سألت نفسي وأنا تابع حلقة في مسلسل مترجم , كل حلقة فيه تدور حول قضية واحدة كما بدا لي لأنني لم أشاهد كل الحلقات وتمنيت للقضاء العربي والإسلامي أن تكون له مكانة بين الناس كمكانة أي قضاء اجنبي وإن اختلفت الديانات والقوانين فيها , فهناك يروى والراوي ناطق بالضاد أنه إذا قال الخصم لخصمه : قابلني في المحكمة ارتعدت فرائصه وإن كان من أغنى القوم وأقواهم وأكثرهم نفوذاً أو مسئولاً كبيراً مدنياً أو عسكرياً أو مقرّباً وقريبا من أعلى سلطة. فبعد أن قدم الادعاء مالديه ودفع المتهم بما عنده ومن ذلك الشهود أعلن كل منهما في الجلسة أنه مكتفٍ بما أثبت يرفع القاضي الجلسة ويعلن أن الحكم بعد المداولة التي تستمر عشر دقائق بين الاعضاء في الغرفة المخصصة ويستأنف القضاة الجلسة وبمجرد جلوسهم على الكراسي يعلن رئيسهم الحكم بأن فلاناً بريء أو أن الحق لفلان وأن القضية انتهت ونادراً مايستأنف الطرف المحكوم عليه ولكنه قد لايجد محامياً آخر يتقاضى عنه وإن كان فلشهور بعد أن يطلع على ملف القضية وحيثيات الحكم. في اليمن يحدث ومنذ عقود أن يحاول الخصم القوي تعطيل القضية لتغريم خصمه أكثر حتى أنه يرفع عليه دعوى كيدية ليس لها علاقة بالقضية الأولى ويطلب إعادة فتحها بحجة عثوره على إثباتات وحجج جديدة لم يدلِ بها في درجات التقاضي الثلاث, فيحصل على مايريد ويصبح المحكوم له متهماً وملاحقاً توصد امامه أبواب المحاكم ويلزم باحترام القرار الذي لم يحترمه من صاغ القرار وحكم بإعادة النظر ويحمل المحكمة الابتدائية والاستئنافية أو إحداهما المسؤولية في عدم البحث والدقة والتطويل . وبذلك يدخل الخصمان أو كلاهما مرحلة جديدة من النزاع الذي يكلف الكثير ويقاوم فيها صاحب الحق قدر مايستطيع اساليب خصمه بالحجة وذلك يقهره بماله ويمضي في تعهده بأن يجعله يخسر مافوقه وماتحته أو يودي به إلى عالم الجنون والإفلاس إن لم يحدث له شيء آخر كالموت أو القتل إن رأى بأنه لن يستسلم كذلك الشاب الذي قتل ابوه قبل ولادته وعندما كبر سأل والدته عن أبيه فقالت له بعد إلحاح إنه قتل فقال : من قتله , قالت : كان يتشارع مع فلان وإخوته وما درينا الا وقد قتل في مكان قريب من القرية ولم نعرف من هو القاتل. فقرر أن يبحث ويطلع ويسأل حتى وصل الى أساس النزاع وسببه مع اولئك الذين لم يجرؤ الجيران على الشهادة بماعرفوا أو اعترفوا بذلك في جلسات المحاكمة التي نجح الولد في فتح وتحريك القضية من جديد, ومع ذلك فلم يكونوا في قفص الاتهام أثناء الجلسة الأولى بل جلسوا خلف الشاب وهددوه بالقتل وصاح وذهب صياحه بدون صدى لأن الذين كانوا حوله وحولهم من المجندين للتشويش عليه وعلى المحكمة التي سألت إن كان احداً بين الحضور قد سمع التهديد الذي ذكره الشاب فلم يقل احد إنه سمع شيئاً من هذا القبيل. وكما علمت بأنه حصل وبعد سنوات من التعب في البحث عن العدالة وبعد خروج القضية من يد القاضي الذي كان يتهمه بالتعصب على الحكم المقرر الذي لم ينفذ حسب قول الراوي وأن الشاب الذي انهكته الشريعة وغزا الشيب رأسه متمسكاً ومطالبا العدالة بأن تأخذ مجراها وأن ولده الكبير سيقوم مثله بملاحقتهم إذا مات قبل التنفيذ وربما لن يتم ذلك بعد عشرات الجلسات في الدرجات القضائية الثلاث.