إنها عملية حسابية صعبة جداً مع أن حلها يفهمه البليد قبل الذكي، ولكنه الواقع الذي يجثم علينا بسبب عدم من يفهمون أو لا يريدون أن يفهموا أن الحل سهل وممكن ولا يختلف عليه اثنان إذا سخرا به قلوبهما للتقوى من النار يوم القيامة لأنه حقٌ من يسكت عنه صار رفيقاً للشيطان الملعون. ومن لحن الكلمة الأولى أروي عن نفسي وبالنيابة عن غيري قصةً من سطور قليلة بدأت بشراء أحد الأشخاص الذي قال بأن نصف صفيحة من التمر , ذكر بأنه ونتيجة لثقته بالبائع لم يشترط سوى أن ينزع المعدن عن التمر ويعبئه في كيس وأما الثمن فهو خمسة آلاف وخمسمائة ريال. وفي البيت قامت حرمه المصون بتفكيك الكتلة وتعبئتها في أوانٍ وعلب صغيرة وتلهفت الأسرة الكثيرة العدد لتناول الفطور بمعدل ثلاث حبات حسب السنة النبوية أولاً ومن ثم السمبوسة والباجية والبطاط المسلوقة مع السحاوق الحار والزلابيا , وقالوا هذا فطور , فسمع الأول صوت اسنان الثاني تصطك بالحصوات الصغيرة وهي ذرات رمل يعتقد ان من قام بغمس التمر فيه لم يتحر الأمانة فيضع طربالاً تحته ويتذكر أن ذلك مطلوب منه رسمياً وشعبياً وبدوافع صحية وإنسانية وأخلاقية. واضطر المشتري لإعادة الكمية إلى البائع فقال الثاني: لماذا لم تعده إليّ قبل أن تفككه حبة حبة ؟ رد عليه المشتري : والله ما فكرت أنني سأجد تمراً محشواً بذرات الرمل وأنك أنت من يفعل هذا معي رغم أنني أتعامل معك منذ سنوات في رمضان وغير رمضان .. فحلف الرجل أنه لم يغش عن عمد ولم يصادف كثيراً مثل هذه الحالة ومن ثم أعلن أنه لا يستطيع قبول التمر أو الخسارة. تدخل شخص ثالث وقال له : أنت ضامن ومن باع لك ضامن وليس في هذا نقاش بأي عرف , وصاح في وجهه : يا جماعة المورّد هو الذي اعطاني هذا وقد أخذت الكمية من مندوبه قبل أسابيع ولن يقبل شيئاً فهل ترضون بذلك ؟ وقاطعه المشتري والشخص الثالث : هذا شأنك ولماذا لم تشتر من وكيل من الذين تعرفهم في تعز كما نعرفهم من زمان. وقد وجد المشتري نفسه بين أمرين إما أن يدخل في مشكلة أو يتنازل عن النصف ولكن البائع رفض وقال : اطرح التمر عندي فإن بعته ففلوسك محفوظة عندي إلى بعد العيد وإذا لم يساعدنا الحظ فعندها يجعل الله حلاً بيننا , وهذان كيلوان من عندي وتوكل على الله ليقطع متعة المتجمهرين الذين تجمعوا من حولهما حتى سدوا الطريق. أما الثانية فتدور بين صاحب مكنسة كهربائية وبين صاحب الورشة التي تتبع صاحب الوكالة الذي سأل مابها؟ فقال له : حدث فيها شرر من هنا اثناء العمل في كنس البيت وتوقفت.. فقال : ربما سيكلفك هذا مبلغ اثنين وعشرين ألف ريال قيمة المتور حقها , وهو لايتوفر لدينا وإنما سنطلبه من الإدارة العامة في صنعاء فاستغرب منه صاحب المكنسة لإصداره فتواه مع أنه ليس مهندساً وأما المهندس فسيتواجد بعد العشاء. وفكر صاحب المكنسة بحل أفضل وهو شراء مكنسة جديدة بسعر قد يقل عن تكلفة إصلاحها لدى الوكالة , والمبلغ غير متوفر على كل حال وإنما سيجمعه على مدى أسابيع إن لم يجد من يعطيه بالتقسيط .. وهكذا هي المفارقات الموتّرة للأعصاب في أسواقنا , فمن المسؤول؟ .