اقتنع الشاب أسامة وهو يحاورني عن توجيهات فخامة الرئيس الأخيرة حول توظيف خريجي الجامعات، وما يمثله هذا القرار من أهمية كبيرة في نفوس الشباب، إلا أن مخاوفه المشروعة في أن تتدخل العديد من الوسائل غير المشروعة في إغفال الكثير ممن يستحقوق الوظيفة تحت مسميات شتى أولها المحسوبية والمحاباة والأوراق الصغيرة التي تسمى (توصيات). لم أبدد مخاوفه ولا طموحاته في أن يلقى وظيفة تعينه على تسيير حياته وهو الذي مضى على تخرجه قرابة ال(6) أعوام، متنقلاً من مرفق إلى آخر تصده وتكبح تطلعاته ورقة صغيرة بحجم (A4) مكتوب عليها لا توجد وظائف شاغرة. كان كلما يقابلني يلعن ذلك الروتين القاتل الذي يخيم على تلك المؤسسات الحكومية التي تقوم بالتوظيف حسب الرغبات للقيادة الإدارية التي لا تراعي الأولوية والأحقية في التوظيف. الأمر الذي جعله يصمد أمام تلك الأساليب ويخرج صباحاً من منزله متوكلاً على الله في أن يسخر له الله قلباً رحيماً من تلك الإدارات لتوظيفه. قال لي يوم أمس إنه على أمل أن تجد توجيهات فخامة الرئيس الطريق إلى قلوب أصحاب الخدمة المدنية والمرافق الحكومية لكي يظفر على أقل حق بالوظيفة العامة. من خلال ما طرحه الشاب أسامة وغيره من الشباب الخريجين من الجامعات لابد من أن تضع قيادة المحافظات في عموم محافظات الجمهورية أسساً ومعايير دقيقة يتم فيها إشراك كل فئات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية على مستوى المحافظات؛ لكي يتم الاختيار الدقيق دون أن تتدخل الأساليب الملتوية التي بلا شك ستستفيد من هذا القرار الحكيم. ومن هذا سوف يتم التوزيع العادل للوظيفة، وسيقتنع الشباب بهذه الأسس التي سيتم وضعها حيث ستسود العدالة في حق الوظيفة. ومن هذا الباب سيدخل الشباب في هذه الوظائف وهم على قناعة بأن الاختيار كان الأنسب. كما أن المعايير والضوابط التي اتبعت في التوزيع العادل للوظيفة أخذت مسارها الصحيح دون محاباة أو روتين. وحتى لا تقف الوظائف عند التوجيهات ينبغي أن تتبع وزارة الخدمة المدنية أسلوب الإعلان المباشر عن الوظائف الشاغرة بشفافية لاسيما وإن هناك العديد ممن ينطبق عليهم التقاعد في المرافق الحكومية، وآن لهم أن يتركوا الوظائف للشباب بعيداً عن تزييف في الأعمار أوالسكوت عنهم تحت حجة الإضافة التي تتبعها بعض المرافق التي تتحايل بأساليب شتى للإبقاء على بعض الوجوه التي طالها سن التقاعد ولا تستطيع أن تقدم شيئاً نتيجة العمر الكبير. إن الإصلاح الشامل في الخدمة المدنية بحاجة إلى وقفة مسؤولة في ظل تزايد أعداد هائلة من الشباب دون وظائف، هذا الأمر ربما يعكس نفسه سلباً على نفوس الشباب الذين يأملون أن يحصلوا على وظيفة تزيح همومهم ولا تترك مجالاً للآخرين للمزايدة على هذه الورقة الحساسة والخطيرة.