مع نهاية العام الماضي صدر القرار الجمهوري بالقانون الخاص بالتدوير الوظيفي بعد مرور بالمراحل التشريعية والإعدادية وإثرائه بالمناقشات والاقتراحات ، وحدد القانون فترة زمنية ستة أشهر للانتقال بالقانون إلى مرحلة التنفيذ مع إعداد اللائحة التنفيذية الخاصة بالقانون. القانون بكل مواده نافذة أمل وفاتحة خير للانتقال بالقرار الإداري من الهيمنة الشخصية على مساراته ، والمزاجية في التعيينات إلى إطار آخر يحكمه القانون ، ولائحته التنفيذية تمكن المتضرر من عدم الحصول على حقه القانوني في التعيينات والترقيات من اللجوء إلى القضاء لاستعادة حقه وإعادة الحق إلى موضعه الطبيعي. صحيح أننا نمتلك من القوانين في مختلف المجالات مايحسدنا عليه الآخرون ، لكنها ظلت حبراً على ورق ولم تشهد مواد هذه القوانين المتعلقة بحقوق المواطن والموظف طريقها للتنفيذ إلا أن شيئاً أفضل من لا شيء، وقانون في الأدارج خيرٌ من بقاء هذه الأدراج خاوية حتى يقيض الله لهذه الوزارة أو تلك من يفتح هذه الأدراج ويأخذ بهذه القوانين كأداة فاعلة في إدارة وزارته والمؤسسات التابعة لها. مرافق حكومية يقف على رأس هرمها الإداري أشخاص قضوا فيها عشرات السنين ومازالوا، aوأذكر هنا عجيبة من عجائبنا نحن اليمنيين حيث توفي أحد مدراء المدارس قبل سنوات مما دفع بالإدارة التعليمية لأن تأتي بأحد أبنائه ليتولى إدارة إحدى المدارس وفاءً لوالده. نشكو من الفساد ونطالب بمحاسبة الفاسدين في الوقت الذي نبذر بذرته الأولى عند تعيين شخص غير مؤهل ولايمتلك القدرة ولا الكفاءة في إدارة نفسه قبل إدارة غيره من البشر ، ومهما كان نزيهاً فإن لوبي الفساد يتمكن منه فيصبح ألعوبة في يديه أو ينساق معه مجبراً .. النزاهة وحدها لاتكفي والكفاءة والخبرة وحدها خطر أشد لأنها تجعل الفساد مقونن بخبرة وكفاءة. تغيب معايير التعيين المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية ، وشخصنة الوظيفة العامة زادت من العبء على الهيكل الإداري للدولة وإعادة تفعيل قانون الخدمة المدنية فيما يخص التعيينات والترقيات سيقدم حلولاً قانونية لإجراءات التعيين بدلاً من انتظار السراب. من المسئول عن إعاقة تنفيذ قانون التدوير الوظيفي ولماذا تأخر تنفيذه .. هل للمتنفذين وأصحاب المصالح دور في ذلك؟! بالتأكيد نعم لأن هذا القانون سيجفف عليهم منابع كثيرة كانت تدر عليهم أموالاً طائلة أثناء التعيينات وبعدها أو في التوسط للإبقاء على عناصر الفساد في المرافق الحكومية. القانون يحوي في مواده ترتيبات رائعة ومميزة يمكنها تصحيح الاختلالات الإدارية ووضع حداً للفساد وربط المدير والإداري بالقانون والمؤسسة المعين فيها بدلاً من ربطه بالمتنفذين والوسطاء ليتحول ولاؤه للوطن والعمل بدلاً من الولاء للأشخاص.