النجاح المنقطع النظير الذي حققته محافظة تعز في مهرجان المليون الذي شهدته الجمعة الماضية أصاب المشترك بخيبة أمل دفعت البعض إلى توزيع الاتهامات الجاهزة للرموز الوطنية البارزة، أمثال الشيخ سلطان البركاني وحمود خالد الصوفي متهمين إياهما ظلماً وعدواناً مع سبق الاصرار والترصد بأنهما المدبران لحادث إلقاء القنبلة على الشباب المعتصمين أمام محطة صافر، رغم معرفتي بالجهود المخلصة التي يبذلانها لامتصاص غضب هذه الجماعات التي تسحقها البطالة ويمزقها الفقر والبؤس. أقول ذلك وأقصد به أن الشيخ سلطان البركاني وحمود خالد الصوفي أكبر من أن يفكرا في الإضرار بهؤلاء الشباب أو الاستفادة من معاناتهم، كما هو الحال بالنسبة لقيادات المشترك التي تحاول عبثاً ركوب الموجة وتقديم هؤلاء الشباب المسحوقين حطباً لنيران مالديهم من الاطماع السياسية والاقتصادية التي لاتفرق بين مرارة وملوحة الدم والدمع، وبين حلاوة ولذة السلطة والمال.. وبدلاً من تهدئة هؤلاء الشباب والسعي لتفهم ظروفهم وحل مالديهم من المشكلات المأساوية يأبون إلا التعامل معهم بعقلية دكاكينية وحانوتية لاتعرف من القيم الإنسانية والاخلاقية سوى الدفع نقداً وماينطوي عليه من الربح غير المشروع لأنهم لايفرقون بين الحلال والحرام ولايفرقون بين الدمار والدماء والدموع والأحزان التي يسببونها لشعوبهم، وبالتحديد الدقيق لأولئك البؤساء والمحتاجين الذين تسحقهم البطالة ويمزقهم الفقر بعد سنوات من الدراسة والتسكع على أبواب الخدمة المدنية وأرصفة الشوارع إلى درجة ضاقت بهم الأرض بما رحبت ودفعتهم إلى القيام بمثل هذه الأعمال والاعتصامات المثقلة بتداعيات العواقب الوخيمة للاحباط واليأس.. أعود فأناشد فخامة الأخ رئيس الجمهورية صاحب العقل الكبير والقلب العامر بحب الفقراء أن يجعل الأولوية في التوظيف للأكثر فقراً والأكثر حاجة من الخريجين المعتصمين في مدينة تعز، وفي غيرها من المدن اليمنية الأخرى .. لأن دوافعهم إلى الاعتصام ليست المطالبة برحيل الحاكم، هذا الشعار السياسي الذي ترفعه لجنة الهاربين من الانتخابات وتنفذه العامة، بقصد أو بدون قصد، وبوعي أو بدون وعي، غير مدركين ما ينطوي عليه من المغامرات والعواقب الوخيمة التي لا ينتج عنها سوى إضافة دمار إلى دمار ومعاناة الى معاناة وفساد إلى فساد وفوضى إلى فوضى تحول دون الانتصار لقدسية الدستور وسيادة القانون. أقول ذلك وأقصد به أن لجنة الهاربين من الديمقراطية ومن الشرعية الانتخابية قد التقت مع الهاربين من الثورة ومن الوحدة وجعلتهم يقلدون نقل ما حدث في تونس وما حدث في مصر من ثورات غاضبة إلى هنا وهناك من البلدان الديمقراطية والبلدان الثورية مستفيدين من يافطات حق التظاهر التي ترفعها الدول الاستعمارية الرأسمالية.. وتتخذ منه كلمة حق لتمرير مالديها من الباطل في لحظة انفعال وفي لحظة جنون تسيطر فيها العواطف على العقول لا نجد لها من النتائج الايجابية ما يدعو إلى المغامرة التي قد تصل حد التضحية بالروح والدم عند هؤلاء الشباب المثقلين بالمعاناة. حقاً إن من يعرف الشيخ سلطان البركاني عن قرب سوف يجد فيه من الوفاء والكرم والشهامة والاستعداد الدائم للتضحية بالذاتي من المصالح والامكانيات لصالح الموضوعي، فلم نجد فيه نهماً ولا جشع بعض الذين يعتبرون أنفسهم من المشائخ والتجار. كيف لا وقد كانت قيادات المشترك التي تدير هذا النوع من السياسة الضحلة جاهزة بما أصدرته من البيانات وبما بثته من الدعايات للنيل من الشيخ سلطان البركاني، الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام – رئيس الكتلة البرلمانية الذي عرفناه صاحب موقف واضح وصاحب مبادئ وطنية ثابتة وصاحب أخلاق اجتماعية فاضلة وصاحب قيم أخلاقية رفيعة لا يفكر بعقلية السفهاء والبلاطجة وغيرهم من اللصوص وقطاع الطرق والقتلة ومحترفي النهب والسلب. يا شبابنا الثوريون والشرفاء إن رسالتكم قد أوصلت مشاكلكم وهمومكم إلى أعلى المستويات وأصبحت الحلول العاجلة والسريعة قيد التنفيذ العاجل وأحد أهم الأولويات الملحة للقيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ رئيس الجمهورية الذي طالما عرفتموه صادقاً لا يتراجع فيما يصدر عنه من الوعود وبما يقطعه من العهود. أعود فأقول لأبنائنا المعتصمين إن الشيخ سلطان البركاني الذي كان حاضراً في عقل من تعرفون، كان أكثر الناس تأثراً وانزعاجاً والماً وحزناً على ما لحق بكم جراء تلك القنبلة المجنونة التي لا استبعد أن يكون المدبر لها هو صاحب البيان الأول والقائمة السوداء التي تزامنت للتو مع وقوع الحادث الذي قد تنظرون له من زاوية التخطيط وقد تنظرون له من زاوية الصدفة، وبمعنى آخر قد ننظر له من زاوية الصدفة وتنظرون له من زاوية التخطيط المسبق. وقد يكون صاحب الفعل الذي استفز صاحب السيارة واحداً من الضحايا التي اختيرت بالمصادفة من بين صفوف الآخرين المارين في هذا الطريق. نعم إن الشيخ سلطان البركاني أكبر من كل الشبهات وأقرب إلى أبناء تعز من حبل الوريد، حيث كنت اسمعه ومعه الأخ محافظ تعز يقولون لرجال الأمن ولرجال المرور والمنتمين لحزبهم بأن يحرصوا على أمن المتظاهرين والمعتصمين وأن يضعوهم في حدقات أعينهم حتى لا يحدث ما يعكر صفو الاحتفال بنجاح المسيرة المليونية السلمية المؤيدة لفخامة الأخ رئيس الجمهورية. أقول ذلك وأنصحكم بعدم الانجرار وراء دعايات ومخططات لا تعلمون ما قد تسفر عنه من حرب أهلية طاحنة يتضرر فيها الجميع ولا يستفيد منها أحد إطلاقاً، لأن اليمن ملك الجميع.