عصابة حوثية تعتدي على مواطن في إب بوحشية مفرطة    الارياني: الأسلحة الإيرانية المُهربة للحوثيين تهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح العالم    ما هو شرط زيدان لتدريب فريق بايرن ميونيخ؟    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاهيم وقضايا واتجاهات في الدين والفكر والسياسة
الشيخ محمد المهدي يتحدث ل « الجمهورية » حول:

الشيخ محمد المهدي من أبرز مشايخ السلفية في اليمن إن لم يكن أبرزهم على الإطلاق، ولا يخفي نسبته هذه ولا يخفي موقفه تجاه كثير من الاتجاهات والجماعات الإسلامية لا سيما الصوفية باعتبار أن فيهم كمايرى مبتدعة وقبوريين وغيرهما من الأوصاف التي نجدها لدى السلفية. كما أن له مواقف من الفرق المختلفة زيدية أو اثنى عشرية، ومواقف من القوى والاتجاهات السياسية والفكرية .. يحسن بنا أن نقف عليها بنوع من التأمل والتوسع في مواجهة مواقف تقدم نفسها كمواقف محبة للسلفية والصوفية معاً مع تقدير للشيخ المهدي السلفي رغم خلافه في بعض الجوانب مع الصوفية وغيرها . خصوصا من أولئك الذين يرون أن حسن البنا قد أحسن في تعريف حركته التي يرى البعض أنها لم يعد لها الآن وجود على التحقيق بأنها حركة سلفية صوفية ولم يجد تعارضاً بين الاثنين كما يجدها الآن من يتسمون بالإخوان المسلمين، ويدعون نسبتهم إلى الإمام البنا أو كما يجدها من يقدمون أنفسهم كسلفيين. .عموما فكل هذه القضايا وغيرها وضعناها بوضوح أمام الشيخ محمد المهدي في مقابلة موسعة ننشر منها هنا مقتطفات .
وأول ما يمكن أن نضعه بين يدي الشيخ .. هذه الأسئلة العامة.
. في بداية لقائنا بفضيلتكم هل تستطيع أن تلخص لنا الوضع اليمني العام من وجهة نظركم في سطور من حيث القوى الفاعلة فيه والى أين تتجه ؟
- الوضع في اليمن ببعض صوره يتجه نحو مخاطر نتخوف منها. لاسيما وان المعارضه ليس لها موقف تَغفل عن جوانب وتُولي اهتمامها جوانب أخرى..وفي بعض مواقفها غموض ومكايدة. ومن صور الأزمة: مشكلة الحوثيين، والحراك ، ومواقف تنظيم القاعدة. وشكاوى الفساد المستشري، وكذلك أزمة الحوار بين الحكومة والمعارضة وعدم وصوله إلى نتيجة واضحة.
.. لماذا لم تذكروا الصوفية أليسوا قوى فاعلة ومؤثرة في الناس تماما كالسلفية وإن لم يكن لهم دور سياسي حتى الآن؟
- الصوفية لهم أتباع في عدد من المناطق ولكن لأنهم مقبولون في السياسة المحلية والعالمية. قد كان مسكوتاً عنهم بالإضافة إلى انطوائهم بعيداً عن العمل السياسي.. للسلامة من الأخذ والرد إلا من دخل حزب المؤتمر كالشيخ محمد مرعي. أو من كان منهم مشاركاً في أفراح وأحزان الأمة..وأما السلفيون أظهر أثرهم رغم انطواء مجموعة منهم الإعلام الصليبي والعلماني والشيعي من خلال الهجوم الثلاثي الحاقد على صفاء عقيدة أهل السنة والجماعة فبرزوا مدافعين وكان لهم آثار في الواقع أكثر. ولا شك من حيث الوجود للصوفية في كلية مرعي ودار المصطفى في تريم وعلماء جامعة الأحقاف وأربطة أبي بكر المشهور وغير ذلك هذه ليست محل قلق العلمانية والصليبية كمركز دماج في صعدة مثلاً.
. إذن فما هي الحلول في نظركم لكل هذه المشاكل .. ؟
- أما الحلول فهي تحتاج إلى وجود أهل الحل والعقد من العلماء والمفكرين والسياسيين المخلصين من جميع الأطراف، وهي مسؤولية الجميع ولن تنجح بطرف دون آخر. ومن هذه الحلول:
أولاً: تطبيق شريعة الله تجاه المتقطعين، والمفسدين في البلد وإقامة الحدود الشرعية.
ثانياً: التأكد من المظالم وردها إلى أصحابها. ورد المطالب الباطلة وكشف زيفها إذا كان يراد بها الانفصال.
ثالثاً: فتح المجال في الإعلام للعلماء لتوجيه الناس وتعريفهم أمور دينهم، والاستفادة من كل المخلصين والناصحين..
رابعاً: توضيح أخطار وأضرار بعض الأفكار الطائفية والفكرية لدى بعض الحركات والمذاهب: كدعاوى الانفصال ومنهج التفجير والقتل..وغيرها. لأن الحوثيين أو الانفصاليين إن اقتطعوا جزءاً من اليمن فإنهم لن يخدموا الدين والبلد، ولن يخدموا المذهب الزيدي ولا الشافعي أو الجهة التي يعيشون فيها..لأن الله تعالى نهى عن التفرق والتشرذم. وأنهم سيفتحون المجال لمن يقطع الطريق ويخوف الناس، ويتوسع الثأر في البلد..
خامساً: المواجهة لأي تدخل أجنبي يضر الدين والبلد ليدعم هذا الطرف ضد أطراف أخرى، والتحذير من مخاطره، وأخذ الحذر والحيطة..
سادساً: استمرار الحوار مع كل الخارجين بالسلاح على الدولة عن طريق الفقهاء والعلماء المتمكنين لأنهم هم الذين يملكون الحجة. لأن بعض الشخصيات الدعوية المشهورة بالفضائيات والصحافة قد لا تملك الحجة المقنعة لبعض الشباب المتشبعين بالمذهبية أو بمنهج التفجير والقتل..فيزيدهم صلابة وقوة. والكتابات الصحفية العشوائية الحاصلة لا تكفي، بل بعض الكتاب يفتح حلقات متسلسلة ومكرورة وتحريضية ضد العلماء والجمعيات وتاريخ الإسلام..لأنهم لم يعرفوا منهج الحوار الصحيح، ولم يخدموا بها الإسلام ولا مصلحة البلد وإنما يخدمون الغرب.
سابعاً: أن يوجه الإعلام التوجيه الصحيح، وأن يترك المجال للمخلصين والعقلاء من الكتاب. وأن يكون الإعلام داعياً إلى الحوار مع كل الأطراف . لأن بعض الصحفيين متناقضون حينما يدعون إلى الحوار مع الحوثيين ويرفضون الحوار مع شباب القاعدة..تبعاً لأمريكا كونها لا تريد الحوار مع القاعدة وتؤيده مع الحوثيين..فما الفرق بينهما إذا كان هذا لأجل مصلحة اليمن؟! فكلا الفريقين خرجا على الدولة بالسلاح. ونحن مع إيقاف الحرب لأجل الحوار. إلا من جعل السلاح والقتال منهجاً له فنعذر الدولة إذا استخدمت القوة. لكن بعض الصحفيين قرأنا لهم أن القاعدة تستحق الموت ولو سالموا!!. وهذا توجه لا يخدم البلد ويخدمون قناعاتهم وأهوائهم. فبعض وسائل الإعلام إلى الآن لم تؤد الدور المطلوب.
والخلاصة: الحل للقضاء على مشاكل اليمن يحتاج إلى تكاتف كل القوى الموجودة، والاحتكام إلى الشريعة الإسلامية، والاستفادة من كل أهل فن بفنهم وخبرتهم بدون مكايدات فإننا سنصل إلى الحل بإذن الله تعالى.
. دعني أعقب على بعض حديثك بنوع من الصراحة فأقول يمكن لقائل أن يقول إن حديثك عن تدخل خارجي مع عدم وجوده كأنه تبرير لأقوال القاعدة والحوثيين الذين يزعمون أنهم يحاربون أمريكا وإسرائيل وهم في الواقع يستبيحون دماء أبناء الشعب بهذا التبرير غير الصادق كما أن حديثك عن إقامة حدود الله ضد المتقطعين والمفسدين في الأرض لا يستقيم مع دعوة الحوار مع من تقول أنهم المغرر بهم فكيف نوفق بين هذا وهذا؟ كما أن البعض يرى أنك تهادن في القول عندما يتعلق بالقاعدة وتشتد في القول فيما يخص غيرها؟
- تطبيق الشريعة يقتضي إقامة الحدود في حق من وقع فيها، والحوار مع من لديه أفهام خاطئة، وقتال البغاة وارد وهم جماعة تخرج بقوة السلاح ولديهم تأويل فحقهم أن يحاوروا ويقنعوا وإن أصروا على الاستمرار في باطلهم قوتلوا من أي مذهب كانوا.. فالحوثيون والقاعديون مسلمون لكنهم معتدون على الأمن والسكينة فإن لم يرجعوا شُرع قتالهم. وأما دعوى الحوثيين والقاعدة أن أمريكا موجودة في البلد وأنهم يقاتلونها فهذا قول ينكره الواقع ويكذبه. فالقتل في صعدة والجوف وعمران وغيرها إنما هو للعساكر والقبائل المخالفة لهم والموافقة للدولة وليس للأمريكيين. وكذلك القاعدة قتالها في أبين وغيرها هو ضد الجنود المسلمين والأبرياء والعامة المسلمين وليس مع أمريكا. بل حتى لو دخل البلد كافراً أمريكياً مؤمَّناً فقتله حرام. فنحن بين من يقاتل المسلمين أو الكفار بغير حق. وبين من يعتبر الدفاع عن الدين والأرض والعرض جريمة وإرهاباً. والحق بين هذين الطرفين.
لكن المشكلة هي عند من يتناقضون فيدعون إلى الحوار مع اليهود والنصارى والرافضة ..لكن يرفضون الحوار مع القاعدة اقتداء بأمريكا التي رفضت الحوار معهم ثم اضطرت مع حلفائها في أفغانستان أن تطلب معهم الحوار. فعلى وكلاء أمريكا أن يحاوروا الجميع كما طلبت الحوار..فهؤلاء هم الذين جعلونا نشتد على من يمنع الحوار مع القاعدة لأن هؤلاء يريدون أن تبقى الفتنة مشتعلة، ويظل الصراع مفتوحا والبلد هو المتضرر.. ومن السهل أن يضيفوا إليهم من يخالفهم من خصومهم بأنهم من القاعدة لتصفية الحسابات. فأنا أشتد في الدعوة إلى الحوار مع القاعدة لأنه قد أثبت نجاحه مع كثير منهم.
ألا ترى أن بعض المشائخ خصوصا مشائخ السلفية يفعلون فعل الرهبان في تحليل الحرام وتحريم الحلال بتأويلات باهتة؟
وإلا فكيف تفسر أن هناك بعض أمور يفتي بحليتها البعض فيما يحرمها البعض..كالقات والسيجارة والشيشة وزيارة القبور للنساء والموالد والغناء والانتخابات والجمعيات والأحزاب وأشياء كثيرة مثلها؟
- هناك أمور أجمع المسلمون بل البشر على أضرارها كالدخان والمخدرات وسائر المسكرات. والصوفيون جزء منهم. ومقتضى الأدلة تحريم كل مضر. وكل خبيث وهناك أمور لا يحرم لذاتها وإنما لكونها أحياناً سبباً لترك الواجبات كأكل القات في أوقات الصلوات والإسراف بثمنه وإذا أضر بالصحة ومن هنا يحصل خلاف في حدود تلك المفاسد والأضرار ومن حرم القات لذاته فذلك بناء على ما يسمع عنه ربما بصورة مبالغ فيها. وأما المحرمون للجمعيات الخيرية أقلية ولا شك في خطأهم وتسرعهم. وأما الانتخابات فهي باعتبار ما هي وسيلة إليه والجائز ما كان وسيلة إلى واجب أو مباح كغير المجالس التشريعية، وفي المجالس التشريعية فينبني الحكم على تقدير المصالح والمفاسد. فهناك من يرى تغيير الظلم أو تخفيفه فتنطبق عليها قاعدة(الوسائل لها أحكام المقاصد) فهي مسألة اجتهادية. وأما زيارة القبور للنساء فهو محل خلاف بين العلماء فهناك من أدخلهن تحت عموم الإذن بالزيارة، وهناك من احتج بما ورد في المنع لهن..وهي مسألة خلافية قديمة في المذاهب الأربعة وليست خاصة بالسلفيين. وهكذا المسائل الخلافية بين العلماء فيما تحتمله النصوص. والسلفيون لهم سلف من الأئمة. وأما التحريم هنا من حيث الجملة لم يكن تحريماً بعد ثبوت حليته بالأدلة القطعية. وإنما جاء القول بالتحريم بالاجتهاد في هذه المسائل بناء على ما تفضي إليه من ذرائع فأخذت حكمها. فهناك فرق بين تحريم الرهبان والأحبار للشيء بعد ثبوت الحلال بما هو معلوم ضرورة، أو استحلاله بعد ثبوت تحريمه بالدليل القطعي. وبين الحكم به بالتحليل والتحريم لوجوه تحتملها النصوص الظنية وفيها اجتهاد.
. تعتبر من شيوخ السلفية القلائل بل الأبرز الذي يتعاملون مع الشأن السياسي والشأن العام بانفتاح ولهم حضور مميز ما السبب وراء ذلك ؟
- هذه قناعتي بأن الإسلام يدعو إلى الاهتمام بهذا الجانب ومعرفته، وفيه عناية بشأن المسلمين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :(مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) فلا يمكن للمسلم أن يعيش بعيداً عن مجتمعه وواقعه. وإذا وجد من لا يتابعون الشأن السياسي فقد يكون مشغولاً بجوانب أخرى يرى أنها تنفع المسلمين وخيرها أكثر، وأن هذا هو ما يحسنه. كالتعليم، والعمل الخيري، والتأليف..وهناك من يكون عنده قصور ولا يرى للعمل السياسي أهمية بجانب ما يعمله ويقتنع به من المنافع العامة. ومن الناس من يوفقه الله للجمع بين كل أبواب المصالح العامة وأبواب الخير.
.. هل يمكنك أن تعطينا نبذة عن الحوثية ومرجعها الروحي الذي أعلن نبأ وفاته؟
- قال .. الشيخ ..
أولا أسأل من الله تعالى أن يرحم الشيخ بدر الدين الحوثي ويغفر له..وهذا حقه علينا وإن اختلفنا معه لأننا جميعاً مسلمون. ولا يمنعنا بغضه لأهل السنة وشدته عليهم من أن ندعو له بالرحمة.
ثم أنني لم ألتق بالشيخ بدر الدين الحوثي..لكن قرأت له بعض كتبه ورسائله مثل: تحرير الأفكار، ومائة خطبة، والرد على فتاوى الحجاز، وزيارة القبور، ومفاتيح أسانيد الزيدية، وأحاديث الزهري، وإرشاد الطالب إلى أحسن المذاهب، وشد الرحال، والرقى، والذرية المباركة، وحواره في صحيفة الوسط. وقرأت حواراً لتلميذيه كرشان والشريف من الجوف وقد تحولا إلى مذهب الإمامية نشرته صحيفة الديار. فخرجت بتصور عن الشيخ بدر الدين الحوثي بأنه عالم زيدي كبير، وأفهم من كلامه أنه زيدي وليس اثني عشرياً لأنه يرى الإمامة في البطنين على قاعدة الزيدية ولم يحصرها في اثني عشر إماماً ، ثم تناول الشيخ من مكتبته العامرة كتابا من كتب بدر الدين الحوثي قال انظر إنه يقول في إرشاد الطالب (ص16 17): (الولاية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي عليه السلام ومن بعده لأخيار أهل البيت الحسن والحسين وذريتهما الأخيار والولاية لمن حكم الله بها له في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم رضي الناس بذلك أم لم يرضوا فالأمر إلى الله وحده ولا دخل للشورى)، ويخالفهم في مسائل أخرى. ويميل أكثر إلى الجارودية بدليل أنه يطعن في خلافة أبي بكر وعمر ولا يقر بها كما تقدم في النص السابق حيث ألغى شرعيتها بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.
. هل هذا هو المأخذ عليه من جانبكم كسلفيين؟
لا ليس هذا المأخذ الوحيد بل استطرد وقد امتدت يده إلى أكثر من كتاب فقال .. هو يكفر بعض الصحابة ويشكك في إسلامهم، ويطعن في البعض الآخر. ومن كلامه ما يأتي:
(1) وَصَف أبا موسى الأشعري بأنه منافق وضال ولم تثبت عدالته..فقال في كتابه تحرير الأفكار ص494 : “ وقد كان حكماً ضالاً مضلاً سواء صحت الرواية أم لا . فلا خلاف أنه حكم بخلع أمير المؤمنين عليه السلام».
وقال (ص494) في معرض كلامه على قصة التحكيم: “وبما ذكرنا من أمارات بغضه لعلي عليه السلام مع ما تقرر من أنه لا يبغضه إلا منافق تتأكد الرواية الدالة على أنه منافق”. وهو أحد رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن الداعين إلى الإسلام.
وقال أيضاً (ص 498 ): “وأما الدفاع عن أبي موسى الأشعري فلا موجب له، لأنها لم تثبت عدالته حتى يدافع عنه... “إلى أن قال: “..فأما التمحُّل لكل مسلم أو لكل من يسمونه صحابياً فليس من النصيحة للدين لأنه يؤدي إلى قبول روايات المفسدين للدين بالروايات المكذوبة على رسول الله ولهذا المعنى تكلمنا في أبي موسى والدين النصيحة “ . انتهى كلامه.
قلت له إذن فهذا كل مآخذكم عليه ..
ضحك مرة أخرى وقال أراك متعجلا وكنت أظن أنك تريد أن تخرج بمواقف فكرية وفقهية وليس تصريحات صحفية فقلت له بالعكس يا فضيلة الشيخ نحن إنما نريد مواقف فكرية قال إذن فتصبر قليلا .. ثم استطرد .. وهو يقلب مابين يديه من كتب ..
(2) إنكاره عدالة الصحابة رضوان الله عليهم : تحت عنوان (فساد القول بعدالة كل الصحابة ص351) يتناول كل ما أورده الشيخ مقبل الوادعي من أدلة على عدالة الصحابة بتأويلات تخرج عن مفهوم العدالة ،وينزل آيات النفاق والمنافقين على عموم من شملته الصحبة ليثبت أنهم ليسوا عدولاً حتى قال (ص353): “ لأن مجرد الصحبة لا يدل على البراءة من النفاق “ . ،ويقول بأن الردة هي مطلق الرجوع فتشمل النفاق والعدول عن الصلاح ، ولم يقبل مفهوم الردة الذي يعني الخروج من الإسلام إلى الكفر .
وهذا مبدأ التشكيك بكل صحابي ووصمه بالنفاق حتى اشترط بدر الدين الحوثي شرطاً في براءة الصحابة من النفاق لم يشترطه الله ولا رسوله بعموم المسلمين وهو قوله (ص353) : “ ..فمن ظهرت فيه علامة النفاق وجب الحذر من قبول حديثه وترك الجدال عنه إذا لم يكن فيه دليل خاص يدل على براءته من النفاق “.
فإذا كان هذا تعامله مع الصحابة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه فكيف ببقية عموم المسلمين ؟!!
(3) الحوثي الأب لا يقبل أحاديث أبي هريرة : قال في تحرير الأفكار (ص140) : “ إن أبا هريرة عندنا ضعيف فلا يصح علينا الاحتجاج به “ .
وقد احتج بإبطال رواية أبي هريرة بكلام عبد الله بن الهادي الحسن بن يحيى القاسمي المؤيدي حيث قال : “ وكلامه عندنا حكمه حكم السراب لأنه رجل فارق أمير المؤمنين ووالى القاسطين ...ثم أن الأئمة قد طعنوا في أمانته” انتهى (تحرير الأفكارص148) . وهل تدري من هم الأئمة ؟! هم الإمامية ..أما أئمة الزيدية فقبلوا رواية أبي هريرة رضي الله عنه.
ويأخذ بمذهب المعتزلة في التوحيد، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين.. قال بدر الدين في (مفتاح أسانيد الزيدية ): (وقد حقق مذهب الزيدية أعني عرف به الإمام المنصور بالله في الشافي ومذهبهم في الأصول: العدل والتوحيد، وإثبات الوعد والوعيد والخلود في النار للفساق ونفي الرؤية ونفي الجبر... وجهاد الظلمة وغير ذلك).
ويحاول أن يقرب الهوة بين الجارودية والاثني عشرية من خلال كتبه لا سيما كتاب(من هم الرافضة؟) ولن يقدر لأنه لن يستطيع أن ينكر أن الإمام زيد لم يدع بالإمامة لنفسه، ولو فعل لن يستطع أن يتكلف في الإمام يحيى بن الحسين و الهادي ومن بعدهما. والرافضة لا تقبل أنصاف الحلول. والشيخ بدر الدين نظراً لسعة علمه وكبر سنه ويعيش في صعدة فهو أقدر على المحافظة على انتمائه الزيدي والجارودي والمعتزلي، ولم يقبل تخطئة الإمام عبد الله بن حمزة في قتل طائفة المطرفية الزيدية وسبيهم، ودافع عن عبد الله بن حمزة. كما في حواراته مع الأستاذ زيد بن علي الوزير، والأستاذ محمد عزان. وكان صريحاً في حواره مع صحيفة الوسط في انتمائه. وأما أبناؤه حسين ومحمد وعبد الملك ويحيى..فهم أقل منه علماً، ولا يخفون إعجابهم بعلماء الاثني عشرية في إيران أو لبنان، وهم متأثرون بهم كثيراً.
والخلاصة: أنني أتفق مع بدر الدين الحوثي في ما وافق فيه الكتاب والسنة، وأخالفه فيما خالفهما وخالف منهج أهل السنة والجماعة في باب تعطيل صفات الله تعالى وإنكار القدر والشفاعة، والطعن في الخلفاء وبعض الصحابة، وقوله بالخروج على الحكام إذا وقعت منهم مخالفات، وقوله بالمنزلة بين المنزلتين. وأخالفه في خروج إتباعه بالسلاح على البلد رغم مخالفة ذلك الشعار (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل) لكن الخسائر على أهل اليمن على اختلاف مذاهبهم بما فيهم الزيدية والحكومة والشعب، وأخالفه بحفلة الغدير التي لم يعرفها أهل اليمن ولا أئمة الزيدية كزيد بن علي ويحيى بن الحسين والهادي ومن بعدهم إلا عام 1073للهجرة في عهد يحيى بن الحسين المؤيد لأنه كان جارودياً. كما ذكر ذلك العلامة يحيى بن الحسين ابن القاسم رحمه الله في تاريخه. بل لم تشتهر بعد هذا العهد عند الزيدية.
. هل يمكنك الآن أن تعطي القارئ نبذة عن الاثني عشرية وعقائدها بطريقة منصفة وما هي مآخذكم عليها كسلفية؟:
الإثناعشرية سميت بهذا الاسم، ويطلق عليهم الجعفرية، والإمامية، والرافضة..وسموا اثني عشرية لقولهم باثني عشر إماما أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم محمد بن علي العسكري المنتظر في السرداب كما يزعمون وله إلى الآن حوالي 1102 سنة في الغيبة الكبرى بعد الغيبة الصغرى التي كانت نحو سبعين سنة.
وسموا جعفرية لدعواهم اتباع جعفر الصادق. وإمامية لاشتغالهم بشأن الإمامة. وسموا رافضة لكونهم رفضوا إمامة زيد بن علي عندما تولى أبا بكر وعمر ولم يتبرأ منهما وقال: هما وزيرا جدي. وقال ابن تيمية: سموا رافضة لأنهم رفضوا إمامة زيد وإمامة الشيخين أبي بكر وعمر. وقد جاء في بحار الأنوار أخباراً تثني على تسمية الرافضة بأنها ممدوحة لأن جعفر رضي لهم بهذا الإسم لأنه اسم من الله وزعموا أنه كان يسمى به أفضل أصحاب موسى وهارون عليهما السلام وكانوا سبعين واحداً!!
. ما هي نقاط الاختلاف معهم؟
- هذه الفرقة تشعب الخلاف معهم كثيراً لاسيما في الأصول: كالقول بتحريف القرآن وزعم نعمة الله الجزائري أنه ثبت عن أئمتهم ألفا رواية تثبت التحريف. وألف الطبرسي كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) ودفن في صحن الإمام علي تكريماً له. وهي عندهم أصل لا ينكرونه ولو أنكروه لأنكروا الإمامة. وكلامهم في القرآن كثير بأنه ليس كقرآننا اليوم، وأن القرآن الصحيح 17 ألف آية. وكلامهم في مصحف فاطمة. وتكفيرهم الصحابة إلا نفراً قليلاً، وطعنهم في عائشة أم المؤمنين، وقولهم في غيبة المهدي في السرداب، وقولهم بالبداء على الله، والتردد بين التعطيل والتشبية للصفات الإلهية، والقول بالتقية وبعصمة الأئمة، والغلو فيهم إلى أن ادعوا فيهم أنهم يعلمون الغيب المطلق.. واليوم قنواتهم الفضائية تحكي الكثير من هذه المسائل والخرافات.. وإلى جانب هذا يحكمون على من خالفهم بها بالكفر ويستبيحون دمه كما يفعلون في العراق وإيران اليوم.
. هل ترى فعلاً أنهم بهذا الخلاف يمثلون مشكلة على المسلمين؟!
هم بهذه الأفكار مشكلة ومعضلة كبيرة على المسلمين إضافة إلى تعاملهم بالتقية وتاريخهم مليء بالخيانات والفتن، وهم لا يعرفون التسامح والتعايش وإن تظاهروا به لأنهم متى سنحت لهم الفرصة فعلوا بالمخالفين الأفاعيل.. وهم مشكلة حتى على آل البيت لأن آل البيت كانوا رحماء وأئمة خير وهدى، وهم قدوة لأهل السنة..لكن هذه الفرقة لم تقتد بصفاتهم وأخلاقهم. بل قد أساؤوا إلى آل البيت بالكثير والكثير من الجنايات والكذب عليهم بمئات المرويات المختلقة، ونسبة الخرافات إليهم.
.. هل شهد اليمن وجود هذه الفرقة فيها في القديم أو في الحديث من خلال تتبعكم لها؟
- هذه الفرقة لم يكن لها وجود في اليمن لأن علماء المذهب الزيدي كانوا ينبذونهم بل كفرهم الهادي، والقاسم الرسي، والمنصور بالله وغيرهم من علماء الزيدية. لكنهم كانوا يتسترون باسم الزيدية بمظاهر نادرة، وبنزعة الطعن في الصحابة والأمويين..وركبوا موجة الجارودية. وظهر التأثر بهم عند بعض الحضرميين وبعض المتصوفة في مدينة تعز بنزعة الطعن في بعض الصحابة. ومنهم اليوم حسين بن زيد بن يحيى مسؤول حزب الحق في عدن وأبين. الذي يعلن أنه على مذهب السيستاني وله كتابات صحفية يدافع فيها عن الإمامية ويهاجم علماء أهل السنة في اليمن كالشيخ الزنداني ومحمد الإمام والعليمي والمهدي ويقول أنهم لو أخذوا إلى معتقل جونتنامو لانتهى تنظيم القاعدة في اليمن. وهذا الرجل يذكرنا بتاريخ الإمامية والباطنية في التنكيل بأهل السنة وحكوماتهم في التحالف مع الكفار كما فعل ابن يقطين والطوسي والعلقمي وقد سبقه عمه محمد بن عقيل إلى التشيع وإن لم يصل إلى ماوصل إليه هذا الرافضي. فإذا كنت أنا من أهل السنة لا أرضى أن تغزو أمريكا إيران وإن كانوا إمامية!! لكنهم بالمقابل ساندوا أمريكا في غزو أفغانستان، وأسقطوا العراق وعاثوا فيها الفساد..لأن هذا معتقدهم وتاريخهم وفكرهم ضد من يخالفهم في خرافاتهم. وإن كنا لا نشك بأنهم لن يختلفوا مع أمريكا إلى حد القطيعة لأن أمريكا ترى أنهم يخدمونها في البلدان العربية..والخلاف على بعض المصالح وقد يتفقون عليها وينتهي الخلاف.
. من أي زاوية تقرأ أن اختلاف أمريكا وإيران لن يصل إلى حد الحرب؟
- واقع منظماتهم وميليشياتهم وفرق الموت التي يستخدمونها في قتل وتهجير وحرب أهل السنة في العراق.. ولأن أمريكا لم تذكرها ضمن قائمة الإرهاب لأنها تعرف بأنها لا تهدد مصالحها. أما في لبنان اكتشفوا أن بعض الشباب في مخيم نهر البارد لديه بعض الأسلحة المتوسطة فأشعلوا عليهم الحرب، وأعتبروهم يهددون البلد وأنهم إرهابيون لأنهم ليسوا من الشيعة.. بينما حزب الله وحركة أمل الشيعيان في جنوب لبنان بما يمتلكان من أسلحة ثقيلة وصواريخ وجيش ليس فيها إرهاب، ولم تقلق منها أمريكا..ولسنا ضد حزب الله في حرب إسرائيل لكن لسنا معه في حرب أهل السنة. فالتحالف بين الرافضة والصليبيين ضد أهل السنة موجود وقائم.
ولكن مع هذا ما زلنا نتمنى أن يجمع الله المسلمين على كلمة واحدة سنة وشيعة، ونحن نفرق بين عوام الشيعة ولا نكفرهم كما يكفروننا، ولا نستبيح دماءهم كما يفعلون، ولا نخذلهم أو نخونهم أمام الكفار الأصليين. وندعو الله لهم بالهداية.
. ألا ترون أنكم تعظمون الخلافات الجزئية والفرعية مع مثل هؤلاء إلى حد القطيعة؟
- من كان يظن أن الخلاف بيننا وبين الرافضة في الفروع ويرى بأنه كالخلاف بين المذاهب الأربعة.. فعليه أن يراجع أمهات كتبهم: كالكافي، وبحار الأنوار، وتفسير البرهان، والأنوار النعمانية. وهؤلاء لم يقرأوا تفسير الخوئي، ولا كتب الخميني، أو مراجعات عبد الحسين شرف الدين.. وغيرها. ليروا ما فيها من خلاف وطامات وخرافات في الأصول. وقد غاب هذا الخلاف عن بعض العلماء والمفكرين فترة من الزمن لكنهم بعد ذلك وصلوا إلى الحقيقة وعرفوا حقيقة القوم ومن هؤلاء: الدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور محمد عمارة... وغيرهما. وقد انتفض في أوساطهم بعض المفكرين العقلاء من الشيعة أمثال: حسين الموسوي، وأحمد الكاتب، وعلي الأمين...وغيرهم كثير. وكشفوا عن أكاذيب الإمامية، وزيفوا أقوالهم في الوصية والإمامة وغيرها. ومن يتابع قنواتهم اليوم يظهر له من حقدهم وخرافاتهم وتكفيرهم لأهل السنة والتحريض عليهم في كل مكان.. الكثير والكثير.
. فضيلة الشيخ فماذا عن الصوفية فالبعض يرى أنك متحامل عليهم منهجاً وطريقة وأشخاصا تماما كتحاملك على الاثني عشرية أو ماتسمونها بالرافضة بل وتحاول ان تربط بينهما في بعض أحاديثك رغم البعد بينهما ؟:
- التصوف له معنى واسع جداً فقد ذكر الإمام أبو نعيم الأصفهاني في (حلية الأولياء) الخلفاء الراشدين وغيرهم وكثير من أئمة التابعين بأنهم متصوفة وقد اعترض عليه ابن الجوزي في كتابه (صفة الصفوة) كونها لفظ جديد لم يرد في صفات الصحابة وإنما يدل على الصفات المحمودة فيهم.
وبسبب الاختلاف في الاشتقاق فهناك من يجعله مشتقاً من أصحاب الصفة الذين كانوا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يعتبره مشتقاً من الصفاء وهو صفاء القلب، وهناك من ينسبهم إلى صوفا رجل في الجاهلية، وينسبهم آخرون إلى الصوف لاشتهارهم بلبسه..وكل نسبة لها معنى. فنسبتهم إلى أهل الصفة مدح..لكن لا يستقيم الاشتقاق في اللغة. وهكذا في بقية الأقوال وهي ليس فيها منقبة أو مدح.
.. الصوفية قد يرون أنها تسمية يقصد بها تهذيب النفس وإصلاحها والزهد في الدنيا..كيف ترى هذا التسمية من هذه الناحية؟
- وإذا اعتبرنا أن التصوف مصطلح يطلق على أهل التقلل من الدنيا والزهد فيها، والتقشف في الشهوات والملذات، والإقبال على الآخرة، وترك المحرمات والمكروهات وبعض المباحات.. فهذا لا إنكار له. ولا خلاف بين عبارات التصوف والصلاح والتقوى والبر والطاعة..فيكون العبد صوفياً أو صالحاً أو طائعاً أو متقيا أو زاهداً.. وهكذا. ولا نختلف أن بعض من أطلق عليهم هذا اللقب( الصوفية) أنهم كانوا صالحين وأئمة عبادة وصلاح أمثال: إبراهيم بن أدهم، والجنيد، والسقطي..وقد أطلق بعض الصوفية على بعض أئمة أهل السنة من السلف الصالح هذا اللقب مثل: عبد القادر الجيلاني، وابن القيم، وابن تيمية.. فالتصوف على هذا المعنى لا خلاف حوله لأنه بمعنى العبادة والزهد والصلاح والإقبال على الآخرة. وسأتفق مع بعض المتصوفين المعاصرين..كما عرفته عند بعضهم أنه يدور مع ما يراه الحق والصواب فيقف مع المسلمين أينما كانوا في كل مكان ويدافع عنهم. فلو أن الصوفية يتعاونون هكذا في مواجهة الغزو الصليبي والباطني والتدخل الأجنبي لكان التصوُّر أحَسن. وإذا علموا الناس التوحيد الذي جاء به الرسل وسموا صوفية لكان الخلاف لفظياً.
. إذن فما هي المشكلة إن كان الأمر على ما تقول وأنه يوجد في معاصريك من ترضى تصوفهم ألا يمكن حمل الجميع عليهم ؟
- نعم لو كان هذا هو الشائع. ولكن المشكلة أن يكون التصوف مثل ما ظهر في بعض العصور بصور تختلف عما كان عليه السلف، ودخلت فيه بعض الآراء المحدثة، والأعمال المبتدعة كالقول بالحلول والاتحاد، والكشف للمغيبات، والتصرفات الشركية وطلب الشفاعة، والتعلق بالأموات..وهذه الحالات لا دليل عليها في الإسلام ولا في حياة أئمة وعلماء السلف الصالح. ولا عبرة بحصولها عن بعض العباد لأن معاصريهم من العلماء كانوا ينكرونها عليهم، ولأنها حالات شاذة أحدثت في عصور متأخرة غلب فيها الجهل على أصحابها..ولا تمثل الامتداد الطبيعي للإسلام وشرائعه. فلا يجوز أن نعتبرها تشريعاً أو دينا يدين به الناس. فالإسلام حذر من كل مظاهر الشرك بآيات وأحاديث صريحة وواضحة، والنبي صلى الله عليه وسلم هو سيد العابدين لم يفعلها ولم يأمر بفعلها فدل على أنها ليست عبادات وطاعات مشروعة. لأن الدين هو ما مات عليه النبي صلى الله عليه وسلم يوم قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) فأي عبادات لم تكن مشروعة قبل اكتمال الدين وحدثت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فهي عند علماء المسلمين محدثة وبدعة. وأضعاف هذه المخالفات والشركيات عند الشيعة الإمامية.
ألا يمكنكم القبول بكل التبريرات والتأويلات التي يوردها هؤلاء لطرقهم خصوصا عندما نرى أن أئمة كبار أنكروا عليهم ثم توقفوا عن الإنكار بعدها ووجدوا لهم محامل من الشريعة مثل الإمام الشوكاني وابن تيمية والمقبلي وغيرهم؟.
- شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام الشوكاني والعلامة المقبلي وغيرهم أنكروا على الصوفية البدع، ومدحوا الزهد والأعمال الصالحة..وفتحوا المجال لمن تاب. وأنكروا ما في كتب من ينتسب إلى الصوفية. وقد وضع الشوكاني في كتابه البدر الطالع وغيرها من الرسائل في الردود على أهل الحلول والاتحاد احتمال عودتهم عن تلك البدع وهذا وارد. لكن لا يمنع أن ننكر على البدع التي حصلت للتحذير من الوقوع فيها، وهؤلاء العلماء عملوا بقدر الحاجة وحصل منهم البيان والإرشاد وعرفه الناس. والتوقف لا يؤخذ على إطلاقه بمعنى الموافقة لتأويلاتهم..لأن أهل السنة لم ينشغلوا بهذه البدع إلا لما ظهر الدعاة إليها وحصل فيها التأثير في المجتمع فكان واجبهم البيان وإذا تركوا تلك البدع توقفوا. لكن يظل التحذير من المنكر عند ظهوره وتكراره مطلوب ومشروع. وأما التأويل والتبرير فبابه واسع ومنه التأويل القريب فيقبل، ومنه التأويل البعيد والذي يعارضه نص أصرح فهو غير مقبول لا سيما في العقائد الواضحة.
. ما الذي تريدونه من الصوفية حتى تتقاربوا معهم؟
- الذي نريده من الصوفية وكل الفرق الإسلامية أن يدافعوا عن عقيدة التوحيد حتى لا يتحول الناس بحاجاتهم ومقاصدهم إلى المخلوقين والقبور وينسوا ربهم الذي بيده كل شيء، وينتصروا لأصحاب النبي رضوان الله عليهم، وأمهات المؤمنين..بدلاً من دفاعهم عن طقوسهم ومذهبهم.. فقنواتهم الفضائية مليئة بالأناشيد والأوراد أكثر من ترسيخ التوحيد وحب الصحابة..لأننا بحاجة إلى أن نسمع موقفهم من أفكار الرافضة التي تحولت اليوم إلى واقع عدائي في العراق ضد كل فصائل أهل السنة سلفية أو صوفية فلا يفرقون بين هذا أو ذاك لأن الجميع عندهم نواصب وأنجاس وكفار. وكنت قد رحبت بموقف الأخ الشيخ علي الجفري لما وضح موقفه من الرافضة وأعلن احترام الصحابة في حواره المنشور في (منتديات مأرب برس). وقد كتبت رسالة موجهة له أثنيت على موقفه، وفيها بعض التوضيحات على إشكاليات حول السلفيين نشرها بعض الأخوة في نفس الموقع. لأننا نتفق مع الصوفية في الدفاع عن الصحابة ولا نوافق الرافضة. لكن نجد بعض الصوفية يتحالفون مع الرافضة ولا يتقاربون مع السنة مثل عدنان الجنيد فهو مشغول بالكتابة حول بدع الرافضة والطعن في بعض الصحابة وكتب الصحيحين. وهو صوفي رافضي يخدم الرافضة بهذه الكتابات. وقد رد عليه بعض المشايخ أمثال الشيخ عدنان المقطري، وغيره من الكتاب والمشايخ.
.. يرى الكثير أن موقفك هذا يخالف ماعليه الحال فالصوفية طوال كل العصور لم يعرف عنهم انحرافاً نحو الرافضة ولا نكوصاً عن عقائد أهل السنة والجماعة وعدنان الجنيد ربما لا يمثل إلا نفسه بينما مواقف الصوفية ليس في اليمن وحدها بل في العالم العربي والعالم كله بعيدا عن مثل هذا حتى لو ادعى نسبة إلى الصوفية فكيف ترتبون موقفكم من الصوفية في قضية كهذه على موقف شخص كهذا ؟
- أتمنى أن يكون الأمر كما قلت. لكن هذا الجنيد المذكور يكتب حلقات يطعن في أبي هريرة رضي الله عنه وغيره من الصحابة، ويطعن في الصحيحين في جريدة الأمة والبلاغ والمستقلة..ولم نسمع عنه كلمة واحدة في الرافضة لا سيما في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. بل تحالف معهم ضد أهل السنة. وحتى الصوفية ليس لهم موقف معه أو إنكار له بهذه الكتابات التي لا تمثل مذهبهم المعروف. وهناك من الرافضة من يحرض الهاشميين من الصوفية ضد السلفيين. وحتى السفير الأمريكي في مصر يجمع مشيخة الصوفية ويستخدمهم لمواجهة من يسميهم بالوهابية. وأتمنى أن نسمع منهم الدفاع عن الصحابة والصحيحين..لأن هذا مما نتفق عليه. وأن يقفوا معنا فيما نتفق عليه. فهذا الموقف السلبي هو الذي يؤلمنا.
ننتقل الآن للقوى السياسية ولنبدأ بالإخوان المسلمين فماذا تعرف عن هذه الجماعة ؟:
- الإخوان المسلمون جماعة أسسها الشيخ حسن البنا رحمه الله عام1348ه 1928م. وقامت بعد سقوط الدولة العثمانية. وكان شعارهم الذي وضعه الشيخ حسن البنا (الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا) وكان يحاول أن يجمع بين المنهج السلفي والصوفي..وترك للإنسان مجال الاختيار من خلال مذكراته وكان يرى أن منهج السلف اسلم. وبدأ بداية طيبة حاول أن ينهض بالأمة بعد الغربة، وأحيا شعائر الإسلام في مصر.. ثم امتد دوره في العالم العربي والإسلامي بفروع للإخوان المسلمين، ثم لم تمض فترة حتى بدأت المؤامرات تحاك ضد الإخوان المسلمين وأوذي حسن البنا ثم اغتيل بعد ذلك، واغتيل كثير من العلماء والدعاة بدعوى أنهم يريدون الثورة والانقلاب..ثم أخرج السادات كثيراً منهم..ثم أعيدوا إلى السجن مرة أخرى قبل اغتيال السادات.
.. كيف تقيم دور هذه الجماعة في العالم العربي والإسلامي؟
طبيعة هذه الحركة أنها وافقت مذهب كل بلد أو جهة ففي الشام تجدهم يميلون إلى التصوف، وفي نجد تجدهم حنابلة وسلفيين، وفي اليمن زيود وشافعية.. وكانت الحركة متحمسة للجهاد في سبيل الله فقد كان لهم دور كبير في فلسطين وأفغانستان وكانوا يرون الجهاد فرض عين. وأذكر أنهم في اليمن كانوا يتهمون من يرى أن الجهاد فرض كفاية بأنه ضد الجهاد، وكانوا يطالبون بعودة الخلافة الراشدة..ثم خف هذا في خطابهم السياسي في الفترة المتأخرة..وكان السبب في نقدهم من قبل العلمانيين أنهم يدعون إلى أن الإسلام هو الحل. وهي حركة إسلامية لها إيجابياتها الكثيرة، ولها سلبيات.
.. ماهي السلبيات التي تراها محل نقد؟!
- منها التحالف مع الأحزاب القومية والاشتراكية في بعض البلدان الإسلامية ومنها اليمن..وقد كانوا يكفرونهم مع أنا كنا نخالفهم لأننا كنا نرى أن الكفر للمعين له شروطه وضوابطه كانتفاء الجهل والتأويل والإكراه..وغيرها. ومن السلبيات سكوتهم الغالب حول مخاطر المناهج السياسية والفكرية الغربية الوافدة.. وأنهم بهذا النشاط في التحالف مع الأحزاب اليسارية والقومية لن يحققوا مقاصد الشريعة..وإنما من باب المكايدات. وكذلك التقارب مع السفارات الأجنبية.. ولم يكن لهم نشاط مماثل للتحالف أو التقارب مع بقية فصائل أهل السنة كالسلفيين مثلاً. لأنهم في اليمن كانوا مختلفين مع حزب الحق وكانت بينهم صراعات فكرية ثم اختلف أمرهم لمجرد المصلحة السياسية في مواجهة الحزب الحاكم. فكأن الطريق الوحيد هو العمل السياسي ولم يعتبرونه جزءاً من أعمال متكاملة.
. من أين فهمت أنهم يقدمون المصلحة السياسية؟
- لأن عنايتهم بالتربية للأتباع من ناحية الولاء للتنظيم والعمل السياسي أكثر من عنايتهم بالجوانب التربوية والعقائد والاهتمام بالعلم الشرعي..ونلاحظ هذا حينما نسمع عن إساءات متتالية في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو في مصادر السنة النبوية كالصحيحين أو التاريخ الإسلامي لا نجد لهم دورا أو موقفا واضحا..كموقفهم من الأنظمة التي ينتقدونها. أما إذا سمعنا بخطاب ينتقد الحركة في موقف أو رأي فيه مجال للرأي غضبت صحفهم واشتعلت منابرهم.
. أشرت سابقاً أنهم لا يهتمون بالكلام حول مخاطر الأفكار الوافدة مثل ماذا؟
- لأنه ظهر فيهم من يتأثر بالمذاهب التي تخالف أهل السنة في الاعتقاد ويهون من شأنها كالتأثر بآراء الاعتزال أو بكتابات المستشرقين والمفكرين العرب المعروفين بالعقلانيين ممن ينكرون بعض الأدلة الشرعية كالسنة والإجماع، وينكرون بعض الحدود الشرعية، ويتكلمون في بعض صحفهم وملحقات الصحف الرسمية ضد إخوانهم في جامعة الإيمان، ويحاربون العلماء السلفيين، ويشككون في الجمعيات الخيرية، والمراكز الشرعية، وغضبوا أن يتعاون العلماء في الإصلاح مع السلفيين والصوفيين في تأسيس هيئة الفضيلة؟ فهل هم مقتنعون أنهم يخدمون الإسلام بهذا التوجه الخطير؟!! هي مشكلة عليهم أن يراجعوها.
.. فهل السبب برأيك ضعف التربية؟
- كل هذا بسبب انفتاحهم الزائد على الثقافات الأخرى بدون علم وفقه، وضعف التربية في صفوفهم للأسف. وظهرت فيهم قيادات لا تهتم بالمواقف الشرعية وتُغلِّب الموقف السياسي وإن خالف الشريعة والتساهل فيما يتعلق بحرية المرأة، وعمل بعضهم مع المنظمات الغربية، وتغيير موقفهم من الجهاد في سبيل الله، والحرية...وغيرها. فكيف يأتي هذا في صفوف الجماعة التي كانت ترى نفسها أنها جماعة المسلمين، وشعارها أن الإسلام هو الحل..فكثير من المسلمين لا يوافقونهم على هذه التنازلات والتراجعات، لأنهم انشغلوا بالعمل السياسي حتى أصبح العلمانيون يصورونهم بأنهم أصحاب(الإسلام السياسي)!! وهذه السلبيات لا أقولها أنا فقط، بل يتكلم بها بعض علماء الإصلاح أنفسهم..وهي تحولات ظاهرة للمتابع العادي لصحفهم وخطاباتهم وندواتهم.
لعلك تريد طرح سلبيات أخرى؟
- نعم. من عيوب الجماعة نقل الإشاعات التي تحل بالمخالفين لهم وهي مبنية على الظلم ثم يعممونها فتسمعها من الكبار والصغار. فإذا شكوت إلى بعض علمائهم قالوا لا ندري بشيء من هذا. وإن سألت بعض القيادات قالوا: هذه تصرفات فردية!. فأقول قد يكون العلماء لا يدرون. لكن كيف بالقيادات التنظيمية لا يدرون؟! وأفرادهم لا يتصرفون إلا بإذن وتوجيهات قياداتهم.. ولماذا لا يعممون إنكار هذه الإشاعات بين أفرادهم جبراً لمشاعر إخوانهم؟. لكن نعاني منهم الكثير من الظلم وعدم التثبت. فهم يشيعون عن بعض العلماء السلفيين لا سيما في مدينة إب بأنه عضو في حزب المؤتمر الحاكم..منذ سنوات وتأتي هذه الإشاعة كل فترة انتخابات رغم عدم صحتها. ولا ندري ما العيب في ذلك وهم ممن شارك في تأسيس حزب المؤتمر وتحالفوا معه عشرين عاماً. فلماذا أصبح الدخول فيه تهمة؟!.وقد اتهموا أعداداً من العلماء المستقلين بأنهم اشتراكيون كذباً فافتضحوا بالتحالف مع الاشتراكيين. وربما اتهموا علماء آخرين بأنهم مع المخابرات الأمريكية فعاقبهم الله بالتردد على أبواب السفارة الأمريكية لطلب شهادة اعتدال ووسطية من أمريكا. وهكذا اتسعت صدورهم للحوار مع مخالفيهم قديماً وضاقت عن إخوانهم السلفيين لعدم وجود مصلحة سياسية من التحالف معهم!! وأرى أن التهمة بالحزب الحاكم ستسقط لو تحالفوا مع حزب المؤتمر مرة أخرى..وهكذا يوزعون الإشاعات ويقبلها الأفراد.
تقول أن الجماعة أصيبت بالضعف فكيف تفسر ذلك؟
- الذي أدين الله به أن من أسباب ضعف الجماعة عالمياً إنما هو بسبب الظلم للآخرين، والمخالفات الشرعية..فقد كانت الجماعة في اليمن تدير وزارة الأوقاف والإرشاد، والمعاهد العلمية، ووزارة التربية على سبيل المثال..لكنها ظلمت المخالفين لها، ووظفت أصحابها..فعوقبت بسبب ذلك بالحرمان من هذه الزعامة الدينية. ولأمر آخر وهو انصرافها عن التربية الدينية، وتحولها إلى التجارة بالجامعات والمستشفيات والبنوك والمدارس الأهلية..وصاروا أهل استثمار في الدنيا بعد الإمامة في الدين..ولا عيب في ذلك..لكن ليس هذا من أولوياتهم ولا يمكن أن يضعفهم ويشغلهم عن التربية والدعوة.
.. ما الذي تريده من الإخوان؟!
- الذي نريده من الإخوان أن يبرزوا في مواقفهم كما نعتقده فيهم أنهم من أهل السنة والجماعة بمواقف صريحة من الطاعنين في الصحابة وأمهات المؤمنين، ومن قتلة أهل السنة في إيران والعراق بعيداً عن الحسابات السياسية..مثلما يبينون مواقفهم حول الحكومة والانتخابات ..فلماذا يسكتون هناك؟ ويتكلمون هنا؟! هل مصلحة التنظيم أولى من الدين؟ هذه مشكلة. وأيضاً: نريد منهم أن يحسنوا علاقاتهم مع إخوانهم الدعاة السنة كما فعلوا مع بعض العلمانيين والغرب. وأن يتركوا التشويه والتحايل على إخوانهم في مساجدهم وأنشطتهم الدعوية والعلمية..لأنها أساليب فاشلة ومحرمة. وهذا هو الذي جعل كثيراً من العامة ينفرون عنهم في الانتخابات التي هي غاية أمنياتهم.
.. من سيكون له دور التصحيح والمراجعة داخل الإخوان برأيك؟
- بعد وصول الحركة إلى هذا المستوى يتطلب المراجعة من العلماء حتى يعود لهم الأمر كما يجب لأن تصرف السياسيين وبعض الشباب قد صارت طرائق قددا. وأن يبدأوا بالمراجعة والحوار حول علاقتهم بإخوانهم السنة ومع الأقرب إليهم. فهل الحوار والتعاون خاص بالأحزاب السياسية فقط، وهل هو حرام إلا بين المسيسين؟ لقد كنت أسمع عن الزيدية من قبل الإخوان المسلمين أنهم يريدون عودة الإمامة وأنهم دعاة الملكية..ولكن اليوم هم حلفاء حزب الحق. فهل انتهت الملكية والإمامة بالتعاون ضد الحزب الحاكم؟ وهكذا مع بقية الأحزاب الأخرى التي تقاتل معهم الإخوان في حروب طويلة بالسلاح والفكر. لا أمنع أن يتوحد المسلمون لكن أنتقد أن تكون مبنية على المصالح السياسية ضد بقية المسلمين..لأن هذا من المكايدات بنظري.
. ما هي الإيجابيات التي تراها لدى جماعة الإخوان المسلمين؟
- هم على كل حال لهم دور كبير في استغلال المعاهد العلمية التي أسست في مرحلة سابقة وإعداد المناهج العلمية التي كانت مأخوذة من الكتاب والسنة، ونشر الدعوة وتعليم الناس.. وغيرها مما لا ينكر. وهذا هو الذي نريد أن يبقوا عليه، وأن يحافظوا عليه. وعليهم أن يمدوا أيديهم إلى أخوانهم السنة والسلفيين مثلما يفتحون صدورهم للآخرين..
. عموما دعنا ننتقل إلى موقفكم الشرعي من الأحزاب كسلفيين ؟:
- نحن نقف الموقف الشرعي من كل حزب فمن وافق الحق وقفنا معه لأجله، فقد نوافق المؤتمر بالصواب، وقد نوافق الإصلاح، وقد نوافق الزيدية أو الشافعية..وهكذا. فهذه رؤيتنا. ولسنا مرتبطين بحزب أو مذهب بعينه..سنظل مع الحق والصواب بما يخدم الإسلام والبلد. وسنقف ضد الخطأ سواء كان من السلفيين أو الشافعية أو الحوثيين أو أي حزب..ونقول كلمتنا التي نرى أنها ترضي الله تعالى وكفى..ولا يقلقنا أن يغضب هذا الحزب أو تلك الصحيفة.
رغم أن الرد السابق كان عموميا ولكن يفهم منه المشروعية لإنشاء الأحزاب كمبدأ فدعنا ننتقل إلى ما يسمى بالإرهاب والموقف منه ؟
- الإرهاب أصبح تهمة لكل من خالف الغرب وأمريكا، ولم تخضع للغة العربية ولا القوانين الدولية..ولكنها تخضع لهوى الغربيين..فمن خالفهم فهو إرهابي. فلم يدخل في الإرهاب المنظمات اليهودية ولا البوذيون ولا السيخ ولا المتطرفون الإسرائيليون لأنها ليست ضد الغرب. وبمعنى أوضح أن الإرهاب عند الغربيين هو الكتاب والسنة أو أهل السنة..وهذا ما نلمسه من خلال تقاريرهم وواقعهم.
وأما لو نظرنا إلى الوضع في لغة العرب فإن الإرهاب بمعنى التخويف. كما قال تعالى: (لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله) وقال تعالى: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم). والتخويف قد يكون محموداً إذا كان عدواً للإسلام ويهاجم البلد وهذا مقبول في قوانين الغرب. وقد يكون الإرهاب مذموماً إذا أضر بالمسالمين والضعفاء والمسلمين وحصل به الظلم والضرر. وهذا ينكره الإسلام سواء أضر بالمسلمين أو الكفار لأن الظلم محرم. أما الدفاع عن النفس في هذا جائز.
ومن الإرهاب محاربة المسلمين، والتضييق عليهم ومحاربة مناهجهم ونسف بلدانهم بالطائرات..وقتل أي بريء مسلماً كان أو كافراً حرام في الإسلام ويعتبر إرهاباً. لكن المشكلة أن يطلقه الغرب على من يشاء دون تحديد وتعريف له حتى نتفق عليه.
. إذن فاوجزلنا فضيلة الشيخ الفارق في فهمكم للإرهاب عن فهم الغربيين ومراد كل فريق؟
- الغرب لا يريد إلا إرهاب المسلمين والعرب لأنهم يرون أنه ليس لهم الحق أن يصنعوا أو يزرعوا أو يبنوا لأوطانهم قوة عسكرية. وإذا أنكروا تهديد مصالحهم فهم لا ينكرون الحروب الداخلية بين البلدان الإسلامية والانقسامات والفوضى العارمة..بل ربما يغذونها ويشجعونها بأساليبهم الخاصة.. فكل مالا يضر بمصالحهم لا يعدونه إرهاباً، وكل ما يتخيلون أنه يهددهم سموه إرهاباً فيتآمرون عليه. أما نحن في الإسلام فنقول كل ما أضر بالمصالح العامة وكل قتل أو تفجير وسفك للدماء في حق أي بريء مسلم أو كافر فهو ظلم واعتداء ولا يجوز فعله وصاحبه آثم. وهناك مشكلة أخطر وهي أن من الكتاب والصحفيين في اليمن من استغل هذه التهمة ليتهم بها العلماء والجمعيات الخيرية وحلقات القرآن..لأن هؤلاء يخدمون أعداءنا ولا يخدمون البلد.
. بناء على ذلك فماذا يمكن أن تقوله لمن ينتسبون للقاعدة بعدما سمعناه آنفا من موقفك من أعمالهم في اليمن بما يبين غموض الموقف؟:
- أما هذا التنظيم فلا أدري من أين جاءت هذه التسمية؟! لكن أصبحت تستغل تهمة إلى جانب تهمة الإرهاب. وهي لفظة مازالت غامضة غير دقيقة. لكن الذي يمكن أن أقوله أن الشباب الذين يتخذون من القتال وسيلة لمواجهة الكفار في البلاد الإسلامية عليهم أن يتفهموا الجهاد الشرعي، وأن لا ينقلوا المعركة إلى بلاد المسلمين بالتفجيرات والاغتيالات..وغيرها. فالإسلام ينكر قتل الأبرياء أياً كانوا، ولا يجوز لهم أن يضروا بأي مسلم عسكرياً كان أو غيره. وسواء كان الأبرياء سفراء أو سواحا، أو المصالح العامة كالسفارات ومراكز الشرطة وغيرها. فهذا لا يجوز شرعاً.
. متى يكون الدفاع عن البلد مشروعاً؟
- من دافع عن بلده ضد الغزاة والمحتلين فدفاعهم مشروع ولا نستطيع أن نقول أن دفاعهم إرهاب لأنهم يواجهون الإرهاب على أنفسهم وبلدهم وأعراضهم. ومن يفتي بأنه لا يجوز الدفاع عن البلد والدين إذا هجم عليه العدو فعليه أن يراجع نفسه لأن هذا من الغش للأمة وهي دعوة لاستباحة بلدان المسلمين. ولأن الجهاد واجب في ثلاثة مواضع بإجماع العلماء: إذا غزا الكفار بلد المسلمين، وإذا دعا أمير المسلمين إلى الجهاد والنفير، وإذا أصبح الإنسان في المعركة فلا يجوز له أن يفر من الزحف ولو كان في حقه نافلة.
فأمريكا تحارب المسلمين في بلدانهم وتغزوهم إليها وتقول أن عملها دفاع عن نفسها وبلدها. فكيف يقبل هذا بعض الناس من أمريكا. ولا يقبلونه من المسلمين في فلسطين وغيرها؟!. فلا نستطيع أن نصدر فتاوى ضد كل من يدافع عن بلده إذا غزاه الكفار، وندين من يقول بأن هذا إرهاباً لأنه غش للأمة الإسلامية.
. هل هناك أدلة في هذه الحالات التي يجب فيها الجهاد؟
- دليل وجوب الجهاد في الدفع قوله تعالى: ?وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ? وقال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ? ودليل الجهاد إذا دعا إليه ولي الأمر قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ? وحديث: (إذا استنفرتم فانفروا). ودليل الثبات عند الزحف قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ. وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ولو كان الجهاد نافلة.
. وماذا عن التفجيرات والقتل من قبل تنظيم القاعدة في البلدان الإسلامية؟
- هذا الذي ننكره وهو الاعتداء على الأبرياء ونقل المعركة إلى بلدان المسلمين والإضرار بالمصالح العامة، والتسبب في فتح حروب نحن في غنى عنها داخل بلاد المسلمين التي لم يغزها الكفار وقد بيناه آنفا لأنه غلط في فهم الجهاد.
. ما رأيكم في الحراك ومطالبه؟
- ما يسمى بالحراك ليس فصيلاً واحداً ولكن فيه فصائل وأجنحة: منهم من له مطالب مشروعة، ومنهم من استغله فرصة للدعوة إلى الانفصال والاستعانة بالخارج للقضاء على الوحدة وهؤلاء هم المتضررون من سقوط سلطتهم وفروا إلى الخارج. وأنا على يقين لو كانت الدول الغربية ترى أن لها مصلحة في تقسيم اليمن لفعلت ولكن كأنها لم تقتنع..لأنها لم تنجح في أفغانستان ولا العراق ولا الصومال..وهي تتعامل مع مصلحتها فتخاطب الحكومة أن تتحاور مع ما يسمى بالحراك أو الحوثيين والتصالح معهم..وإن كانت تطلب التضييق على من يسموهم القاعدة.
.. ما هي رؤيتك في حل مشاكل الحراك؟
- الذي أراه أنه لا بد من التأكد من المظالم وردها إلى أصحابها. لكن نعرف أن هناك مبالغة مع وجود الظلم وقد سمعنا هذا في قناة المستقلة من الأخ الوزير أحمد الكحلاني محافظ عدن سابقاً..وذكر بعض الأراضي بالتفصيل وكان يتكلم عنها بمعرفة ودراية أمام الأخ علي جار الله اليافعي الذي كان يدافع عن هذه الأراضي.. وكلما ذكر أرضاً أو مكاناً أجابه عنها الأستاذ أحمد الكحلاني كونه يعرف وثائقها وأن مشاكل بعض الأراضي قديمة من عهد الاحتلال البريطاني إلى السلاطين والحكومة الاشتراكية..وليست من بعد الوحدة. والحاصل أن القصور من الحكومة واقع وأن عليها أن تكون واضحة وقوية في تطبيق الشريعة، ورد الحقوق، وأن تعطي فرصة واسعة للعلماء والعقلاء في ترسيخ الوعي بضرورة الوحدة وجمع الكلمة وخطر التفرق والانفصال، وأن تستعين بالعقلاء والصادقين من المعارضة للخروج بحلول مرضية، وعلى المعارضة كذلك أن لا يكونوا مبالغين في مواقفهم ضد الحكومة، ومتساهلين مع المعارضين في الخارج. فلا بد من الإنصاف والعدل من الجميع. وحينئذ بإذن الله يقل خطر هذه المشاكل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.