شعرت بالتقزز وأنا أتابع بالصدفة إحدى القنوات الفضائية المحلية, لأنني لم أجد فيما شاهدته في تلك اللحظة مايمت بصلة إلى المهنية والموضوعية والشعور بالمسئولية الوطنية, ولم أجد في مقدم ذلك البرنامج الذي يظهر أنه حواري أدنى قدر من الأخلاق الوطنية والدينية بقدر ما وجدت حالة مفزعة من التحريض وإشعال نيران الفتنة, والتأجيج والإصرار على التخريب والدفع بالبسطاء من الناس إلى المزيد من الخراب, بل لم ألمس أي اتجاه نحو الهموم والتطلعات الوطنية والانسانية والالتزام بآداب وأخلاق الدين الاسلامي الذي ربانا جميعاً على الألفة والمحبة والوئام والسلام الاجتماعي, وعدم الإفراط والتفريط, بل وجدت فوضى عارمة ونزعة انتقامية حاقدة وخبثاً إعلامياً خطيراً. إن أمانة المسئولية الدينية والوطنية والانسانية تفرض على القائمين على الأجهزة الإعلامية مسئولية الالتزام بآداب المهنية الإعلامية وعدم التحريض والتهويل أو الدعوة إلى التخريب, وإن الإعلامي الحق أمين صادق وموضوعي فيما يطرحه, ولايجوز أن يكون بتلك الصورة المثيرة للاشمئزاز وعدم الارتياح لما يتناوله المذيع بصورة تنم عن مكنون العداء والكراهية والحقد على الشعب والرغبة الواضحة التي تظهر في ملامح وجه المذيع المعبرة عن التعبئة الخاطئة ونغمة أو نبرة الصوت التي تؤكد بأن البعض يمعن في العداء للشعب ويتمنى إحراق الأخضر واليابس لحاجة في نفسه الأمارة بالسوء وللتشفي الكامل بما يجري من حولنا. إن تلك الصور المزرية لايمكن أن تكون في إطار المهنية الإعلامية, ولايمكن أن نبرر بأن المطلوب من الإعلامي بأن يكون كذلك متفاعلاً مطلقاً, بل بأن تلك المشاهد التي يستغل فيها البعض منهم حالة وحاجة الناس إلى إصلاح بعض الأمور التي يظهر فيها الخلل, لاتعبر عن التفاعل من أجل ايصال الرسالة الإعلامية إلى الجهات المعنية بهدف إصلاح الخلل, بل تعبر عن حالة انفعالية نابعة من الحقد والرغبة في تدمير كل شيء, وليس إصلاح كل شيء, وخصوصاً نشوة البعض عندما يجد الخلل البين مستغلاً ذلك للتأجيج والدعوة إلى التدمير المطلق, فمتى يفهم البعض من الإعلاميين قدسية الرسالة الإعلامية ومهنية الرسالة الإعلامية وموضوعيتها؟ ومتى يدرك أولئك البعض المسئولية الوطنية والأمانة الدينية والأخلاقية؟. إن المطلوب هو الحكمة وعدم التأجيج والضجيج والدعوة لإصلاح الاختلالات بالحكمة والموعظة الحسنة أما بذلك الأسلوب فإن القصد هو الإثارة والمزيد من التخريب, والمؤمل من الإعلاميين الشرفاء والنبلاء الالتزام بأمانة المسئولية بإذن الله.