وضعت الأزمة الجديدة العالم في كف عفريت غذائياً واقتصادياً وصحياً وسياسياً منذ الانهيار الكاسح لأسواق وبنوك المال في كبريات مدنه وأسواقه وأهمها نيويورك ولندن وطوكيو وباريس وبيجين..غير ان حرائق روسيا التي أتت على الغابات والمحاصيل الزراعية وعلى رأسها القمح قد وصل لهيبها إلى الدول المستوردة التقليدية أي التي تشتري القمح الروسي منذ عقود بموجب اتفاقيات. ومن الدول التي تستورد القمح الروسي بكميات تبلغ في بعض السنين مليوناً إلى مليوني طن متري،ومعظمها من الدول العربية التي أبرمت عقوداً لشراء هذا الغذاء الرئيسي الاستراتيجي قد شعرت حكوماتها بالذعر من قرار الحكومة الروسية ايقاف التصدير لمدة مؤقتة بسبب الحرائق التي اقتربت من العاصمة ومن موقع تشيرنوبل النووي الذي انفجر عام 86 وتسبب في كارثة بيئية وبشرية لن تزول آثارها ولو بعد مئة سنة كما قال خبراء روس وغيرهم، وأصبح السكان المحيطون بالموقع وعلى بعد مئات الكيلومترات يعدون الساعات بقلق شديد إلى أن تعلن حكومة بوتن الروسية اخماد الحرائق نهائياً وتأمين تلك المواقع ومخازن الأسلحة وعاصمة البلاد من الخطر غير المسبوق. وهناك عدة دول منتجة للقمح تستغل الفرصة في رفع أثمان صادراتها وتضيف على الصفقات الآجلة التي كانت قد حُددت أسعارها قبل أشهر أو سنة بغض النظر عن حاجة البلدان المستوردة أو متانة علاقاتها في كافة المجالات مما يوجد حتماً أزمة غذائية تهدد الأمن والسلم الاجتماعي داخل كل قطر، إذ سيقل المال وترتفع نسبة الفقر والبطالة ويندفع الشباب والجوعى في الشوارع مالم تتمكن الحكومات بأمنها وجيوشها من قطع الطرق الفوضوية عليهم قبل اتساع نشاطاتهم التي عادة مايستغلها آخرون أكثر عدوانية وإجراماً كما هو معروف ومجرب في حوادث كتلك التي وقعت في بعض الدول العربية وكان الأبرياء هم المتضررون من أعمال السلب والنهب والحرق . وقد أخذت بعض الدول تدرس الاجراءات المسبقة من باب الاحتياط لما قد يتسببه ارتفاع أسعار القمح وإن بنسب بسيطة إلا أنها لاتحتمل لدى أكثرية الشعوب العربية الاسلامية اضافة إلى الكارثة التي حاقت بباكستان وقضت على ماقيمته مليارات الدولارات من المحاصيل وخاصة الأرز وتشريد أكثر من أربعة عشر مليوناً قضت السيول والانهيارات الأرضية على بيوتهم وأصبحوا في العراء بأمراضهم الناجمة عن المياه الملوثة والحشرات السامة والبعوض، وقد زاد الخوف من احتمال تغيير السياسة الأمريكية كما جاء في بعض الأنباء من واشنطن بأن مصدري القمح الأمريكيين يدرسون اجراء تعديلات عاجلة على صادراتهم إلى الدول التي تتعامل معهم من خلال المؤسسات التموينية الرسمية أو القطاع الخاص بحجة أن الولاياتالمتحدة نفسها قد تعرضت لهزات مناخية وكوارث طبيعية أثرت على الناتج القومي الأعلى في العالم من القمح والذرة بالاضافة إلى التزاماتها الأخلاقية في مساعدة المنكوبين في أنحاء العالم غذائياً وصحياً ولوجستياً كإنقاذ وإسعاف المصابين والمحاصرين بطائرات الهيلوكوبتر والأدوات والمشافي المتحركة الطارئة. وهنا ستقف الشعوب المتضررة أمام عبارة (ويل لشعب لايأكل مما يزرع) بندم حين لاينفع الندم وأخص اليمن حصرياً بضرورة الارتقاء بالتفكير والقول والعمل لزراعة القمح وكل الحبوب وإزالة القات من بعض الوديان الخصبة التي غزاها تدريجياً واستعادة شهرتها في انتاج المحاصيل الزراعية الغذائية بكميات كبيرة وبوسائل حديثة والاقتصاد في المياه وتوفيرها للري والشرب والنظافة على مدار العام.