المنتخب اليمني سُلم يرتُقى به ولا يرتقي بذاته، لكنه مع ذلك استطاع أن يحرز المركز التاسع في هذه البطولة. حقيقة يبقى يقيني الأزلي بأن الوطن بحاجة إلى من يرسم البسمة على مآقيه.. مثقفين أدباء، صحفيين، رياضيين، سياسيين.. رغم ثقتي بأن الآخرين لن يفعلوا ذلك لكنه الوطن أكبر من تقصير أبنائه. كثير من الرماد نثره الإعلام الخارجي على ملامح المشهد الحياتي اليمني، مغيباً الأشياء والتفاصيل الجميلة التي يكتنزها هذا البلد التاريخي. لكن إعلامنا فشل في تحسين الصورة.. لتأتي دورة الخليج وقناة “أبوظبي” عاملة وعامدة إلى إبعاد ذلك الزيف الذي استهدف اليمن..لقد استطاعت قناة “أبوظبي” أن تنتصر للحضارة السبئية.. أن تكذّب عدسات وألسنة الإعلام الخارجي التي أسرفت في تجنيها على اليمن، لكن المؤلم أن تشرع “قناة” سياسية مشهورة يوم افتتاح البطولة بإظهار صور لمتظاهرين من الحرب العالمية الغابرة !! ليس جديداً على تلك القناة ما قامت به، لكن الجديد الأساليب المتطورة التي تسعى من خلالها لتفتيت البنية المجتمعية للدول العربية والإسلامية..خليجي عشرين مثّل قصة نجاح، رغم أن مستوانا أرقى من الصورة التي ظهرنا بها رياضياً وفنياً، ولا غرو أن نجاحنا التنظيمي الباهر، وانشغالنا بطقوس البهجة لاستقبال إخواننا الخليجيين قد أنسانا جانباً من المهنية في الإعداد الرياضي والافتتاحية الفنية للبطولة، ولم يتوانَ منتخبنا الوطني عن إكمال ذلك القصور. حيث خرج “بصفر” تاريخي، جعلنا نترحم على منتخب “أبو نقطة”.. المنتخب اليمني ينقصه قليل من المسئولية، وكثير من الجرأة.. إن الملعب الذي يحتوي على مرمى واحد، هو مرمى الدول العربية، لذا نجد الغرب يحقق الأهداف المتتالية في مرمى الأمة، في وقت لا يوجد مرمى آخر لنسجل فيه هدفاً ولو تسللاً، لذا لا غرابة أن شاركنا الغرب في تسجيل الأهداف على مرمى الأمة..قريباً من إثارة النقع الإعلامي.. ما صرّح به المدرب الفرنسي لمنتخب عُمان بأنه رأى فأراً حين وجد نفسه في المرآة. ربما أراد أن يكمل سلسلة الاستهداف الإعلامي لليمن، والتي تمثلت آخر حلقاتها بالطرود، والعقرب المزعوم في الطائرة اليمنية بفرنسا. إضافة إلى ما سبقها من إسقاط للطائرة اليمنية بصاروخ فرنسي قبالة سواحل جزر القمر، تلك الاستهدافات وغيرها، الغاية منها تغيير خارطة السياسة اليمنية بما يتوافق وحبر الهيمنة العالمية..لكن إعلامنا اليمني لم يستطع الخروج من قمقمه ليجاري النهضة الفكرية والثقافية التي تشهدها اليمن.. حيث لا يتموضع في المكان الصحيح للدفاع عن موطنه ولا ينجح في نقل الصورة الحقيقية للبلد..كحال المنتخب اليمني الذي يجيد الضغط على أعصابنا ولا يجيد الضغط على حامل الكرة..منتخب لا يجيد الفوز سوى على المنتخبات الضعيفة جداً، لذا تبقى شباك مرمانا بورصة آمنة لرفع أسهم الهدافين أياً كانت جنسياتهم..أعتقد أن على الدولة أن تتأكد إن كان ثمة لاعبون عن طريق الوساطة، فعليها أن تبلع ريقها بشأن الرياضة اليمنية.. عليها أن تميل قليلاً إلى الشأن الثقافي والإبداعي، عندها ستدرك مساحة غيابها عن هذا المشهد الرائد.. لا أعلم كيف أسجل إعجابي وشكري لقنوات الإعلام الخليجية، وبالأخص “أبوظبي الرياضية” القناة التي حجزت جناح اللوفر في قلب كل يمني، لرسمها الصورة الحقيقية عن حال البلد وأمنه..أيضاً اللاعبون الذين حضروا وأمتعونا والأجهزة الفنية والإدارية والإعلاميون ومراسلو الصحف والمجلات والقنوات والمواقع الإلكترونية كلهم يستحقون الشكر لما قدموه من صورة ناصعة عن روعة التنظيم وكرم الضيافة ورقي الوعي للشعب اليمني كافة. هكذا كان البلد بحاجة إلى حدث هام كخليجي عشرين لتسطع أنواره التي طالما حاولت أيدي الظلام إطفاءها، لقد استحق المركز الأول إلى جانب الجمهور اليمني وروحه العبقة كأنفاس معلقي مباريات خليجي عشرين..أسرّكم جهراً بأنني أغادر الصفحة في وقت لم ولن يغادر إعجابي وتقديري لقناة “أبو ظبي” والمعلق فارس عوض، والمنتخب....!!والكابتن؟! [email protected]