أن تكون حزبياً فذلك أمر مشروع, وأن تكون متخصصاً في فرع من فروع العلوم الطبيعية أو الاجتماعية فهو أمر مشروع، وأن تكون منتمياً إلى جمعية أو منظمة أيضاً هو أمر طبيعي، لكن أن تتخصص في الكذب والتزييف والتدليس والتضليل والنكاية بالشعب فذلك أمر بالغ الخطورة. لأن الكذب والتزييف فتنة, والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، ولأن الذين يمارسون إثارة الفتنة وإشعال الحرائق يتجردون من كل القيم الإنسانية، ويستخدمون كل وسيلة في سبيل إشعال الحرائق التي تأكل الأخضر واليابس، وتقضي على السكينة العامة للمجتمع، وتزعزع الأمن والاستقرار وتقضي على الوحدة الوطنية، وتفتح المجال أمام الفوضى العارمة. إن غياب المنطق والحكمة والإيمان يجعل من الإنسان مجرد وحش لا يفرّق بين الحق والباطل, يعبث بكل الجوانب الإيجابية في الحياة ويحوّل المجتمع إلى غابة من الصراع الدامي الذي لا يبقي ولا يذر. ذلك للأسف ما نلمسه لدى بعض العناصر في أحزاب اللقاء المشترك الذين فقدوا المنطق والحكمة والإيمان, وسعوا في الأرض فساداً, إيماناً منهم أن الفوضى ستوصلهم إلى السلطة. والواقع أن الذي زيّن لهم هذا إنما هو شيطان رجيم لا يؤمن إلا بالشر ولديه رغبة حقيقية في الانتقام من الشعب, ووجد في العناصر الطائشة وغير المجربة للحياة السياسية ولا تمتلك رصيداً فكرياً عاقلاً فرصة لدفعهم إلى الفتنة، مستغلاً رغبتهم الجامحة في الوصول إلى السلطة. وقد استطاع هذا الشيطان إقناع الطامحين أن الوصول إلى السلطة لا يمكن أن يتم إلا عبر الفوضى العارمة, مستغلاً بعض الأحداث الإقليمية لإسقاطها على اليمن أرضاً وإنساناً ودولة. ولأن الطامعين في السلطة لا يمتلكون رصيداً من الحكمة والمنطق والإيمان، وليس لديهم خبرة في ممارسة الحياة، انساقوا خلف الشيطان الرجيم ودعوا إلى هبّة شعبية لإيصالهم إلى السلطة. ولم يدرك المغرر بهم أن الفوضى العارمة ستطيح بهم هم قبل غيرهم، ولم يدرك المندفعون أن الشيطان الرجيم سيتشفّى فيهم هم أولاً قبل غيرهم, لأنه يريد الانتقام من الكل. إن العودة إلى جادة الصواب هو الطريق الآمن الذي يعيد الثقة، ويخلق السلام الاجتماعي ويعزز الوحدة الوطنية، وأن السعي إلى السلطة ليس عيباً إذا جاء عبر الطرق السلمية والممارسة الفعلية للديمقراطية والاندفاع إلى صناديق الاقتراع بدلاً من السعي إلى التخريب والتدمير. فهل ستسلك أحزاب المشترك الطريق السديد, وهو الانتخابات؟! نأمل ذلك بإذن الله.