جفاف وارتفاع في درجة الحرارة وحرائق تلتهم الاخضر واليابس في روسيا.. وأمطار وسيول وفيضانات، تجرف ما أمامها وتغرق ما حولها في باكستان. كارثتان متناقضتان والنتيجة واحدة، وان كانت الخسائر والمأساة والعواقب في باكستان أقسى وأكثر ايذاءً بالأرض والبشر، وان كانت ستكون أكثر فظاعة في روسيا لو أن الحرائق وصلت الى المواقع النووية وألحقت بها أضراراً تخرج عن نطاق السيطرة. وإذا ما استندنا الى أن كل شيء يحدث ما هو إلاّ لحكمة وبحكمة فإننا حين نبحث عن الحكمة في اغراق باكستان واحراق مزارع روسيا، نجد أن الهدف الاول يتمثل في ابتلاء العرب في أقواتهم وتأديب من أدار ظهره، لتأمين غذائه واولهم العرب. فمن ينظر الى المائدة العربية، يجدهم ما بين آكل «كبسه» وقاضم رغيف.. ومصدرهما بدرجة اساسية باكستانوروسيا، الأمر الذي يلوح بارتفاع سعر رغيف وكبسة العرب بنسبة خمسة وسبعين في المائة، في أحسن الأحوال. هنا نتساءل: هل تكمن الحكمة مما حدث في عقاب العرب في كبستهم ورغيفهم لاهمالهم تأمين غذائهم والسخرية من كل دعوة وجهت إليهم لان يجعلوا من السودان سلة غذائهم والاتجاه بأموالهم صوبها للاستثمار في مجالي الزراعة والتصنيع الغذائي. وعقابهم أيضاً على الاتكال غير المعقول على ما يستوردونه من غذاء وعدم التفكير في التنمية الزراعية السليمة في بلدانهم حسب الامكانيات والموارد والظروف المناسبة. هكذا ولمجرد حريق أصاب بعض مزارع القمح في روسيا تقرع نواقيس الخطر في البلاد العربية، من موريتانيا الى اليمن مروراً بمصر اكبر مستهلك ومستورد للقمح. أما دول الخليج العربي فقد تستطيع بثروتها النفطية ان تتغلب على مشكلة «الكبسة» في هذه الكارثة.. إلا ان الزمن بمستجداته وتطوراته السكانية والسياسية والاقتصادية لا تؤمن غوائله. إن مجالات الاستثمار الغذائي على الأرض العربية وحيث توجد المياه والمساحات المناسبة كثيرة ومتنوعة ولعل ما نحن قادمون عليه من مشكلة غذائية كفيل بلفت النظر الى توجه عربي يحقق وإن قدراً من الأمن الغذائي انا شخصياً لا اعتقد بذلك.