من خلال ماحدث ويحدث الآن في بلادنا، اتضح أن الوطن آخر مايفكر فيه السياسيون، فالوطن يعيش أزمة طاحنة مسّت حياة الناس بالضر الشديد على مستوى حياتهم الضرورية اليومية، فلا أحد يهتم، والناس يعيشون مأساة حقيقية. هناك الجميع يعاني من هذه الأزمة التي لم تطل الأحزاب والقيادات السياسية وحسب، وإنما طالت كل مواطن يمني فهناك أزمة غاز وهذا الغاز قد أصبح ضرورة حياتية تتعلق بالطعام والشراب، بعد أن تحضرت الأسرة اليمنية على مستوى المدينة والريف، الذي أصبح شحيحاً في موارد الاحتطاب. لقد تحضرت جبالنا أيضاً، فلم تعد تنتج الشجر، بفعل شح الأمطار، نتيجة عصيان العباد لرب العباد، ومن ينكر أن الحسد والشح من موانع عدم الرحمة وهي المطر؟ لقد تنافس الجميع، دون استثناء أحد على الحياة الدنيا، وصار الجميع دون استثناء أحد يلهثون وراء متاع الحياة الزائل فكثر الخصام وصمت الناس عن قول الحق وجبنوا عن مواجهة الظلم ومقارعة الفساد ظناً منهم أن المصيبة ستكون خاصة، وقد نهانا الله أن نظن هذا الظن . «واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة»، وعندما يسكت المرء عن قول الحق أو يتغافل عن أنين مظلوم فليعلم أن المصيبة ستطاله شخصياً، فالمصيبة تعم، والتاريخ والحياة العامة والخاصة تشهد على ذلك وتؤكده. إن غالبية الناس وهم الفقراء والمساكين البسطاء تطحنهم رحى الحياة، ويتعرضون لمشكلاتها الكثيرة العاتية ، ويعجز هؤلاء عن تبليغ حياتهم لكبار القوم، لأنه لاجاه لهم ولا مولى لهم، فالحياة أصبحت مصالح ولا يقضي المرء حاجة لأخيه الا مقابل أن يقدم له مصلحة مقابلها، حتى المسئولون فإن كل مسئول إنما يقدم خدمة مقابل خدمة.. ولهذا فإن المواطن البسيط ليس له إلا أن يلجأ لله الذي لايخيب من رجاه ولا يرد من سأله. وقد دعا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام على من يشق على المسلمين: «اللهم من شق على أمتي فاشقق عليه». الناس يعانون ولا أحد مهتم إلا بمصالحه، ولذا فإن الجميع يقطف هذه الثمرة الآن ، وهي علقم مر وألم ممض وفوضى مخيفة وانفلات أحمق .