ملوك ومملكات وسلاطين وسلطنات ورؤساء وجمهوريات وأمراء وإمارات تمر عليهم العقود والقرون في حالات من الاستقرار الظاهر ولا يكون هذا الاستقرار دليل عافية أو سيادة عدل أو شهادة خلو من الأمراض الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعتور المجتمعات .. كما أن أنظمة حكم وممالك وجمهوريات وملوك ورؤساء وحكام بل وخلفاء راشدين تمر سنوات حكمهم وولايتهم سواء قلت أم كثرت في حروب ونزاعات ومواجهات لا تكاد تنتهي ولا يكون ذلك دليل ظلم وقهر وفساد .. *** ربما كان المثل الأقدم لمثل هذه الحالة الأخيرة هي فترة الخليفة الراشد العظيم سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فمن ذا الذي يشكك في عظمة إمام الأتقياء الخليفة الزاهد باب مدينة العلم ومن ذا الذي يشكك في عدله وعلمه وحزمه وعزمه بل ورحمته ومع هذا فقد مرت فترة حكمه في حروب انتهت باستشهاده على يد أشقى الخلائق بن ملجم .. خرج على سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه وحاربه من جعلهم الله فتنة لمن عاصرهم من الصحابة والمؤمنين بدءً بأم المؤمنين وأحب نساء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إلى قلبه الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها مروراً بالمبشرين بالجنة سيدنا طلحة والزبير مروراً بجيش الصحابة بقيادة معاوية رضي الله عنه وانتهاء بفرق الخوارج الذي انتهت خلافته بقتله على يد أشقاهم .. *** إن الروع الذي يخلقه الخارجون عن أي نظام وتعدد صور الخروج وتعدد صفات الخارجين لاتجعل الإنسان يسقط من يده التمسك بالحق الذي ألزمنا به الشارع الحكيم .. واليقين بأن المؤمنين ملزمون بالسمع والطاعة ولو تأمّر عليهم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة .. وبالسمع والطاعة مالم نر كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان .. وبالسمع والطاعة ..ما أقيمت الصلوات .. وبتجنب الفتنة ومحاربة الداعين لها .. *** نحن لا نقول بعصمة الحكام ولا بعصمة أنظمة الحكم التي ندعو المؤمنين إلى عدم الخروج عليها مالم يروا كفراً بواحاً .. بل ونؤكد أن أنظمة الحكم كل أنظمة الحكم يعتورها الكثير من النقص والقصور ويتفاوت هذا النقص والقصور بين نظام وآخر .. وكذلك هو حال الحكام في هذه الأنظمة .. ولكن نقول : إنه في فترات الفتن والتكالب العدواني على أنظمة الحكم العربية والإسلامية - وفيها نظام حكمنا - يجب على كل مؤمن أن يقف موقف الإيمان الذي يجعله مسئولاً عن كل قطرة دم تراق بغير حق .. والفتنة أكبر من القتل .. وعلينا أن نتذكر دوماً .. حكم الشعر: إذا كنت في كل الأمور معاتباً ** صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها** كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه نحن كمؤمنين مسئولين عن أوطاننا وشعوبنا وديننا وسلامنا الاجتماعي .. وحتى لا يختلط الحق بالباطل ويوهمنا البعض أن علينا أن ننفض أيدينا عن أنظمة الحكم فقط لمجرد أن المفتونين قد أجمعوا على الإجهاز عليها ،فليس هذا هو القياس .. وليس الحق برفع الأصوات ولا بالاستقتال لتدمير كل شيء، فتلك هي فتنة الخوارج وزيغ المفتونين ..منذ عهد الرسول والصحابة حتى يوم الناس هذا .. والأصل الثبات على الحق . “يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله مايشاء ..”