ما تكتبه وتنشره صحف المعارضة من أباطيل تستهدف المساس بشرعية اللجنة العليا للانتخابات لا يستند إلى حقائق دستورية وقانونية.. بقدر استناده إلى دعاية إعلامية مكتوبة بلغة المكايدات والمزايدات الحزبية والسياسية التي تقدم الباطل بثوب الحق في لعبة سياسية الهدف منها هو تضليل الرأي العام الداخلي والخارجي لتبرير ما تستخدمه أحزاب المشترك من مناورات وتكتيكات حوارية لتضييع الوقت وتوصيل الحزب الحاكم إلى أزمة الفراغ الدستوري الموجب لفرض ما تخطط له من استبدال مبدأ التداول السلمي للسلطة بشرعية انتخابية بمبدأ الوفاق والاتفاق على التقاسم غير الديمقراطي للسلطة والثروة؛ بشرعية حوارية وحزبية تستبدل المرجعية الشعبية للهيئة الناخبة بالمرجعية الحزبية للأحزاب والتنظيمات السياسية الموقّعة على اتفاق فبراير، في تراجع واضح وسافر من الديمقراطية إلى الشمولية، ومن التداول السلمي للسلطة بشرعية انتخابية إلى تقاسم السلطة بأساليب شمولية هي أقرب إلى مرحلة الشرعية الثورية منها إلى مرحلة الشرعية الدستورية. ضف إلى ذلك أن الحملات الدعائية لا تستهدف الإساءة إلى اللجنة العليا وفيما تقوم به من المهام التحضيرية والتدابير العملية لمراجعة وتعديل جداول الناخبين كشرط من الشروط القانونية لإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها الدستوري والقانوني في ال 27 من ابريل، وبالتحديد يجب أن تكون الجداول نهائية قبل دعوة رئيس الجمهورية للناخبين إلى ممارسة حقوقهم في انتخاب أعضاء مجلس النواب الجديد والتي تتم قبل ستين يوماً من انتهاء المجلس القديم. ودون قيام اللجنة العليا بمراجعة وتعديل جداول الناخبين قبل تلك الدعوة بفترة كافية للمراجعة والطعون فلن تستطع إجراء الانتخابات في موعدها وسوف تتعرض للمساءلة الدستورية والعقوبات القانونية بتهمة عدم القيام بما أناطه بها الدستور والقانون من الصلاحيات والاختصاصات والمسئوليات العلمية، كيف لا وقد تم التجديد للجنة من خلال المؤسسات الدستورية ممثلة بمجلس النواب وفخامة الأخ رئيس الجمهورية كأقرب الحلول البديلة لما حدث من خلاف بين الأحزاب والتنظيمات السياسية الموقّعة على اتفاق فبراير والتمديد لمجلس النواب سنتين لهذا الغرض، ولم يكن هناك من بديل لتلكّؤ أحزاب المشترك عن تقديم أسماء حصتها من أعضاء اللجنة أمام كتلة الأغلبية سوى التجديد لنفس اللجنة التي أجرت الانتخابات البرلمانية في عام 2003 والانتخابات الرئاسية والمحلية عام 2006م، نظراً لما عُرفت به من الكفاءة والنزاهة المعبرة عن الاستقلالية والحيادية التي أشادت بها كافة الهيئات والمنظمات الدولية والدول المؤيدة للديمقراطية. أقول ذلك وأقصد به أن سوء النية الذي نستدل عليه من خلال المناورات المكشوفة لأحزاب المشترك، سواء في الحيلولة دون التصويت النهائي على التعديلات القانونية التي شاركت في التصويت عليه مادة مادة أم في عدم تقديم حصتهم من الأسماء البديلة، أو في ضغوطهم على أعضائهم السابقين بعدم أداء القسم وبعدم المشاركة في أعمال اللجنة؛ أو حتى في التهرب من الحوار المباشر حول ما اتفق عليه في اتفاق فبراير من نشاطات خاصة بالتعديلات الدستورية والقانونية والانتخابية وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والانحراف بالحوار عن مساره وأهدافه لضياع الوقت في الخوض في متاهات المعتركات الهامشية للتهيئة وللتهدئة التي تحتاج إلى عشرات الأعوام، مستغلة ما لديها من قدرات على التسويف والمناورة التكتيكية لتضليل الهيئات والمنظمات الدولية واستخدام مواقفها المائعة للضغط على الحزب الحاكم للحيلولة دون إجراء العملية الانتخابية في مواعيدها الزمنية المعلومة وكأن هذه الهيئات والمنظمات والدول تؤيد المواقف الشمولية الرافضة للديمقراطية. أقول ذلك من منطلق ما تمتلكه اللجنة العليا من حق في التوضيح والدفاع عن النفس؛ في وقت تزعم فيه أحزاب المشترك أنها مستندة إلى الدعم الدولي في مواقفها الهادفة إلى الحيلولة دون إجراء العملية الانتخابية؛ غير آبهة بما سوف يترتب على الفراغ الدستوري من عواقب كارثية وخيمة بحق الوطن والشعب سيكون من شأنها إضافة فوضى إلى فوضى، وعنف إلى عنف، وإرهاب إلى إرهاب، وأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية إلى ما يعتمل هنا وهناك من الإشكاليات. إن اللجنة العليا للانتخابات التي تجد نفسها مرغمة على تطبيق الدستور والقانون في القيام بواجباتها؛ إذ تؤكد سلامة موقفها وصحة ما تقوم به من تدابير عملية لمراجعة وتعديل جداول الناخبين؛ تؤكد للرأي العام الداخلي والخارجي أن بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية غير مستعدة للمشاركة الإيجابية في الحوار وفي العملية الانتخابية لما لديها من حسابات وأجندات تتنافى مع ما هو معلن من المواقف، أنها مستعدة لأي مطلب من المطالب الدستورية والقانونية عبر اللقاءات المباشرة مع الأحزاب ومع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية، وأي جهات قضائية محايدة بعيداً عن الاستفزازات والمهاترات الجدلية الهادفة إلى إصدار الأحكام الدعائية والسياسية من طرف واحد، مؤكدة أن مثل هذه التداخلات الحزبية للسياسة والصحافة لا تخدم التطور المنشود للعملية الديمقراطية، ولا تقوي ما كفله الدستورية والقانون للجنة العليا للانتخابات من الحيادية والاستقلالية والحماية بقدر ما تؤدي في الحاضر والمستقبل سواء بالنسبة لهذه اللجنة الحالية أم بالنسبة لغيرها من اللجان البديلة. أقول ذلك وأقصد به أن من لا يثق بما لديه من قدرات تنافسية انتخابية من أصحاب الأقلية المعارضة يلجأ في الحاضر والمستقبل وفي ظل هذه اللجنة المجربة أو في ظل أية لجنة بديلة وجديدة يملي شروطه على صاحب الأغلبية، وسوف لا يتوقف الأمر عند حدود المواقف السلبية عن من هم في المعارضة اليوم بقدر ما سوف يتجاوز ذلك إلى مواقف من هم في الحكم إذا لم يحصلوا على ما يتطلعون إليه من النجاح، وهكذا دواليك من المشاركة والمقاطعة التي لها بداية وليس لها نهاية على نحو يفقد الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة معانيها التداولية والجماهيرية بحيث تصبح الإرادة الحزبية أعلى من الإرادة الشعبية، وتصبح إرادة الأقلية هي النافذة على إرادة الأغلبية، على نحو يستدل منه على نوع جديد من الديمقراطية الانتقائية المبنية على الاتفاقات الوفاقية والحوارية لمرجعية غير دستورية وغير قانونية وفوضوية مسيئة إلى الديمقراطية المعمول بها في كافة البلدان الديمقراطية الناشئة والناضجة على حد سواء. نعم إن الأحزاب التي تمارس الإعداد للعملية الانتخابية بما يقرب من نصف اللجان الإشرافية والأساسية والأصلية والفرعية لمراجعة وتعديل جداول الناخبين وتنفيذ العملية الانتخابية وبنفس النسبة من المراقبين الحزبيين وبما لا حدود له ولا قيود من الرقابة المحايدة والوطنية والدولية وفي حق الظهور أمام المحاكم القضائية؛ كيف تجيز لنفسها حق التشكيك بسلامة ونزاهة العملية الانتخابية، وما هي المعايير والضمانات التي تريدها ولم تحصل عليها من قبل اللجنة العليا للانتخابات أو من قبل حزب الأغلبية بما يقدمه من التنازلات الحوارية المفتوحة كما يحدث في تجربتنا الديمقراطية الناشئة التي تحتاج إلى مواقف وطنية ودولية صريحة وواضحة وداعمة لحق الشعب وهيئته الناخبة ومؤسساته الدستورية القائمة بدلاً من أنصاف المواقف التي تضع رجلاً مع من هم في الحكم ورجلاً مع من هم في المعارضة أو موقفاً مؤيداً للهيئات الدستورية ومواقف مؤيدة لمن هم خارج المؤسسات؛ فستجد نفسها في ظل المواقف المائعة سبباً من الأسباب الداعمة للشمولية وللتراجع عن الديمقراطية، وللمطالب اللا معقولة على المطالب المعقولة، وللمطالب اللا مشروعة على المطالب المشروعة، وللمطالب الفوضوية على المطالب الدستورية والقانونية إذا استمرت تقيّم التجارب الديمقراطية من وجهة نظر البيانات والكتابات المرتجلة التي تنسب ما لديها من مطالب غير دستورية وغير قانونية إلى التشكيك بأية هيئة أو مؤسسة دستورية وقانونية؟!. ذلك ما لا يخدم الديمقراطية ولا يتفق مع مبدأ التداول السلمي للسلطة، ولا ينسجم مع الدستور والقانون بأية وسيلة من الوسائل المعقولة والمقبولة.