أحدثت النتائج المتواضعة والمستوى الفني الهزيل الذي قدمه المنتخب الوطني الأول لكرة القدم في مشاركته الأخيرة في خليجي 19 المقام حالياً بالعاصمة العمانية مسقط صدمة عنيفة وقاسية في نفوس الجماهير اليمنية, وخيبة أمل كبيرة لطموحات الأوساط الرياضية الإعلامية والجماهيرية في بلادنا . وأدت تلك النتائج إلى في رابع مشاركه يمنية في بطولات الخليج بمسقط إلى ردة فعل قوية لدى الأوساط الرياضية المحلية الشعبية والرسمية ، التي كانت قد استبشرت خيراً باستقرار أوضاع المنتخب قبيل المشاركة في خليجي 19 بمسقط وعودة المدرب المصري محسن صالح لقيادة المنتخب والتصريحات الرنانة التي أطلقها ومعه قيادة اتحاد الكرة عشية انطلاق البطولة الخليجية بأن المنتخب سيكون المفاجأة في البطولة الخليجية الحالية وسيكون أفضل أداء ومستوى من خليجي 18 بالإمارات . إلا أن هذا التفاؤل سرعان ما تبدد مع خوضه أول مباراة له أمام الأبيض الإماراتي وخرج خاسراً بثلاثة أهداف مقابل هدف ليكسر ما دأب عليه المنتخب اليمني في النسخ الثلاث الماضية بتعادله في مبارياته الافتتاحية , حيث تعادل في أول مشاركة له في دورات الخليج بخليجي 16 بالكويت أمام عمان بهدف لمثله ، وكرر ذلك في خليجي 17 بقطر بتعادله مع البحرين بذات النتيجة ، ونفس السيناريو كرره في خليجي 18 بابوظبي بتعادله مع الأزرق الكويتي بهدف لمثله. لكن في خليجي 19 انقلب الحال ولم يستطع المنتخب حتى المحافظة على ما أطلق عليه في البطولات الثلاث الماضية بأنه منتخب " ابو نقطة " ومني بثلاث هزائم متتالية استهلها بهزيمة من الأبيض الإماراتي 1 /3 ، وتلاها إخفاقه الكبير أمام الأخضر السعودي في التجربة الثانية بسداسية نظيفة وهي النتيجة الأسوأ في تاريخ مشاركة المنتخب اليمني في بطولات الخليج ، واختتم مشاركته بتلقيه هزيمة ثالثة من العنابي القطري بصعوبة 1 /2 ، مما يعني ان المستويات التي قدمها المنتخب اليمني في خليجي 19 كانت أقل بكثير من التوقعات وهبطت إلى أدنى مستوياتها . ولم يستطع المنتخب الحفاظ على التقدم الذي حققه في خليجي 18 بالإمارات ،التي تعد أفضل مشاركته في دورات الخليج وظهر بصورة مشرفة في مبارياته الثلاث أمام الكويت ، الإمارات ، عمان ، رغم حصده نقطة يتيمة من تعادل ايجابي مع الكويت في مفتتح البطولة الخليجية ، وأصبح بنظر المراقبين الحلقة الأضعف في البطولة ، وعاد المنتخب اليمني إلى المربع الأول الذي كان في بطولة الخليج 16 بالكويت وصورته الضعيفة التي ظهر بها حيينها في أول مشاركة يمنية في بطولات الخليج . ووصف نقاد ومحللون رياضيون المدرب المصري محسن صالح بأنه مخادع كذب على الجماهير بتصريحاته النارية والرنانة قبل انطلاق البطولة بتأكيده ان منتخب اليمن سيكون مفاجأة الدورة وسيكون أفضل من خليجي 18 بالإمارات ، إلا أنه عاد وناقض نفسه بعد الهزيمة المدوية من السعودية بقوله ": كيف تريدون مني فريقاً خلال 40 يوماً وإمكانيات لاعبي المنتخب محدودة وليس لديهم الخبرات الكافية للعب أمام منتخبات قوية " , وقوله حول المفاجأة " إنه كان يريد تحقيقها في اللقاء الأول أمام الإمارات، ولكن الأمور لم تجري كما يريد، والتوفيق لم يحالفنا ناهيك عن قصر وسرعة الإعداد للبطولة". وأضاف:" إن نتيجة اللقاء مع السعودية كانت مفاجأة له فعلا، وهو لا يخلي المسؤولية عن نفسه". وعزا نقاد ومحللون رياضيون تلك الحالة السيئة التي ظهر بها المنتخب اليمني في خليجي 19 بمسقط إلى الشحن الزائد للاعبي المنتخب الذي فاق الحد المعقول وكأن لليمن منتخباً ليس كمثله منتخب وتم تناسي وتجاهل منتخبات الدول المنافسة الأكثر استعداداً وتجهيزاً إلى جانب انعدام المسؤولية والحرص على سمعة الكرة اليمنية من لاعبي المنتخب كما يرى النقاد رغم ان المجموعة التي وضع فيها المنتخب تعتبر الأقوى بالبطولة. وهذا عاد بالسلب على المنتخب وخرج بتلك الهزائم، ووصفها النقاد بالكارثة التي ستكون أبعادها عنيفة على الكرة اليمنية إذا لم يتدارك اتحاد الكرة على معالجتها بسرعة . وطالب هؤلاء بأن يسارع القائمين على الرياضة وكرة القدم في اليمن في اتخاذ تدابير عاجلة وكبيرة جداً لتجاوز الأسباب التي أدت إلى الانهيار الحاصل في مستوى المنتخب اليمني ، ووضع حداً للأوضاع المتردية في واقع الكرة اليمنية التي تسير من سيء إلى أسوأ والشروع في إجراءات صارمة لإصلاح هذه الأوضاع ، على أسس علمية مقننة قبل خليجي 20 في اليمن وبناء منتخب وطني قوي يستطيع المنافسة على إحراز اللقب الخليجي واحتلال مراكز متقدمة في هذه البطولة الخليجية التي ستحتضنها اليمن لأول مرة في تاريخها مطلع العام 2011 . ووفقا للصحفي الناقد محمد سعيد سالم يجب أن تبدأ عملية الإصلاح قبل أن يخوض المنتخب الاستحقاق الخارجي المقبل المتمثل في تصفيات كأس أمم أسيا ضمن المجموعة الأولى والتي تضم إلى جانبه منتخبات اليابان والبحرين وهونج كونج , حيث يحل ضيفا في الجولة الأولى للتصفيات على المنتخب الياباني القوي بطوكيو في العشرين من يناير الحالي , فيما يخوض المواجهة الثانية له في صنعاء أمام منتخب هونج كونج في ال 28 من الشهر نفسه . وأضاف ": كما أظهرت مشاركة منتخب الأول المشكلة التي تواجه الكرة اليمنية وعملية بناء المنتخبات الوطنية المختلفة والقادرة على الظهور بمستوى يشرفها في المحافل والبطولات الإقليمية والعربية ومنها سوء اختيار بعض اللاعبين وعدم وجود رقابة حقيقية على إعداد المنتخبات وعدم وجود تقييم صحيح لنتائج المعسكرات الإعدادية والمباريات التجريبية التي تخوضها المنتخبات أثناء مراحل إعدادها للمشاركات الخارجية، ولذلك جاءت حصيلة منتخب الأول في خليجي 19 بمسقط سيئة جداً ". وأشار إلى أن بناء منتخبات وطنية يمنية تقدم مستوى رفيعا يتطلب وجود ملاعب حديثة مجهزة بأحدث الإمكانات والوسائل الرياضية وتجهيز المركز الأولمبي اليمني بكامل مستلزمات الإعداد ووسائل الترفيه الضرورية مع الأخذ بالاعتبار الفترة الزمنية للمعسكرات الخارجية وأيضا تحسين ظروف معيشة اللاعبين والأجهزة الفنية المحلية، مما يساعد على ارتقاء مستوى الكرة اليمنية في الخارطة الآسيوية والقارية والدولية بشكل أفضل. في الجهة المقابلة حمل رئيس بعثة المنتخب لخليجي 19 بمسقط النائب الأول لرئيس اتحاد الكرة اليمني الدكتور نجيب العوج مسؤولية النتائج التي مني بها منتخبنا الوطني قيادة اتحاد الكرة في المقام الأول ومن بعد ذلك يأتي الجهاز الفني الذي يتحمل مسئولية الاستعداد مع توفير كامل المتطلبات له وتنفيذ البرنامج المُعد من قبل الجهاز الفني بما في ذلك إقامة المباريات التجريبية الداخلية والخارجية وتذليل أي صعوبات قد تواجه المنتخب . وكشف عن وجود قصور لدى اللاعبين في تأدية مهامهم على أكمل وجه في أرض الملعب وعدم تنفيذهم للوعود التي قطعوها على أنفسهم في تقديم صورة مشرفة للكرة اليمنية، خاصة أن قيادة الاتحاد لم تبخل عليهم وعملت على توفير كل متطلبات ومستلزمات إنجاح المشاركة اليمنية في خليجي 19 بمسقط ، لكن جاءت الظروف بما لا تشتهي السفن. وأكد أن المرحلة القادمة ستشهد عملاً متواصلاً ودءوبا يلغي الصورة السلبية ويعوض ما سبق من إخفاق بشرط أن يرافق ذلك وجود جهاز فني عالي المستوى مهما كلف من إمكانات . وقال العوج : قيادة اتحاد الكرة ستعالج كل هذه الإشكالات والصعوبات التي اعترضت مسيرة المنتخب في خليجي 19 ، حيث نجري حاليا اتصالات مع عدد من المدربين الكبار من أجل الوصول بشكل سريع إلى اتفاق مع مدرب له تأريخه الكروي المعروف ومشهود له بالكفاءة في إعداد وتجهيز منتخبات قادرة على الظهور المشرف والمنافسة . من جهته قال المحلل الرياضي المعروف ورئيس تحرير صحيفة " سبورت " الأسبوعية " التي تصدر بصنعاء فؤاد قاسم ": النتائج السيئة والصورة المهزوزة والمشوشة التي ظهر بها منتخبنا الوطني في خليجي 19 كانت متوقعة نتيجة للإعداد السيئ وتغيير الأجهزة الفنية التي لم تصب في مصلحة المنتخب الذي مر بمراحل سيئة جداً منها تغيير المدرب البرتغالي جوزيه موريس وعودة المصري محسن صالح الذي ترك الفريق في أوقات حرجة جداً ، عطفاً عن المعسكرات التدريبية الخارجية التي أقامها استعداداً للمشاركة في خليجي 19 بتونس ومصر وأجرى خلالها مباريات مع فرق ضعيفة جداً لم تكن بالمستوى المطلوب , وأدى كل ذلك إلى نتائج عكسية وسلبية . وحمل قاسم مسئولية إخفاق المنتخب قيادة اتحاد كرة القدم ، الذي ما يزال يسير خططه وبرامجه دون خطط علمية مدروسة ، ولكن بشكل عشوائي ومتخبط ، ولم يستفد الاتحاد من أخطائه السابقة ، والعمل بجدية لصالح تطوير الكرة اليمنية ، وذلك لتعويله على الحظ وحماس اللاعبين في تحقيق النتائج ، رغم أن كرة القدم أصبحت اليوم دراسة وعلم وتخطيط مدروس واجتهاد ومعسكرات تدريبية مدروسة وأجهزة فنية ذات كفاءة عالية . وقال فؤاد قاسم : اتحاد الكرة ظل يتعامل بطريقة اللامبالاة ولم يستمع لآراء ونصائح المختصين وأصحاب الشأن في كرة القدم اليمنية عندما قيل له أن عودة محسن صالح لقيادة المنتخب مرة أخرى لن تفيد الكرة اليمنية بشيء ، إلا انه أصر على عودته من أجل أن يجعله شماعة يعلق عليها على أخطاءه وفشله في قيادة مسيرة الكرة اليمنية ، ولهذا لم يحقق المنتخب شيئا يذكر في خليجي 19 وانكشف المستور وظهرت عورات المنتخب . وطالب قاسم وزارة الشباب الرياضة أن تقف موقف المسئول وان تحاسب اتحاد الكرة على الأموال الطائلة التي أنفقها الاتحاد لإعداد المنتخب لخليجي 19 . وأضاف قائلا : غير صحيح أن ما يتردد إن اليمن ليس لديها الإمكانيات المادية الموجودة لدى منتخبات الخليج ، وأرى أن ما انفق على المنتخب أكثر بكثير مما انفق على أي منتخب خليجي مشارك في الدورة الحالية ، ولم يجري أي منتخب خليجي أي معسكر خارجي سوى منتخب الكويت في القاهرة فقط ، فيما منتخبنا خصص له أكثر من 300 ألف دولار لإقامة معسكرات خارجية بتونس والقاهرة وغيرها من الأمور المتصلة. كما طالب قاسم اتحاد الكرة بضرورة الاهتمام بالنشء والبراعم وتدريبهم وتأهيلهم عبر معسكرات تدريبية مناسبة مع أهمية التدرج بالأعمار وإيجاد دوري قوي ودعم الأندية ، لان الأندية هي التي تخرج الأبطال واللاعبين ، لكن أن تصبح الأندية وجودها كعدمها فأن مشكلة الكرة اليمنية ستستمر إلى ابد الآبدين. من جهته أكد عضو مجلس إدارة اتحاد كرة القدم نجم الكرة اليمنية السابق والمحلل الفني بقناة الجزيرة الرياضية ابو بكر الماس على ضرورة إعادة بناء منتخب يمني قوي تحت سن 23 عاما متوسط أعمارهم حتى يستطيع الدخول به في منافسات خليجي 20 التي تستضيفها بلادنا مطلع العام 2011 ، ويكون فريق واعداً وشاباً على سنوات قادمة ، وهذا الأمر يجعل اتحاد الكرة أن يفكر جدياً بكيفية بناء هذا المنتخب متوسط أعماره 23 عاما أو أقل حتى يتمكن بعد عامين من وتكوين فريق واعد وقادر ان يسجل حضور مشرف للكرة اليمنية . وأشار إلى ان المنتخب يحتاج إلى جهاز فني مقتدر يستطيع توظيف إمكانيات وقدرات اللاعبين ويكون على دراية كاملة بالمنتخبات الخليجية ، ويجيد قراءة مجريات أحداث المباريات وليس كما حدث للمنتخب في مبارياته في خليجي 19 الذي افتقد لاعبوه للتجانس والحماس والروح القتالية التي يمتاز بها عادة لكنها غابت في مباريات خليجي 19 مما انعكس سلباً على أداء المنتخب ، ولم يستطع الجهاز الفني السابق للمنتخب بقيادة المصري محسن صالح معالجة مشكلة بث الحماس للاعبين خاصة انه يقود المنتخب منذ عامين . وقال : يفترض بلاعبي المنتخب اليمني ان يكونوا أكثر جدية واجتهادا وأكثر انضباط وحرصا وغيرة على المنتخب وسمعة الكرة اليمنية في البطولات الإقليمية الهامة مثل دورات الخليج . وأضاف الماس ": كيف تريد منتخباً ان يقدم مباراة قوية فيما مدربه محسن صالح يصرح قبل انطلاق البطولة الخليجية عن رغبته بالرحيل بعد اختتامها رغم ان البطولة ما زالت قائمة، والإشارة إلى وجود خلافات مع إدارة الاتحاد، فهذه المعطيات لا تشجع ولا تحفز اللاعبين على اللعب، عوضاً عن أنها توحي بأن المدرب لا يحفل كثيراً بالمباريات ونتائجها على اعتبار أنه راحل راحل، مما أثر على نفسيات اللاعبين وجعل شباكه أمام الأخضر السعودي يثخن بنصف درزن من الأهداف .