كلما مرَّ يومٌ من أيام الفتنة الراهنة التي أشعلها الانقلابيون على الديمقراطية وتجّار الحروب والمفسدون ، كلما تجلّت الصورة أكثر وزالت الغشاوة التي افتعلها السحرةُ والمشعوذون والدجالون وانقشعت الضبابية التي تُلبِّدُ أجواءَ هذا البلد العزيز ، وكشفَ اللهُ حقائق الأمور على الرغم من مرارة المأساة وجلل المصاب بعد أن سقط عشراتُ الشهداء والجرحى ضحايا هذه الفتنة التي سيلعن الله من أيقظها ومن دجلوا وغرروا وافسدوا كي يصلوا إلى مبتغاهم ولو على جثث الآلاف من الأبرياء المساكين .. سيقول البعض : إننا ضدَّ طموحات الشباب وآمالهم في يمنٍ آمنٍ مُستقرٍ ، يمن تسودهُ العدالة والمحبة والإخاء والمواطنة المتساوية ، ولهؤلاء نقول : إن آمالنا وتطلعاتنا أكبر من ذلك بكثير ، ونحن مع الشباب في التغيير السلمي والآمن ، التغيير الذي يحفظ اليمن من الاختطاف بأيادي الإرهاب والإجرام والمخططات التي تُكشفُ يوماً عن آخر، فهاهي دعوات المناطقية وروائحها المنتنة مع الأسف الشديد تطغى على عددٍ كبيرٍ من وسائل الإعلام وتخيّمُ على مُخيّلة مسؤولين كبار وأعضاء برلمان وصحفيين بمجرد أن تضررت مصالحهم أو أنهم يتوهمون بأن مصالحهم مع غير النظام الحالي ستكون أوفر حظاً لذلك تراهم يشعلون فتائل الأزمات من خلال دعواتهم المنتنة . نعم : آمالُنا وطموحاتُنا اكبرُ بكثيرٍ من طموحات البعض ، فلا نريد أن نرى وطننا وقد أضحى مطية لأصحاب النظرات الضيقة والأحادية ، أصحاب التهميش والإقصاء والتشكيك بمن لا يحملون فكرهم وعدوانيتهم تجاه الآخر . آمالُنا ،، أن يجمعنا بعد الإسلام يمنُ الإيمان والمحبة والوفاء والوفاق والسلام والاحترام المتبادل ، لا أن نتعامل بمناطقية أو عنصرية أو سلالية أو مذهبية .. لقد أضحى الكذب عنواناً عريضاً لدعواتهم الزائفة ، ولا أدري كيف لمن يريد أن يستميل قلوبَ الناس أن يحصل على ذلك بالكذب المبتذل والتضليل المفضوح والخداع الممجوج؟ ولو كانوا يعقلون لكفاهم تناقض ذلك المهووس بالقتل والتخريب المدعو طارق السويدان الذي يتلبس ثوب العلماء وهو يحرض على الفتنة في اليمن عندما قال ( عطّلوا البلد ) وعلى النقيض من ذلك تماماً يدعو أشقاءنا في البحرين بقوله ( لا تعطّلوا البلد ) فما الفرق بين دماء أشقائنا ودمائنا ؟ يا أيُّها المخدوعون والمخادعون : شعبُنا أذكى منكم مهما تغابيتم وزيّفتم وكذبتم ، شعبُنا يعرفُ لصوصَ الأراضي وقطّاع الطرق ونهابي المال العام الذين لا يزال بعضهم مختبئاً تحت عباءة النظام , فلا تصدقوا أنفسكم وأوهامكم ونرجسيتكم بأن الأمور قد أصبحت في متناول أيديكم ، فلن يستطيع أن يحكم اليمنيين من يتوعدونهم بالقتل والسحل والمحاكمة حتى لو وصلوا عشرة ملايين ، ولن يحكمهم من يكذب في يومه ألفَ كذبةٍ سُرعان ما تنكشف ولا يزال يتمادى في كذبه وتجريحه وتطاوله على ولي الأمر بأقذع الألفاظ .. ولا أدري كيف لمن كانت أخلاقه بهذه الصورة أن يدافع عن القيم والأخلاق والمبادىء التي ينشدها الجميع ؟ وكيف لمن يدعو للفتنة أن يحمي المجتمع من أي أخطار ؟ وكيف لمن يسترخص دماء الناس أن يضمن لهم مستقبلاً يسوده الرخاء والأمان؟ فلا تقحموا الناس في أتون فتنتكم . بالتأكيد .. إن النظام بحاجة لعملياتٍ جراحيةٍ تستأصلُ السوس التي تنخره وتطهرهُ من الفاسدين والمفسدين الذين هم أصل البلاء فيما جرى ويجري ، لكن أن نهدم المعبد على رؤوس من فيه فذلك لا يقبله عاقلٌ حريصٌ على أمن واستقرار ووحدة اليمن وليس أمامنا إلاّ أن نخاطب أصحاب الألباب والقلوب التي تخشى الله ( دعوها فإنها مُنتنة)!!..