تنفق الدولة ملايين الريالات لبناء المدارس والمعاهد الفنية والكليات المتخصصة في سبيل إيجاد جيل متسلّح بالعلم, قادر على النهوض بهذا الوطن واللحاق بركب الحضارة, لكن هناك مشكلات كثيرة تواجه الجهات الرسمية والأهلية على السواء, إذ تعد ظاهرة التسرب المدرسي أهمها إن لم تكن أخطرها على الإطلاق. هذه الظاهرة السلبية تعمل على خلخلة العملية التربوية مما يجعل مخرجات العملية التربوية ولا تخدم أهداف المجتمع, ولهذه الظاهرة السلبية أسباب مختلفة ومتعددة تختلف من محافظة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر. فضغوط الحياة المدرسية وظروف التدريس وضعف التفاعل بين المدرسين والطلبة لاعتمادهم أسلوب التلقين الذي يفرض على العملية التعليمية تحديد دور الطالب فيها مع غياب التواصل الحقيقي والحوار الهادف, مع الإشارة إلى ضعف التواصل الفاعل بين أولياء الأمور وإدارات المدارس تكون أسباب حقيقية لظاهرة التسرب من المدرسة.. وتأتي الرتابة الإدارية في كثير من المدارس سبباً آخر للتسرب المدرسي, وهو ما نجده في الواقع المعيش، يقول الدكتور حسن عمر المطري في بحث له منشور في مجلة كلية التربية – زبيد – عدد ديسمبر 2010م بعنوان (واقع التسرب الدراسي لطلبة التعليم العام في محافظة الحديدة وأسبابه): إن بقاء الأنظمة الإدارية للمدارس المتقيدة بالطرق القديمة في التعليم التي عفا عنها الزمن جعل من المدرسة مكاناً يضيق منه الطالب ولا يرغب بالذهاب إليه لعدم وجود محفزات دائمة من قبل المدرسة, فجعل ذهاب الطالب إلى المدرسة أمراً روتينياً مما جعل التسرب والدوام في المدرسة شيئاً واحداً, حتى ولو ذهب الطالب إلى المدرسة فإنه لا يذهب بدافع حب التعليم بل لإرضاء أولياء الأمور وكأنه يسقط عن نفسه واجب الذهاب إلى المدرسة.. ولعل ما يؤكد ذلك هو فرح الطالب عند مغادرته المدرسة وشعوره بالضيق عند الذهاب إليها, إذن ما الحلول للقضاء على هذه الظاهرة التي وإن تفشت فإن الجهل والأمية والانحراف والبطالة ستجد طريقها إلى الشباب مما ينذر بكارثة مؤكدة؟. لذا فإن الوقوف أمام هذه الظاهرة بات واجباً على الجميع ابتداءً بالأسرة مروراً بالإدارات التعليمية وانتهاءً بالوزارة المعنية، مع الأخذ بعين الاعتبار الدراسات المختلفة لهذه الظاهرة السلبية خاصة من ذوي الاختصاص والخبرة التي يمكن لها ان تجد حلولاً صائبة تعمل في اتجاهين معاً، الاتجاه الأول: يبدأ من دور الأسرة والمجتمع, فمثلاً في مجالس الآباء والأمهات وتفعيل دورها تفعيلاً يؤدي إلى تحقيق الأهداف المناطة بها ضمن المنظومة التربوية والتعليمية والاجتماعية, ولا نغفل دور المجالس المحلية. ولا شك أن الاتجاه الثاني يبدأ من المدرسة – هيئة التدريس – الإدارة المدرسية المسئول الاجتماعي – فالإدارة التعليمية ودورها في المتابعة وإيجاد الحلول بالتواصل مع مكاتب التربية التي بدورها ستؤدي الدور الأمثل لأنها الوسط الكائن ما بين الإدارات التعليمية في المديريات والوزارة الواقعة في المركز “العاصمة” ضمن خطط محددة مرسومة وتفعّل تفعيلاً جدياً.