منذ فترة طويلة كان الاعتقاد في الصيام والمجاعة أنه يقوم بدور سلبي، من قلة إنتاج مواد التخريب، وتتباطأ التفاعلات عموما، أما أن يكون الجوع سبباً في إطلاق مواد حافظة؛ فهذا دور إيجابي للمجاعة لم يكن في الحسبان.. عرف عن هذا الإنزيم الذي يطلقه البدن أنه (السيرتوئين Sirtuin)، وعثر عليه ليس فقط في خلايا الفطريات بل في أعضاء أرقى، وعلى ما يبدو فهو من التراكيب الأساسية في العضوية. بل لقد عثر على سبعة أنواع منه في الثدييات. وعرف أنها تنطلق إلى الدوران بعد بضع ساعات من المخمصة (الجوع)، وتنشط بروتينات محددة. ومن الأشياء المجهولة عن هذا التأثير اللولبي هو رفع قوة المقاومة والحيوية في الخلية. وبالطبع فإن الخطوة التالية أصبحت واضحة؛ وهو البحث عن مادة تقوم بدور تحفيز هذا الإنزيم السيرتوئين من مرقده , وخلال سنوات من العمل الدؤوب استطاع سينكلير وفريقه من العثور على 19 نوعا من هذه المادة السحرية في النباتات، تلك التي تنشط العافية وتمد في عمر خلايا الفطريات، وكان منها الريزفيراترول الذي عثر عليه في الجوز وكذلك في النبيذ الأحمر . وأن تؤثر هذه المواد من النباتات على عمر الحيوانات لها ما يبررها حتى في حياة النباتات التي تطلق هذه المادة، للحفظ في أشعة شمس حارقة، وفطر محدق بالنبات مدمر، وبه يمكن تحرير منعكس الجهد والتوتر للحماية الذاتية.. والمادة بذلك تفعل في كلا الحقلين.. وبعد أن أعلن سينكلير نتائج عمله، فقد تلقفته الأيدي بعروض العمل، في أكثر من معهد، لأنه فتح بوابة الأمل في كسر حتمية الشيخوخة والمرض.. وبذلك قام بتأسيس شركة (سيرتريس Sirtris) الدوائية، وفيها يعمل 40 من الباحثين لتحسين مادة الريزفيراترول. وانطلق المشروع برأس مال 82 مليون دولار، ويعمل فيه فيليب شارب حائز جائزة نوبل في العلوم. ليس هذا فقط بل يبلع سينكلير العديد من حبوب الدواء ويقول إن عثرتم علي هنا بعد مائة عام فسيكون الدليل على صحة العقار. ونظرا لأن سر العقار صار في اليد فقد وصلت التجارب إلى مركبات أقوى من الريزفيراترول بألف ضعف وهو قيد التجارب الآن، وأما عن الأعراض الجانبية المعروفة في كل دواء فيجب دراستها عند البشر بغاية الحذر.. ويعلق فايندروخ من ماديسون حيث أجرى تجارب القرود أن مقارنة أثر الجوع بتناول عقار سحري يجب التحري عنه والآثار الجانبية معه، بالإضافة إلى أن مركب الشيخوخة أعقد بكثير مما نظن . كما أن البعض يتندرون على نتائج حبوب الصيام إن صح التعبير فيقولون إن أراد جماعة العقاقير تناول الخمر لاحتوائه على مادة الريزفيراترول مثلا ففي كل ليتر من النبيذ الأحمر 15 مليغرام ولو أردنا أن نحصد نتائج جيدة في الفئران فعليها أن تدلق في أمعائها كل يوم 15 زجاجة من الخمر المعتق.. خلاصة البحث ثلاث أفكار: الصوم جنة، أي وقاية من الأمراض، وهو يوصل للتقوى من خلال التأثير على الدماغ بتخفيض كمية الطعام أو حرمانه من الطعام.. الثانية : يأتي العلم بالدليل على أثر العافية من خلف الجوع أو الصوم.. والثالثة : أن من يريد قلب النسب، بأخذ أثر الصوم بدون صوم، فمثله كمثل الكلب أن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون , أو يتندرون كما رأينا في حفلة خمر الفئران؟؟ .