لقد باتت ساحات الاعتصامات مسرحاً للفوضى والمهاترات وتصفية الحسابات بين كل من له خلافات أو مطالب مع غيره، موظف مختلف مع مديره اعتصم في ساحة الاعتصام، لاعبون تأخر صرف مكافآت فوزهم أعلنوا الاعتصام، عمال بالأجر اليومي لم يجدوا عملا اتجهوا للاعتصام، طلاب لم يتخرجوا حتى من الثانوية يرفعون شعارات الرحيل، مسافرون يقتصدون في تكاليف سكن اللوكندات يتوجهون لافتراش ساحات الاعتصام، شيخ له خلافات مع قيادات في الدولة حمل معول الهدم واتجه إلى الساحات للاعتصام. ياجماعة الخير لقد صرنا نخشى أن تتجه نساؤنا إلى ساحات الاعتصام رافعات شعارات التغيير إذا ما تأخر مصروف البيت أو أجلت ليلة الخميس، ويحملن رئيس الجمهورية مسئولية المشكلات الأسرية. سبحان الله ولاحول ولا قوة إلا بالله، أليس من العيب أن نختزل مصلحة الوطن في قضايا شخصية!؟ أليس من الجهل أن نحرق الوطن لتنفيذ أجندات حزبية ضيقة!؟ أليس من الغباء أن نتجاهل الانقسام الكبير لأبناء الوطن بين مؤيد ومعارض للنظام لنرفع سقف مطالبنا الفورية بسرعة التغيير ومصادرة حقوق أغلبية تنشد التغيير السلمي عبر صناديق الاقتراع أو التوافق الوطني. يبدو أن الدائرة بدأت تضيق على اللقاء المشترك وخوفهم من تضاؤل فرص إسقاط النظام كما يخططون، دفعهم للزج بالنساء والأطفال في أعمال الاعتصامات ليتقدموا صفوفهم ويكونوا الدروع الواقية لهم، هذا وهم مازالوا خارج السلطة، فكيف إذا حكموا!؟ الظاهر أنهم سيحرقون الشعب كله. خروج الكثير من الشباب من ساحة جامعة صنعاء ورفضهم لما يدور داخل الساحة يؤكد وجود مؤامرات خفية لتدمير البلاد وزرع الفتنة، ضرب نساء وأطفال، تعنت في الآراء، احتجاز ومحاسبة المخالفين، تعبئة جهادية خاطئة, وكأننا نستعد لخوض حرب تحريرية لفلسطين من الصهاينة الغاصبين، لاحول ولا قوة إلا بالله! المتتبع لأخبار ساحة جامعة صنعاء يلمس مدى التخبط والصراعات التي تسيطر على قياداتها وأعضائها، كان آخرها الاشتباك الذي دار بين أعضاء من الإصلاح والحوثيين حول من له الحق بأن يستأثر ب(المايك)ليُملي آراءه وأفكاره على الآخرين، وهو الأمر الذي جعل الكثير من الشباب يعلن انسحابه. من الأمور التي لم يستوعبها الشيخ حميد الأحمر حتى الآن، أنه كلما ظهر منتقداً للرئيس وابنه على وجه التحديد، كشف عن وجود خلاف شخصي بينه وبين الرئيس ونجله تحديداً وأظهر رغبة شخصية وليست وطنية في المطالب برحيل الرئيس، وهو أمر يرفع من شعبية الرئيس ويزيد من أنصاره ومحبيه. في الوقت الذي يبكي البعض على الحال الذي تعيشه اليمن تظهر أرجوزات قناة سهيل ليصوروا الأمر, كأنه مسرحية هزلية، متجاوزين لغة الأدب والاختلاف، غير آبهين بذوق الجمهور وآرائه، بل ومستغفلين الناس بأكاذيبهم اليومية. من جمعة إلى جمعة، تمسك النساء على قلوبهن خوفاً مما قد تسفر عنه تهديدات اللقاء المشترك، فهل يعي الشباب المسئولية الملقاة على عاتقهم، خاصة وهم يمثلون الطبقة المثقفة التي يعول عليها الخروج بالبلد من مأزقه الحالي وتجنيبه الفتنة والانقسام. للتأمل: عندما يظهر الفنان الهزلي الأضرعي وهو يتدرب على القيام بدور شخص تعرض للإصابة من الغازات المسيلة للدموع ويعلم غيره على إتقان الدور، يكشف مدى الممارسات والمغالطات الموجودة داخل ساحة الاعتصام لاستعطاف الناس وإثارة الرأي العام، وللمواطن الحصيف التعليق. ما لم أفهمه حتى الآن التعصب الكبير الذي يبديه شباب التغيير ورفضهم للرأي الآخر، كما نشاهد في البرامج التلفزيونية، رغم أن الحوار إحدى وسائل الحياة والتغيير والاستمرار.