*بقلم القاضي علي يحيى عبدالمغني/ الحقيقة انه لم تحظ ثورة في العالم بما حظيت به ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في اليمن من القداسة والمهابة والاجلال، بل صارت لدى بعض اليمنيين ركنا من أركان الإيمان لا يجوز الخوض فيها او السؤال عنها، بل صار بعض اليمنيين يقول جهارا نهارا (اللهم صل على سبتمبر وال سبتمبر)، ولو كانت هذه الثورة صحيحة سليمة لفرضت نفسها على الواقع، ولما قامت بعدها انقلابات وثورات، ولما احتاجت هذه المبالغات والدعايات والمزايدات، والعجيب أن من يتبنى هذا الفكر المتطرف عن هذه الثورة اليمنية المباركة هو نفسه من قضى عليها في مهدها، وحرفها عن مسارها، وتنكر لأهلها ستة عقود. لا خلاف بين اليمنيين أن النظام السعودي هو من قضى على ثورة السادس والعشرين من سبتمبر منذ ولادتها، وافرغها من معناها، واغتال رموز وقادتها، ولم يتركها تحقق هدفا من اهدافها، هذه الثورة بعد سيطرة النظام السعودي عليها هي من أدخلت اليمن تحت الوصاية السعودية، وحولتها إلى حديقة خلفية للمملكة، وفتحت اليمن على مصراعيها للتيارات الوهابية والاخوانية وأجهزة المخابرات الاقليمية والدولية، ومكنت اللجنة الخاصة من تجنيد أغلب الشخصيات اليمنية، وتحويلهم إلى عملاء ومرتزقة. واعتمدت لهم رواتب شهرية لخيانة شعبهم ووطنهم، خمسون عاما واليمن تسير من سيء إلى أسوأ في كافة المجالات، إلى ان قامت ثورة شعبية عارمة في فبراير 2011م، هذه الثورة الشعبية لم يسمح لها النظام السعودي تكمل مشورها، وتحقق اهدافها، بل قضى عليها في مهدها ايضا، وأدخل اليمن في نفق مظلم برعاية اقليمية ودولية، فبعد اتفاقية الرياض بين الأدوات السعودية في اليمن حدثت انهيارات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية غير مسبوقة، في العاصمة صنعاء وبقية المحافظاتاليمنية، وكادت الأمور في اليمن تخرج عن السيطرة، فكان لابد من قيام ثورة شعبية اخرى للخروج من عنق الزجاجة، وتجنب الوقوع في الهاوية، فكانت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، التي جاءت بقيادة وطنية جديدة، لا علاقة لها بالسلطة او المعارضة. هذه القيادة الثورية المخلصة استطاعت ان تجنب هذه الثورة الاخطأ والتجاوزات التي وقعت فيها كافة ثورات الربيع العربي، وأن تجعلها ثورة نظيفة نقية طاهرة، قدمت نموذجا فريدا في المنطقة، هذه الثورة لم تفتح السجون والمعتقلات، ولم تصادر الأموال والممتلكات، بل فتحت صفحة جديدة لكافة الاحزاب والمكونات اليمنية، وحفظت لها أموالها وممتلكتها، وانصارها ومقراتها، ورفضت الوصاية الاقليمية والدولية، وطهرت مؤسسات الدولة من العملاء والخونة، واعات الامن والاستقرار الى العاصمة صنعاء وبقية المحافظات. هذه الثورة حققت خلال فترة بسيطة مالم تحققه ثورة السادس والعشرين من سبتمبر خلال عقود طويلة، أصبحت اليمن دولة ذات سيادة، تمتلك جيشا من اقوى الجيوش في المنطقة، وأصبح القرار يمنيا خالصا في كافة الملفات المحلية والاقليمية، وهذا ما جعل أعداء اليمن في الداخل والخارج يتكبالون عليها، ويوجهون ابواقهم للنيل منها، وخلق حالة من الخلاف والقطيعة بينها وبين ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، هذه الأبواق اليمنية الاعلامية المأجورة التي تتباكى اليوم من الرياض وابوظبي والدوحة على ثورة السادس والعشرين من سبتمبر تعمل لدى الكفيل السعودي بنظام الساعة، وتتقاضى رواتبها من اللجنة الخاصة، لا يهمها ثورة سبتمبر ولا اكتوبر ولا غيرها، ولا يهمها الوطن ولا الشعب ولا الأمة بكلها، ما يهمها هو من يدفع لها أكثر، ومن يغطي نفقاتها في فنادق الرياض والقاهرة وغيرها، سواء السعودي أو الامارتي او الأمريكي او الصهيوني. لذلك نتمنى من كافة أبناء شعبنا اليمني العظيم لاسيما الأسر السبتمبرية المناضلة التي تعرضت للاقصاء والتهميش أكثر من غيرها من القبائل اليمنية خلال العقود الماضية أن تحافظ على مكانتها وكرامتها وتاريخها، وان تحذر من هذه الاصوات المإجورة التي تسعى الى دغدغة عواطفها ومشاعرها للوقوع في فتنة لا تخدم إلا الصهاينة، وأن تدرك أن علاقة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بثورة الحادي والعشرين من سبتمبر كعلاقة موسى بعيسى عليهما السلام، لاخوف عليها من ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، الخوف عليها حقيقة وعلى الشعب اليمني كافة هو من هؤلاء العملاء والمرتزقة، ومن القوى الإقليمية والدولية التي تمولهم وتشغلهم للنيل من شعبهم ووطنهم .