قراءة التاريخ الحديث والمعاصر للعرب والمسلمين تكشف الارتداد الرهيب والمرعب في الانتماء العربي الإسلامي...حيث انحدر الإنسان العربي، والمسلم إلى زمن الجاهلية، وعصر القبيلة، والعشيرة، والسلالة والأسرية،وإلى عصر الطوائف والمذاهب، والأعراف .. بعد أن كان قد ارتقى في انتمائه، وفكره، وعقيدته إلى المستوى الإنساني في عصر الدولة العربية الإسلامية التي كانت تمتد من الأندلس غرباً،حتى بلاد السند والهند شرقاً، وكان إنسان ومواطن هذه الدولة يفخر بانتمائه إلى الدولة العربية الإسلامية، سواء كان مسلماً، أو مسيحياً، أو يهودياً، ولذا ظلت الدولة العربية الإسلامية قوية مهابة الجانب تتمتع بالأمن والاستقرار، والرخاء، والعدل، والمساواة، والخير العميم..وتتميز بالتعايش والتسامح والمحبة،والسلام الاجتماعي بين كل الطوائف، والمذاهب، والأعراف. وخلال القرن الخامس عشر تساقطت الدولة العربية الإسلامية تحت ضربات النزعات الضيقة العرقية والطائفية والمذهبية حتى انتهت بسقوط بقاياها في الأندلس في نهاية القرن الخامس عشر، وبداية القرن السادس عشر. اضمحلت الدولة القوية، وتمزقت، وتناثرت أشلاء لتقع تحت طائل الغزو من الشرق، والغرب.. جاءها المغول من الشرق، ثم جاءها الصليبيون من الغرب .. والغازون أمعنوا في سياسة “فرق تسد”، ونجحوا في ذلك حتى جاء العثمانيون ليوحدوا العرب والمسلمين..لكنهم لم ينجحوا في حكم البلاد مما أدى إلى الثورة عليهم، ثم التحالف عليهم بين الحكام العرب والمسلمين وبين قوى الاستعمار الأوروبي لتسقط الخلافة العثمانية، ويقع العرب والمسلمون تحت الاستعمار الأوروبي (الفرنسي،والايطالي، والبريطاني)...وقد نصب الاستعمار حكاماً صوريين ضعفاء من الأسر والعائلات لتعزز من الوجودات القطرية الانعزالية والقبلية العشائرية، ومارس الأوروبيون سياسة “فرق تسد”، والأفكار والثقافات العصبية الضيقة على حساب الفكر والثقافة والانتماء العربي الإسلامي الإنساني. لكن علماء الأمة ومفكريها، وفقهاءها واجهوا سياسة “فرق تسد” بإيقاظ روح الولاء الوطني، وبث الوعي بين المواطنين حتى ثارت حركات وطنية ضد الاستعمار انتظمت ضمن حركة التحرُر العربية التي توحدت مع حركة التحرر العالمية ليتحرر الوطن العربي والإسلامي ويستمر المد العربي القومي الوحدوي التضامني إسلامياً ليواجه سياسات الاستعمار الذي ظل يواصل سياساته من خلال قوى محلية تربصت بالوجود القومي العربي الإسلامي وحتى العالمي،وذلك بتغذية قوى التعصب والتطرف، وقوى التخلف الضيقة لتطعن بها النظام العربي الإسلامي من الداخل وتعود به فكراً وثقافة وعقيدة إلى زمن الانتماءات والولاءات الضيقة المتصارعة سراً وعلانية،وذلك ما نعيشه اليوم من فتن وتمردات وحركات انفصالية ...الخ.