية معيشية واجتماعية كبيرة، وقد تأخرت كثيراً عمليات تنفيذه، ورحّل لعدة سنوات مضت دون أن يحدد موعد للشروع في إنجازه؛ الأمر الذي أدخل السلطات المحلية والجمعيات السمكية في موقف لا تحسد عليه.. وباختصار شديد يحتاج تحريك هذا الملف من خلال الاختيار الأنسب للكوادر التي تحمل دفته وخاصة من جانب الشركة النفطية المذكورة، ونعتقد أن ذلك سيكون الأجدى في التسريع بتنفيذ هذا المشروع الحيوي، كما أنه سيكون ثمرة ناجحة لذلك اللقاء التنسيقي الموسع.