مثلما يعتبر نظام الحكم في الإسلام الخروج عن الحكم بغير مسوغ شرعي كامل الوضوح شقاً لعصا الطاعة ومفارقة للجماعة ويوجب قتال ومواجهة الخارجين حتى لو كانوا سادة الخلق، فإنه يعتبر الحاكم واجب الطاعة حتى لو كان عبداً حبشياً كأن رأسه زبيبة مالم يخرج عن حقائق التشريع الإسلامي إلى الكفر بالإسلام ومخالفة المعلوم بالضرورة من أحكامه التي لا يقبل معها أي تأويل.. وليس هناك تفريق بين حاكم وحاكم، ولا بين خارج عن الحكم وخارج إلا وفق منظور الإسلام وأحكام الشرع الإسلامي التي يعلمها المؤمنون. إن المجرم هو المجرم، والجريمة هي الجريمة والخروج عن الحكم الذي ائتلف عليه الناس هو الخروج.. ولا يصبح المجرم معارضاً سياسياً مقدساً عن المساءلة، لأن بعض القيادات السياسية مثلاً تعطيه هذا الوصف. كما أنه لا يكتسب وصف المجرم إلا عندما تمنحه أمريكا وسام الإرهاب !! فقط وتجعله علماً يستوجب الاستهداف.. فهذا أمر لا يقبله أحد من المؤمنين. وبالتالي فإن ما يجب أن تعتذر عنه الأجهزة الأمنية هو هذا الكيل بمعايير مختلفة.. فالناس لا يفهمون كيف يكون التعامل مع من ينتسب إلى القاعدة من المجرمين مختلفاً عن مجرم أشد ضراوة ودموية وحقداً على المسلمين لكنه ينتسب إلى ما سمي ب «الحراك» مع أن الأخير يمارس أبشع أنواع الجرائم من قطع طريق وقتل الأبرياء والتنكيل والتمثيل بأبناء اليمن المؤمنين. في الفترة الأخيرة قرأت حديثاً للعميد ثابت جواس الذي يقوم بدور كبير في معالجة الاختلالات الأمنية في مديريات ردفان وقد تحدث عن موقف بعض عناصر المعارضة التي تدافع عن الخارجين بالسلاح على أفراد المواطنين فقال مستنكراً: “هم يقولون إن الحراك سلمي، وأن على السلطة ألا تقمعه، وعندما قُتل ثلاثة من أبناء القبيطة في منطقة العسكرية اتهموا السلطة بالتباطؤ والتخاذل.. وقالوا: لماذا لا تقوم الدولة بضبط الجناة؟!”. وقال: «هم يتهمون السلطة بالتسيب والتغاضي عن ملاحقة المجرمين وقطّاع الطرق، وعندما تقوم الدولة بدورها يولولون ويتهمون السلطة بقمع الناس، بل يجعلون من المجرمين دعاة حقوق وحريات!!». مكايدات نعم.. والأجهزة الأمنية لابد أن تقوم بواجبها تجاه أمن واستقرار البلاد في مختلف المحافظات، ومن الحكمة أن تسارع بعض قيادات المعارضة وغيرهم من العناصر الخارجة عن القانون إلى إعادة تصويب مواقفها والتخلي عن عنادها ومكايداتها بحيث تتحول إلى قوة إيجابية تستهدف البناء لا الهدم. ونحن إذ نضم أصواتنا لمثل هذا الصوت المميز الصادق نقول مع جميع الناس إن ما يجب أن تعتذر عنه الأجهزة الأمنية والحكومة بشكل عام ليس هو مواجهة الخروج الدموي بكل الوسائل الكفيلة بوضع حد للفتنة؛ ولكنها يجب ان تعتذر عن هذه السلبية في مواجهة البعض من الخارجين الدمويين تحت شتى التبريرات والتأويلات، واعتبار اعتراض البعض على مواجهة الخارجين عن القانون بتأويلات فاسدة مانعاً لها من الحزم في المواجهة. ولا شك أن توفير العدل وضبط المستبيحين لحقوق الناس من أصحاب الجاه والنفوذ واجب أساس ومكمل لترسيخ دعائم الحق والعدل في البلاد حتى يأمن الناس على أموالهم ودمائهم ومعايشهم. والمجرمون هم المجرمون سواء جاءوا بمسوح رهبان أم بقرون شيطان.