البلاد العربية مهددة بأزمات غذائية حادة إذ لم تتدارك أمرها بالتوجه نحو استصلاح أراضٍ زراعية جديدة, بالإضافة إلى الأراضي التي كانت تزرع سابقاً ثم طالها الإهمال والتسيب, ولا يستطيع أحدٌ أن ينكر أننا في العالم العربي تحديداً قد أصابنا الارتخاء والتواكل بسبب مانستورده من غذاء وفي مقدمة ذلك القمح، هذه المادة الإستراتيجية التي أصبح إنتاجها يتناقص عاماً بعد عام في الكثير من البلدان المنتجة وتحديداً المصدرة لها, وسيكون خطر ذلك كبيراً على البلدان المستوردة وفي مقدمتها البلاد العربية. فالكوارث الطبيعية كالحرائق التي أتلفت مئات الآلاف من الأفدنة الزراعية في جمهورية روسيا الاتحادية, والفيضانات التي أغرقت باكستان ودمرت الأراضي الزراعية, بالإضافة إلى الجفاف وقلة الأمطار في بلدان أخرى مما تصحرت معه مساحات واسعة من الأرضي الزراعية, كل هذه الظواهر قد جعلت من مادة القمح تتناقص وبشكل مخيف مما جعل المنظمة الدولية للأغذية والزراعة تحذر من خطورة المشكلة لاسيما وأن معظم دول العالم تعتمد اعتماداً شبه كلي وإن لم نقل كلياً على ما تنتجه دول قليلة في هذا العالم أهمها: روسيا, كندا، أمريكا, الأرجنتين, أستراليا وغيرها من البلدان. فإذا ظل الأمر كذلك فإن البلدان المستوردة والمعتمدة كلياً على الخارج لابد وأنها سوف تدفع الثمن باهظاً اقتصادياً وسياسياً، لذا نقول: إن على البلدان العربية أن تفيق من غفوتها وتتحمل حكوماتها المسئولية الأولى في أن تستيقظ وتتخذ الإجراءات الهادفة إلى مواجهة مثل هذه الأزمات من خلال استصلاح الأرضي ورصد الميزانيات الكبيرة لتطوير العمل الزراعي وتشجيع المزارعين على ذلك ومن ثم خلق شركات زراعية تسويقية تقوم بتسويق منتجات المزارعين بما يشجعهم على المزيد من الإنتاج. نتمنى من حكوماتنا العربية أن لاتركز كل جهودها على الاقتصاد الربحي السريع كاقتصاد الخدمات والصناعة, على حساب الاقتصاد الزراعي المستدام، ولابد من وجود سياسات اقتصادية تكاملية في الوطن العربي حتى يتحقق النجاح, ويعود الخير للجميع الذي سيبعدنا عن شرِّ العوز والحاجة ومدِّ اليد للآخر.. فهناك بلدان عربية تمتلك المال, وأخرى تمتلك الأرض, والقضية لاتحتاج إلا إلى إرادة سياسية قوية واستشعار ما قد يقع علينا، فجمهورية روسيا بعد الحرائق التي أصابت مزارع القمح فيها امتنعت عن التصدير مما جعل البلدان المستوردة تبحث عن أسواق أخرى كمصر مثلاً وهنا نتوقع أن تصاب بلدان منتجة للقمح بكوارث طبيعية تؤثرعلى إنتاجها, ماذا سيكون الحل ياترى والحل هنا يكمن في الاستثمار الواسع للقطاع الزراعي, وتسخير رؤوس الأموال العربية في خدمة ذلك القطاع بالإضافة إلى التعاون والتكامل بين أقطار الوطن العربي بمثل هذه الخطوات والتوجهات نكون حينها قد استطعنا درء الأفكار المنتصبة أمامنا وبعون الله سننجح.