القمة العربية الاستثنائية المقرر عقدها اليوم السبت في سرت الليبية لاشك بأنها ستكون على جانب كبير من الأهمية لكونها استثنائية وتأتي في ظروف حساسة وصعبة تمر بها الأمة العربية، ومن المتوقع أن تبحث ملفات عربية ساخنة، كتطوير منظومة العمل العربي المشترك ، وكذا تفعيل رابطة الجوار العربي، إضافة لبحث ومتابعة ما يحصل في الأراضي العربية المحتلة وخاصة الفلسطينية من تهويد وحصار واستيطان وقتل وتشريد. وبلا شك فإن انعقاد القمة العربية الاستثنائية يأتي استجابة لتوصيات القمة العربية العادية في دورتها ال (22) والتي عقدت بمدينة سرت في شهر مارس الماضي لمناقشة سبل إصلاح منظومة العمل المشترك، ومقترح رابطة دول الجوار العربي. حيث إن هاتين القضيتين لهما أبعادهما السياسية والاقتصادية والفكرية بغية تطوير العمل العربي في ضوء التطورات السياسية الراهنة وتحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بين الدول العربية بغية تفعيل دور الجامعة العربية والنهوض بها بعد كثر من ستة عقود على إنشائها ، فالمطّلع على المبادرة اليمنية التي قدّمت إلى القمة الاعتيادية المتمثلة بإنشاء اتحاد الدول العربية والهادفة الارتقاء بالعمل العربي المشترك والانتقال به إلى آفاق أكثر تطوراً لمواجهة مختلف التحديات الماثلة وتحقيق تطلعات الأمة العربية .. يجد أن هذه المبادرة قد حظيت بالموافقة والترحيب، وتم تشكيل لجنة خماسية ضمت فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وإخوانه قادة ليبيا ومصر وقطر والعراق وعقدت اجتماعاً لها في طرابلس نهاية يونيو الماضي لغرض تطوير آليات العمل العربي المشترك انطلاقا من المبادرة اليمنية حيث انتهت هذه القمة الخماسية إلى اتفاق مبدئي حول وثيقة لتطوير منظومة العمل العربي المشترك والتي سيتم عرضها خلال القمة الاستثنائية، وهو ما سيعطي جرعة إضافية نحو مزيد من التشاور والتنسيق العربي وتوحيد السياسات العربية المختلفة، بما يحقق المصالح العربية العليا. إن السير نحو إنشاء اتحاد الدول العربية على ضوء المبادرة اليمنية سيعول عليه كثيراً مواجهة التحديات والمخاطر التي تتهدد حاضر ومستقبل الوطن العربي، والنهوض بتطلعات كافة الشعوب العربية وتحقيق طموحاتها في النماء والرخاء والأمن والاستقرار والسلام، كما أن العامل الأساسي في تحقيق عملية إصلاح حقيقية للجامعة العربية يتمثل في وجود إرادة سياسية جادة بعيدة عن التجاذبات القطرية، أو التوجهات الأيديولوجية، وأن يكون هناك توافق واتفاق عربي على وحدة الهدف وأن إصلاح منظومة العمل العربي المشترك هو في صالح الجميع وليس على حساب أي طرف منهم. فالشعوب العربية تتطلع لهذا اليوم باهتمام ولديها تفاؤل بأن تكون هذه القمة الاستثنائية عند مستوى الآمال المعقودة عليه، بحيث يضطلع القادة العرب بمسؤولياتهم الحقيقية في اتخاذ القرارات التاريخية والمبدئية التي تلبي تطلعات وطموحات شعبنا العربي، والإسراع بإقامة الاتحاد العربي وفق ما طرحته المبادرة اليمنية من أجل تحقيق مصالحها القومية وذلك أسوة بالتجمعات والتكتلات السياسية والاقتصادية المتواجدة في عالم اليوم. مما يعني أن قمة سرت ستكون فرصة ذهبية لتحقيق تقدم مهم على صعيد مختلف قضايا الأمة وهذا حق مشروع للأمة العربية بعد كل هذه الانتكاسات وبعد سنوات من العجز وفقدان الإرادة السياسية في بلوغ الأهداف والغايات، وأكرر القول إن القادة العرب في هذه القمة مطالبون باتخاذ موقف حاسم، والقيام بخطوات جدية وفاعلة ترقى إلى مستوى الحدث، كما أنهم مطالبون بالتنبه وأخذ الحذر من السياسات العنصرية التي يمارسها الكيان الصهيوني وما يحيكه من مؤامرات لتصفية القضايا العربية برمتها ووضعها طي النسيان، وذلك من خلال المناورة والخداع الذي يمارسهما، والتهرب من استحقاقات السلام العادل والشامل، الذي يفترض بموجبه إعادة الحقوق لأصحابها الشرعيين لكي ينعم سكان المنطقة والعالم بالأمن والاستقرار. [email protected]