السفارة الأمريكية: مداهمة الفعالية النسائية لحزب الإصلاح بحضرموت تقويض لحرية التعبير    محافظ حضرموت يناقش خطط تطوير ميناء المكلا وتوسعته    تحذير دولي من وطأة الصراع الحوثي – الإسرائيلي على المدنيين في اليمن    47 رياضيا عالميا يطالبون اليويفا باستبعاد إسرائيل من البطولات    تدشين حملة التحصين الطارئة ضد شلل الأطفال في مأرب والحديدة    تحديد موعد تشييع جثمان الشهيدة افتهان المشهري    على الإنتقالي الربط بين الواقع الداخلي المزري والعمل الدولي؟    ناصر: خمسة عقود من الغياب الحاضر    عاجل: السفارة الأمريكية تختم جواز سلطان العرادة بختم الإرهاب وتحرمه من مرافقة العليمي    اليمن يستهدف يافا وأم الرشراش    الريال يخسر كارفاخال أمام برشلونة    ليون يخنق سان جيرمان.. ونيس ينزف    أرسنال ينتزع نقاط نيوكاسل بثنائية    خبير في الطقس يتوقع هطول أمطار بين المتوسطة والغزيرة نسبيًا على أجزاء من المرتفعات    حالة استنفار ورعب واسعة تزعزع الاحتلال بصاروخ من اليمن    برشلونة يقلب الطاولة على سوسيداد ويخطف صدارة الليجا    247 مليار دولار مساهمة السياحة باقتصاد الخليج في 2024    كل اليمنيين متشابهون في مواقفهم: مطوعهم وكافرهم    نداء إنساني عاجل: مواجهة الجوع والفقر باستعادة حقوق الإنسان المنهوبة    مناقشة الإخفاقات خطوة نحو التصحيح    برشلونة ينفرد بصدارة الدوري الاسباني بعد الفوز على سوسيداد بهدفين لهدف ، وتعثر الريال    لماذا يعترضون على رفع صورته المضيئة؟    العقلية العربية.. وثقافة الذات!!    الفيلسوف "الشراعي".. كاتب وباحث تاريخي استثنائي    "وثيقة" تكشف عدد المنشآت التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة بمدينة تعز منذ عقد من الزمن    الأمم المتحدة تعيد فرض حظر أسلحة وعقوبات أخرى على إيران    في كلمته بالذكرى 63 لثورة 26 سبتمبر.. الرئيس المشاط : نقف اليوم على أعتاب نصر جديد يصل بنا إلى اليمن المنشود    وفاة امرأة بخطأ طبي في إب وسط غياب الرقابة    بحث مع ممثل منظمة الإغاثة الإسلامية أوجه التعاون.. وكيل وزارة الخارجية يلتقي رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر باليمن    مرض الفشل الكلوي (21)    سرعات جنونية وإهمال قاتل: طريق الموت يفتك بأبناء قرية نقيل يسلح في بلاد الروس !    الشركة اليمنية للتحويلات تطلق خدمة "استلم حوالتك كما هي"    صنعاء تضيء شعلة العيد الوطني ال63 لثورة 26 سبتمبر الخالدة .. هُنَا الجمهورية    شهداء الكلمة وحراس الحقيقة    تكريم خريجي مدارس الشهيد الصماد للعلوم الشرعية بالمنطقة العسكرية السادسة    عنف يخلق إبداعًا    آه يا أوراس.. يا صاحب الفكر المستنير    مدير عام الشعيب ورئيس انتقالي المديرية يكرمان المناضل عمر العمروط    مدير عام الحصين بالضالع يؤكد على أهمية مشاركة المرأة في احتفالات ثورة 14 أكتوبر    اجتماع في صنعاء يناقش تنظيم قطاع المعارض التجارية    هيئة الإعلام والثقافة تبحث آليات تنسيق وتعزيز العمل الإعلامي والثقافي والسياحي بالعاصمة عدن    الوزير السقطري يدشن ورشة عمل لمراجعة ومصادقة الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي بعدن    التراث السعودي في «ديربي مدريد»    محافظ حضرموت يبحث مع وفد المفوضية الأممية تعزيز التعاون الحقوقي والإنساني    حدث محزن في عدن.. أب يرهن جواله مقابل وجبة عشاء لأطفاله الجياع    انفجار الغضب: شعب بلا رواتب ولا خدمات.. حكومة بلا ضمير!    "شباب المعافر " يتوج ملكاً لبطولة "بيسان " والحروي يؤكدرسمياًأقامتها كل عام مع إسدل نسختها الاولى    كلية الإعلام بجامعة عدن تُقر استعداداتها للعام الدراسي الجديد وتحتفي بأول دفعة بكالوريوس    رئيس انتقالي عتق يزور معرض شبوة للكتاب    مراجعة جذرية لمفهومي الأمة والوطن    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    القهوة تساعد على تخفيف الصداع.. كيف تتناولها لحصد الفائدة    مصادر البروتينات النباتية.. تَعَرف عليها ؟    الشاي وصحتك.. 3 أكواب كافية لصنع الفرق    صنعاء... الحصن المنيع    "جيل الشاشات".. كيف خطفت الهواتف تركيز الطلاب؟ وهل يمكن استعادته؟    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    في محراب النفس المترعة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للكبار فقط...

بالأمس مرّت 186 سنة على تأسيس بريد عدن... ولمن لا يعرف: لم يكن مجرد مبنى يحمل طابعًا بريديًا، بل كان شاهدًا على أول مظاهر الحداثة الإدارية في الجنوب، ومركزًا حيويًا للتواصل البحري والدولي، قبل أن يُعاد توظيفه لاحقًا كمقر للمحكمة العليا، وقبله كان متصلًا جسديًا ورمزيًا بمنارة عدن... تلك البيضاء الشامخة، التي لا تزال واقفة كضمير هذه المدينة، رغم كل ما لحق بها من قبح وتخريب. بريد عدن كان مؤسسة دولة، قبل أن تُفرّغ الدولة من معناها.
كان منصة للربط بين الناس، قبل أن تتحول المؤسسات اليوم إلى أدوات مراقبة، وسلطات فوقية لا تؤمن بخدمة المواطن، بل بإدارته وتطويعه. واليوم، وفي نفس التوقيت، تمر علينا ذكرى رحيل واحد من أعمدة الضمير العدني والجنوب: هشام محمد علي باشراحيل، الذي لم يكن مجرّد ناشر، بل ركيزة في معمار الصحافة الجنوبية المستقلة.
قائد الأيام، تلك الصحيفة التي لم تكن مجرد جريدة مطبوعة، بل كانت فضاءً حرًا، مدرسة مهنية، وجبهة مواجهة ناعمة ضد عسكرة المدينة وقمع الحريات. هشام باشراحيل، ومعه شقيقه الأستاذ الجسور تمام محمد علي باشراحيل، قادا واحدة من أشرس معارك الصحافة ضد منظومة علي عبدالله صالح، التي أرادت تدجين الكلمة وتذويب الصحفي في قالب الدعاية الرسمية. لكن "الأيام" تمردت على كل ذلك، ودفعت الثمن بدمّها وبقفل أبوابها لسنوات، لكنها لم تساوم. فتحت الصحيفة صفحاتها للجميع، واحتملت من الآراء ما كان يفترض أن يُرفض لاختلاله مع أخلاقيات المهنة وحدود القانون، لكنها لم تكن تنتقي الأصوات على أساس الولاء، بل على أساس الوجود.
ذلك لأن هشام كان يعرف أن الحرية ليست رفاهية، بل مسؤولية... وأن الصحفي الحقيقي لا يُعيد صياغة ما يُملى عليه، بل يصيغ الحقيقة كما هي، حتى وإن تألم منها الجميع. في ذكرى وفاته، نحن لا نرثي رجلًا... بل نُشيّع زمنًا من الحضور القوي في وجه التغوّل.
رحل هشام، لكن روح "الأيام" التي صنعت الوعي، وخلخلت منظومة القمع، لا تزال تتنفس رغم الضربات. عدن، التي كانت منارة للمؤسسات، باتت تبحث اليوم عن مؤسسة لا يسيّجها العسكر، وعن صحيفة لا تُدار من الخلف، وعن رجل لا يكتب بمرآة مزاج الحاكم.
نفتقد هشام، لأننا نفتقد من لا يخاف من الكلمة، ولا يُقايض على المبادئ. رحم الله هشام باشراحيل، وأطال الله في عمر من تبقى من هذه السلالة النزيهة.
ولمن يسأل: لماذا "للكبار فقط"؟
لأن هذا الكلام لا يُقال على منصّات الضجيج... بل يُفهم فقط في دوائر الوعي، حيث يُحترم التاريخ، وتُبجل التجربة، ويُفهم معنى أن تكون حرًا في زمن تُصادر فيه الهُويات وتُستباح فيه الحقيقة.
المحامي/جسار فاروق مكاوي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.