لا يختلف اثنان بأن السوق المصرفية اليمنية شهدت تحولاً إيجابياً وتطوراً غير مسبوق نحو الأفضل ونحو المشاركة الفاعلة للتنمية المجتمعية والاقتصادية، لدرجة أصبح معها القطاع المصرفي أحد أهم القطاعات الرائدة في توجه الدولة نحو اقتصاد حر ومنعش، ليس لدور هذا القطاع فقط في حشد النشاط الاقتصادي، بل لكونه أصبح يمثل حلقة الاتصال الأكثر أهمية مع العالم الخارجي. فقد أصبح هذا القطاع - القطاع المصرفي- بفعل اتساعه وتشعب أنشطته النافذة التي يطل منها علينا العالم، ونطل منها على العالم، وأصبح تطوره ومتانة أوضاعه معياراً للحكم على سلامة اقتصادنا وقابليته أو قدرته على جذب رؤوس الأموال المحلية والخارجية. وإذا كان القطاع المصرفي والحالة هذه من التفاؤل يعتبر واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية والتنموية، فإن البنك المركزي يمثل حجر الزاوية في هذا التطور والنمو، وبالتالي فإن الحاجة والضرورة تقتضي أن تسارع الحكومة في زيادة قدرته على المنافسة والتطور والعمل بشكل جدي نحو إزالة بعض المعوقات التي تواجهه وتعيق حركة التطور والنمو في مسيرته. وعلى الحكومة بمؤسساتها المختلفة إعطاء البنك المركزي اليمني مزيداً من الصلاحيات والاستقلالية والكف عن التدخل في شئونه واختصاصاته الإدارية والنقدية وفقاً للقانون، مع ضرورة الإدراك أن أي تدخل في مسيرته قد يتسبب في مشكلة ما وإعاقة تطور هذا القطاع وانطلاقه نحو الأفضل والأجمل ليشارك بفاعلية في التنمية الاقتصادية والمصرفية. ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن البنك المركزي اليمني ، رغم أننا كذلك؛ لأن البنك أصبح من أهم المؤسسات الاقتصادية والمصرفية الرائدة في اليمن. وأصبح أحد أهم الركائز الاقتصادية نحو التنمية الشاملة والمشاركة الفاعلة في تأسيس نظام اقتصادي ومصرفي حديث، يتسم بالثقافة والدقة والوضوح، بفضل الإجراءات التي تم اتخاذها كسلسلة ومنظومة واحدة تعتمد في توجيهها إلى بناء اقتصاد متين يعتمد في إدارته على الثقة والقوة والتنمية معاً، وهذا فعلاً ما حققه البنك المركزي اليمني خلال السنوات السابقة والقادم أجمل طبعاً، في حال تم إعطاء البنك بقيادته الجديدة الصلاحية الكاملة لتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني وإدارة السياسة النقدية والمصرفية باستقلالية وشفافية؛ بهدف الحفاظ على الاستقرار المالي، وبالتالي الإسراع وبثقة إلى إرساء نمو اقتصادي قابل للاستمرار والديمومة؛ لأن نجاح البنك المركزي في أداء رسالته المصرفية بشكل ناجح وشفاف سيسهم وبشكل أفضل في تعزيز قوة الاقتصاد الوطني وقدرته على تجاوز الصعوبات التي تواجهه بين الفينة والأخرى لدوره الرائد والمشهود في تجاوز الأزمات الاقتصادية، ويعلم الجميع بأن البنك المركزي اليمني والقطاع المصرفي بشكل عام مازالا لديهما الكثير مما سيقدمانه للوطن من خلال تأسيس نظام مصرفي قوي قادر على تمويل المشاريع التنموية في مختلف المجالات وكسب الرهان وثقة المؤسسات التمويلية الخارجية لدعم مشاريع التنمية في اليمنوتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني والمتعافي نسبياً في الآونة الأخيرة. ومن هنا فإنني أشد على أيدي الجميع في منظومة الإصلاح الاقتصادي بضرورة العمل سوياً مع توجهات القيادة السياسية في بناء اقتصاد متين وقوي قادر على مجابهة الصعاب وتجاوز الأزمات، وليكن القطاع المصرفي أول لبنات ذلك الاقتصاد المتين والقوي. وعلى البنك المركزي ممثلاً بالحكومة ومستشارها المالي أن يسارعوا في اتخاذ سلسلة من الإجراءات المدروسة لتحفيز الاقتصاد وتدوير عجلة التنمية من خلال توظيف الأموال والمدخرات في القطاع المصرفي في مشاريع تنموية شاملة تساعد وبشكل واضح في امتصاص البطالة وخفض التضخم. وعلى خبراء السياسة النقدية أن يسارعوا خلال الأيام القادمة إلى إقرار حزمة من الإجراءات المصرفية الصارمة لتحفيز البنوك المحلية والأجنبية على المشاركة الفاعلة في تمويل الاستثمار والمشاريع التنموية بإقرار سياسة إقراض مقبولة من خلال خفض أسعار الفائدة على الإيداعات، والإقراض وفق سياسة مصرفية وائتمانية شاملة، تقوم بالواجبات والمساهمة الجادة نحو اقتصاد حر ومتطور، بدلاً من حالة الركود والكساد التي تواجه المستثمرين جرّاء هامش أسعار الفائدة المرتفعة الذي أسهم في إزالة مخاوف تدهور سعر العملة الوطنية، ولكنه جاء على حساب التنمية الاقتصادية. وباعتقادي أن هذا ليس هو الحل الأنسب لأن ما تتحمله الخزانة العامة من أعباء سيؤثر سلباً على الاقتصاد في القريب العاجل ما لم نسارع في اتخاذ سلسلة من الإجراءات الكفيلة بحماية الاقتصاد وإنعاشه؛ لأن جميع الأموال تحولت إلى مدخرات في ظل هامش ربح مريح يعزز ثقة المستثمرين باستثمار أموالهم في أحضان «الدولة الدافئة» وبعوائد ربحية لم يسبق لها مثيل من قبل وبأمان واستقرار وبدون دوشة دماغ بالدخول في مشاريع استراتيجية واستثمارية تعود بالنفع والفائدة للاقتصاد والتنمية. وكلي ثقة بأن خبراء الاقتصاد والسياسة النقدية يدركون ماذا أقصد، وأن الوقت قد حان فعلاً لإعادة النظر في كثير من السياسات النقدية والاقتصادية والاستثمارية من أجل وطن متطور ومزدهر. وكان الله في عون الجميع. مدير الحسابات الجارية والعمليات المصرفية البنك المركزي - تعز