الحج هو الركن الخامس من الأركان التي بني عليها الإسلام.. الإسلام (الدين) الخاتم لرسالات السماء إلى الأرض .. منذ (أبي الأنبياء) إبراهيم (عليه السلام) والإسلام هو خلاصة الديانات السماوية، وجامع، ومكمل لها، ومصوب لما حُرِّف منها.. ومميز عنها في أنه أنزل للعالمين، ومحمد (صلى الله عليه وسلم) رسول للعالمين.. (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) صدق الله العظيم. ومناسك الحج تؤكد على ترابط، وتواصل رسالات السماء.. منذ إبراهيم(عليه السلام) وحتى محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) فالبيت الحرام قد بني في عهد إبراهيم.. وقام ببنائه مع ولده إسماعيل (عليهما السلام)، وقد حددت مناسك الحج وفقاً لأحداث ارتبطت بإبراهيم وولده، وزوجه عليهم السلام بدءاً بفرض زيارته، ومروراً بالأضحية، وقذف إبراهيم لإبليس الذي كان يسعى لإغوائه بالأحجار في ثلاثة مواقع، وافتداء إسماعيل بالذبح العظيم، والسعي بين الصفا والمروة حيث كانت تهرول بينهما(هاجر) عليها السلام بحثاً عن الماء لطفلها عليه السلام إسماعيل حتى تفجرت عين زمزم، والطواف بالبيت والوقوف.. إنها مناسك تؤدى لإحياء ذكرى أحداث هامة وقعت في عهد النبي إبراهيم(عليه السلام)، وإسكانه (زوجه وابنه) في بطن مكة في وادٍ غير ذي زرع متوكلاً على الله الذي وعده أن يجعل قلوب الناس تهفو إليهم وسيكون ذلك مصدر رزق لهم. كل هذا يؤكد أن رسالات السماء في تواصل دائم، وترابط لاينقطع ومضامين لاتختلف أو تتناقض منذ عهد إبراهيم(عليه السلام)، وحتى محمد(صلى الله عليه وسلم) الذي بعثه الله بالإسلام ليختتم رسالاته به ويجمع فيه كل الرسالات، ويكملها ويصوبها.. وكل الرسالات قد بشّرت بالنبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) وورقة بن نوفل المسيحي هو من طمأن السيدة خديجة حين سألته عن حالة محمد، وقال لها: (إنه الناموس ينزل عليه) والراهب بحيرى أوصى (أبا طالب) بحماية محمد من اليهود.. أما النجاشي وبعد جدال بينه وبين رئيس المهاجرين إلى الحبشة(جعفر بن أبي طالب) قال: (والله إن الذي جاء به عيسى، وماجاء به صاحبكم محمد كأنه من مشكاة واحدة).. وأمّنهم في بلاده. المعجزة العظيمة (زمزم) هذا النبع الذي يقع في منطقة غير مطيرة.. ومع ذلك فقد ظل يسقي حجاج بيت الله من عهد إبراهيم, أي لعشرات الآلاف من السنين دون أن يجف أو ينقطع.. رغم بلوغ الحجاج اليوم إلى ملايين.. أليس في هذا معجزة إلهية تستحق الوقوف والتفكر، والتفكر في قدرة الله وإعجازه، وإخلاص العبودية والعبادة له.