كثير من العقلاء والحكماء راقبوا مايحدث في محيطنا الإقليمي سواء في تونس أو الجزائر أو مصر، وانتابهم القلق على الشعب العربي ومقدراته وأمنه واستقراره وسلامة وحدته الاجتماعية، ورأوا في تلك الأحداث صورة الإجرام والانتهاكات والنهب والسلب التي أفزعت الآمنين في بيوتهم وسلبت النوم من عيون الأطفال والنساء وعرضت السلم الاجتماعي إلى الخطر، وقال العقلاء والحكماء في الوطن العربي كله بأنه لايجوز التأجيج والإثارة وتسويق الأحداث المرعبة أو التحريض على محاكاتها أو تقليدها، كما تعمل بعض الفضائيات المحسوبة على الوطن العربي بشكل فاضح وسافر لا يخدم إلا أعداء الأمة ولا يحقق الخير العام ولا يجلب الخير بقدر مايجلب الشرور والفوضى العارمة التي أكلت الأخضر واليابس، وجعلت المواطن البسيط الذي يطالب بضرورة تحسين المستوى المعيشي ينسى الجوع ويدعو بالسلامة وتحقيق الأمن أولاً وأخيراً. إن الأحداث الإقليمية برهان عملي على انفلات الشارع وعدم القدرة على التحكم فيه من أولئك الذين يحاولون تحريكه من أجل مكاسب سياسية رخيصة وأنانية على حساب الأمن العام والسلم الاجتماعي والاقتصاد الكلي للبلاد، وقد أعطى هذا النموذج الذي يسعى خلفه الفاشلون في العمل السياسي الجماهيري السلمي مثالاً لكل ذي عقل وبصيرة للاتعاظ والعبرة للوقوف أمام مثل هذه الأساليب التدميرية ومراجعة الأداء التنظيمي للقوى السياسية والكف عن التحريض على التخريب والتدمير والالتزام المطلق بالأداء السلمي للمطالبة بالتغيير والنضال الدائم والمستمر عبر الانتخابات لأنها الوسيلة المشروعة التي تحقق التداول السلمي للسلطة ، وأن التفكير في الوسائل التدميرية والانقلابية جريمة ولن تقبل الشعوب العربية بأن يتربع على كراسي السلطة من دفع بالشعوب إلى الهاوية وسفك الدماء وانتهك الأعراض ونهب الممتلكات العامة والخاصة, وتعريض السيادة الوطنية للخطر. إن الالتزام المطلق بالنضال السلمي من أجل إحداث التطوير والتحديث بات الأسلوب العملي المعبر عن الحس الوطني والديني والإنساني، من خلال البرامج العملية التي تلامس هموم وتطلعات الناس وتغلب المصالح العليا للبلاد على المصالح الذاتية والحزبية الأنانية، فهل تدرك القوى السياسية هذه الرسالة وتكف عن التحريض ؟ نأمل ذلك بإذن الله.