بعد أن تم تحقيق قدر ملحوظ من التوافق الوطني عند عتبة الملعب السياسي، وذلك عطفاً على اتفاق المؤتمر الشعبي العام مع اللقاء المشترك، مع طريق مفتوح لحلفاء الطرفين إلى الحوار الوطني الشامل المؤسس على الوحدة والإصلاح. تبعاً لذلك لم يعد هناك مبرر لعدم انخراط الجميع في الحوار الشامل وغير المشروط، فالوطن لن يصنع مخرجاً لأزمته الراهنة إلا بتشارك فرقاء الساحة اليمنية على كلمة سواء، الأمر الذي يقتضي تقديم تنازلات شجاعة من الطرفين، مع ملاحظة أن المشتركات والخلافات حاضرة في آن واحد. العمل السياسي الرشيد يتلخّص في فن إدارة الخلاف والاختلاف على أساس من النوايا الحسنة والرغبة في التغيير الجاد، واعتبار ما يمكن أن يتبلور في إطار المصلحة الوطنية العليا، وهو ما يقتضي استيعاباً إدراكياً وممارسياً من قبل المؤتمر الشعبي العام، لأهمية الإسراع في الإصلاح على قاعدة اللامركزية الناجزة، والحلول العبقرية لمفهوم الحكم المحلي المقرون بصيغة متجددة لدولة الوحدة والتعدد، مما ينفس جملة من الاحتقانات النابعة من المركزية، وعلى المستويات كافة، وليس المستوى السياسي فقط، وبالمقابل على اللقاء المشترك وأنصاره التخلي عن ثقافة التغيير بالصدمة، والتي ستشكل حافراً حقيقياً للمتطرفين من الجبهتين المتواجهتين، وهذا يعني ببساطة شديدة فتح مسافة إجرائية بين المنطق الأيديولوجي “ العقائدي “ والحقيقة الواقعية، فالإصلاح الممكن في اليمن يتطلب جهداً ووقتاً، ومحاصرةً لتراكمات موروثة منذ عقود المتاهات التي حكمت شطري اليمن سابقاً، وأعادت إنتاج نفسها بصورة أكثر تراجيديةً منذ الوحدة الطوعية لنظامي صنعاء وعدن.. يقيني أن عقلاء الأمة والرائين لما يتجاوز الآكام والهضاب مؤهلون لإنجاز الملحمة الوطنية الجديدة، والقبض على جمرة الصبر، وعدم الانجرار وراء التصادمات غير الحميدة.. تلك التي طالما عانى منها اليمانيون، ودفعوا على دروبها دماءً ودموعاً غزيرة. [email protected]