الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة إسلامية. وعندما يسكت أحد من الناس عن منكر يقترفه غيره، فإنه يؤذي نفسه أولاً, لأن الخراب سيطاله. قد يقول قائل إن فساد هذا القاضي لايهمني, فلست بصاحب قضية، ولست طرفاً في خصومة, غير أن فساد هذا القاضي, بالضرورة سيطال آخرين بالظلم وسيولد هذا الظلم تراكماً عند الناس، وسوف يشكل تذمراً يأتي على الأخضر واليابس، ولهذا لايمكن التفريط بسوابق الفاسدين, لإقامة الحجة عليهم في قابل الأيام. قل مثل ذلك في هؤلاء الذين يحاربون الناس في معاشهم وأرزاقهم في هؤلاء السلف, الذين باعوا الوظائف والحلف الذين يبيعونها, في هؤلاء الذين أعادوا الشعب اليمني إلى عصر«الاحتطاب» واللهاث في الجبال والآكام للحصول على حطب لطهي الطعام, إذ الغاز قد انعدم أو كاد لايصل إلى غالبية الشعب الفقير أو الذي صار فقيراً, وإذا كان هناك من أفسد بتدمير شبكات الغاز أو قطع الطريق, فأين تطبيق الحدود, لينال المفسد جزاءه وفق شرعة الإسلام؟. البلد يدخل في دوامة، لأننا لم نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر, وخطبة الجمعة وهي السبيل الوحيد الأكثر وصولاً لعامة الشعب اليمني لم أسمعها في يوم تنكر مايحصل في القضاء من فساد ولا من احترام للأقدمية في الوظيفة والمناصب العامة, ولاتنهى عن(بيع النساء) لأن الزواج في بلدنا أصبح- ولاينكر ذلك إلا جاحد- بيعاً وشراءً, ولم أسمع خطيباً يذكر وقائع أمور منكرة مما يتعلق بالتهريب, تهريب البضاعة الفاسدة والأدوية القاتلة والسلاح المهرب، والمبيدات السرطانية والمقاولات الخائنة, والمشافي التي يدخلها الناس شبه أصحاء ويخرجون- أحياناً- أمواتاً.. ولم أسمع خطيباً يفضح- بحياد إيجابي وعدم انحياز- هذا الإعلام الذي يقوض العلاقات الاجتماعية ويخفض بالباطل أقواماً ويرفع آخرين, ولم أسمع خطيباً غير متعصب لهواه الحزبي إلا نادراً. خطبة الجمعة تراوح غالباً بين قضايا لاتستحق أن ينتظرها المسلم أسبوعاً كاملاً, وإذا جاءت الخطبة حماسية فهي لغزة فلسطين، مع أن الحديث(ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) والأهمية أكثر من المهم. قضايا المجتمع عندما تركت, يعبث بها من عبث ويفسد فيها من أفسد أوصلتنا إلى مانحن فيه, ولاندري متى نعقل المثل القائل(المصائب تعم).