تشكل الطرق الرئيسية شريان حياة يربط بين مختلف المحافظات اليمنية، لكنها تحولت في بعض المناطق إلى تهديد لحياة الأهالي في مختلف القرى والتجمعات السكانية الواقعة على الطرقات الرئيسية. وتعتبر قرية نقيل يسلح بمديرية بلاد الروس في محافظة صنعاء، الواقعة على الطريق الرابط بين العاصمة صنعاءوذمار، إحدى التجمعات الريفية التي تتكرر فيها المآسي التي تحصد الأرواح وتخلف وراءها الضحايا من الأطفال والنساء والرجال، على حد سواء، بالإضافة إلى الخسائر في المواشي، بسبب الحوادث المرورية، لا سيما وقوع المدرسة وسط الوادي، ومعظم الأهالي يعملون ويعتمدون في حياتهم اليومية على الزراعة والرعي. محمد العلوي التقيت أحد أبناء القرية بالصدفة خلال رحلة سفر جمعتنا من العاصمة صنعاء باتجه ذمار، تبادلنا اطراف الحديث حول المآسي المرورية بالأهالي، حيث يتوقع الأخ علي الجبري، ضحايا الحوادث المرورية المتكررة نتيجة السرعة الجنونية للسيارات التي يتذكرها خلال سنوات عمره في القرية ممن فقدوا حياتهم بقرابة 50 شخصا، ونحو 100 مصاب من الذكور والاناث بمختلف أعمارهم بعضهم يعاني من إعاقات دائمة، وفق حديثه. وأفاد أن آخر ضحايا القرية طفلا بريئا لقي مصرعه في منتصف أغسطس الماضي، كان يقف خارج الطريق الأسفلتي، صدمته سيارة نوع "هايلوكس" محملة ب "القات" كانت تسير بسرعة جنونية متجهة نحو العاصمة صنعاء. وأضاف أن تكرار الحوادث المروية، تشكل الرعب لأهالي القرية على أطفالهم، عند ذهابهم وعودتهم من المدرسة، مشيرا إلى أن تهور السائقين والسرعة الزائدة من أهم الأسباب التي تقف خلف الحوادث المميتة، والإهمال من قبل الجهات المعنية، وانعدام أبسط معايير السلامة المرورية. غياب التحذيرات المتأمل للقرية التي تقع على يمين الطريق الرئيسي المتجه نحو العاصمة، غياب اللوحات الإرشادية والتحذيرية للسائقين التي من شأنها تنبههم بخطورة السرعة الزائدة، وأخذ الحيطة والحذر من أي مخاطر مباغته بحق الطلاب والمشاة من أبناء القرية، كذلك انعدام المطبات التي تحد من تقليل السرعة الزائدة، خصوصا وأن الطريق باتجاه واحد، ما يجعل السائق لم يراعي أي مخاطر قد تواجهه، دون اكتراث لما يحدث. مفارقة عجيبة كذلك، المفارقة العجيبة أن بعض الشركات التجارية تقوم بوضع لوحات إعلانية لإبراز منتجاتها، وتكتفي بالتعريف باسم القرية أو المنطقة، لكنها تتجاهل تماما دون وعي بتضمين تلك اللوحات بعبارات تحذيرية للسائقين بتهدئة السرعة ووضع علامات ورموز لمرور للمشاة وللحيوانات استشعارا من مسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية تجاه أبناء المجتمع. إنهاء المعاناة في المقابل، طالب عضو المجلس المحلي بالمديرية، الأمين الشرعي للقرية الشيخ محمد الصماط، الجهات والمسؤولة بالتخفيف من المآسي الأسبوعية والشهرية التي يتعرض لها أبناء قرية النقيل الواقعة على الطريق الرئيسي بسبب الحوادث المرورية. وأكد أن 500 طالب وطالبة في مدرسة الميثاق بالنقيل يعبرون طريق الموت يوميا ذهابا وإيابا إلى المدرسة، وأصبح هذا الأمر مصدر قلق للأهالي، فلا يوجد يوم إلا ويشاهدون مخاطر لم تكن في الحسبان على أبنائهم. وأشار إلى أنه لم يلق أي تجاوب خلال السنوات الماضية سواء من المديرية أو المحافظة، وحمل الجهات المعنية المسؤولية الكاملة عن استمرار نزيف الدماء لأهالي القرية، أمام الله، وأمام أبناء المجتمع. وشدد على ضرورة تدخل الإدارة العامة لشرطة المرور للحد من المعاناة، بوضع لوحات تحذيرية واضحة تشير إلى وجود قرية سكنية تحذر من السرعة، ووضع مطبات اصطناعية لإجبار السائقين على تخفيف السرعة، وتحديد ممرات آمنة للمشاة والرعاة ومواشيهم. مناشدة عاجلة وأفاد الشيخ الصماط، أن مخاطر السرعة وتهور السائقين لم تشكل تهديدا على الطلاب لوحدهح فقط، بل وعلى المواطنين والنساء والمواشي أثناء توجههم إلى مزارعهم، سواء على الخط المتجه إلى العاصمة صنعاء أو في الاتجاه الآخر من العاصمة باتجاه ذمار، ومخاطر الأخير تكمن على الرعاة والأغنام معا. وأختتم حديثه قائلا :"تعبنا مراجعة ومناشدة، ولا يسعنا إلا أن نرد أمرنا واستمرار معاناة أبناء القرية، إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى الأخوة في الإدارة العامة للمرور". مخاطر مماثلة بدورنا في صحيفة 26 سبتمبر، نذكر، بأن قرية النقيل هي واحدة من مئات القرى والتجمعات السكانية الريفية الواقعة على الطرقات السريعة التي ترتبط بين العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات، التي يتعرض أبناءها لمخاطر مماثلة، وهو ما يستدعي تحركا واسعا من قبل الإدارة العامة لشرطة المرور، ممثلة باللواء الدكتور بكيل البراشي، لوضع حلول عاجلة تحد من تلك المآسي الإنسانية المستمرة التي تهدد حياة أبناء تلك المناطق، وذلك تماشيا مع النجاحات النوعية التي شهدها الأداء المروري خلال الآونة الأخيرة. كما يتطلب الأمر إلزام مالكي المحال التجارية في تلك المناطق بتركيب كاميرات على أبواب محلاتهم وذلك للمساعدة في رصد السيارات أثناء هروب السائقين بعد ارتكابهم للحوادث المرورية، بما يسهم في حفظ أمن وسلامة الأهالي ويحقق العدالة للضحايا.