إن من التهيئة للحوار الوطني الشامل التزام وسائل الإعلام الرسمية والحزبية والأهلية بمختلف أنواعها بمفاهيم الوفاق الوطني وآدابه والعمل على توحيد المصطلحات والتعابير التي تقود إلى الألفة والمحبة والتسامح والتصالح، والبعد كلياً عن استخدام المصطلحات المثيرة للحقد والكراهية، والتخلص من النزعة الذاتية والأحقاد الشخصية والأنا الشيطانية وعدم استخدام القضايا الشخصية لإذكاء الفرقة والاختلاف والتجرد من التباهي وإلصاق التهم بالآخرين بدون سند يوثق صحة الاتهام والالتزام باستخدام المصطلحات بما يتفق مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرارين الأممين 2014 . 2051؛ لأن الاستمرار في استخدام المصطلحات النارية الثورية خارج هذا الإطار انتهازية مثيرة للفتنة، ويؤدي للعودة إلى مفهوم الغالب والمغلوب، الأمر الذي يؤجج الأوضاع ويزيدها اشتعالاً. لقد حذرنا كثيراً من اللجوء إلى استخدام لغة المنتصر، وقلنا: إن ما حدث في اليمن مختلف ليس فيه غالب أو مغلوب، والانتصار الحقيقي هو للشعب بكل أطيافه السياسية الذي صنع التسوية السياسية ومنع الحرب الأهلية. إن انحراف الإعلام بدرجة أساسية عن مسار التسوية وتمرده على الوفاق الوطني وآدابه من أخطر المؤثرات السلبية على الحوار الوطني؛ فقد لوحظ في الآوانة الأخيرة أن القائمين على الرسالة الإعلامية يظهرون بصورة المثير والمؤجج للفتنة من خلال التعابير المختلفة، واستخداماتهم للمصطلحات الفوضوية الخارجة عن المصلحة العليا للوطن، بل إن بعض القائمين على مضمون الرسالة الإعلامية لا يقبلون بالنصح والنقد البناء الذي يهدف إلى تحقيق الوفاق، وتظهر انفعالاتهم الفوضوية بمجرد الطرح العاقل الهادىء الذي يعزز الوفاق الوطني ويجسد الوحدة الوطنية، وكأن البعض لا يريد سمو الوفاق وإنما طغيان الفوضى والعبث. قد يجد البعض في طرحي قسوة على الإعلام، وهذه القسوة مبررة؛ لأن الإعلام ملك الشعب بكل مكوناته البشرية بمختلف أطيافه السياسية ومشاربه الفكرية، وهذه الملكية العامة تفرض الانحياز المطلق للوفاق، ومن يرد الإثارة والثورية فعليه أن يذهب لممارسة هوايته في تأجيج الفوضى وإذكاء نار الفتنة في مكان آخر، رغم أن أمانة المسؤولية وقوة الدستور تلزم الجميع بثوابت الوفاق الوطني من أجل يمن خالٍ من الفتن بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك