الجاوي: الحكم بالقوة والإكراه يجعل السقوط مفاجئاً    تعيين أمين عام للسياسي الاعلى بصنعاء واخر لمجلس الوزراء بعدن    افتتاح رصيف جديد لاستقبال السفن التجارية غرب اليمن    افتتاح رصيف جديد لاستقبال السفن التجارية غرب اليمن    المقالح يصف سلطة صنعاء بسلطة الأهل وعيال العم المعزولة عن الشعب    كأس المانيا: ضربات الترجيح تمنح بوروسيا دورتموند بطاقة التأهل على حساب اينتراخت فرانكفورت    قراءة تحليلية لنص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد"    الاختطاف والتهجير.. الحرب الحوثية الخفية ضد اليمنيين    توتر في منتخب إسبانيا.. ثنائي برشلونة يلغي متابعة كارفاخال بعد أحداث الكلاسيكو    المملكة المغربية تقاضي حمالة الحطب اليمنية توكل كرمان في تركيا    المنحة السعودية في طريقها لسداد حساب مكشوف للشرعية في جدة    تنفيذية انتقالي خنفر تناقش الوضع الأمني والخدمي بالمديرية    رئيس انتقالي لحج وضاح الحالمي يعزي بوفاة الأستاذ والتربوي فضل عوض باعوين    تقرير خاص : تأمين منفذ الوديعة.. مطلب حضرمي من أجل الكرامة والسيادة    انطلاق ملتقى "RT Doc" للأفلام الوثائقية بالقاهرة    "القسام": تأجيل تسليم جثة أسير صهيوني بسبب "خروقات" العدو    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة صرافة    واشنطن ستسلم طوكيو أول دفعة من صواريخ مقاتلات «أف-35»    رئيس هيئة الاستثمار يطلع على سير عمل مصنع شفاكو للصناعات الدوائية    مكتب الصحة في البيضاء يتسلم 4 سيارات إسعاف    مدرسة 22 مايو بسيئون تحيي فعالية توعوية بمناسبة الشهر الوردي للتوعية بسرطان الثدي ..    صحيفة دولية: الدين الخارجي لحكومة المرتزقة يبلغ نحو 7 مليارات دولار    الاتحاد الدولي للصحفيين يدعو مليشيا الحوثي للإفراج عن ماجد زايد و أورس الارياني    مسيرات في مديريات حجة وفاءًا لدماء الشهداء وتأكيداً على الجهوزية    اتحاد حضرموت يفتتح مشواره بالستة على مدودة في كاس حضرموت للناشئين    إجراء قرعة بطولة التنشيطية الثانية لكرة الطائرة لأندية حضرموت الوادي والصحراء ( بطولة البرنامج السعودي )    النفط يتراجع مع ترقب زيادة إنتاج (أوبك)    هيئة المرأة والطفل بالانتقالي تشدد على ضرورة تعزيز خطط العمل المستقبلية    ميسي يحسم موقفه من مونديال 2026    البيضاء .. تدشين المخيم الطبي المجاني الشامل للأطفال بمدينة رداع    بإيرادات قياسية... باريس سان جيرمان يصعد إلى المركز السابع بين أغلى فرق العالم    نائب وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين والقطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    عقب اشتباكات مسلحة.. قائد محور الغيضة يؤكد ضبط جميع أفراد عصابة تتاجر بالمخدرات    مجلس القيادة يجدد دعمه الكامل للحكومة والبنك المركزي في مواصلة تنفيذ الإصلاحات    الأرصاد: درجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى ما دون 5 درجات في المرتفعات    الأسعار بين غياب الرقابة وطمع التجار    فلسفة السؤال    الإطاحة بعصابة استغلت العمل الخيري للاحتيال على المواطنين في عدن    مدينة عتق.. عطش يطارد الأهالي ومؤسسة المياه في صمت مريب    أعرافنا القبلية في خطر: إختطاف القبيلة!    اتحاد كرة القدم يعيد تشكيل الجهاز الفني والإداري للمنتخب الأولمبي    سفارات لخدمة العمل اللادبلوماسي    ضبط 369 كجم حشيش في صعدة    وزير الشباب والرياضة يناقش برامج تأهيل وتدريب شباب الضالع واوضاع نادي عرفان ابين    قراءة تحليلية لنص "ولادة مترعة بالخيبة" ل"احمد سيف حاشد"    صنعاء.. مناقشة دراسة أولية لإنشاء سكة حديد في الحديدة    مزاد "بلاكاس" الفرنسي يعرض تمثال لرجل من آثار اليمن    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    دراسة حديثة تكشف فظائع للسجائر الإلكترونية بالرئتين    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    أبشرك يا سالم .. الحال ماهو بسالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة تحليلية لنص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد"
نشر في يمنات يوم 28 - 10 - 2025

استكشافات تحليلية متنوعة من زوايا مختلفة لنص أحمد سيف حاشد "مراهقة" المنشور في كتابه "فضاء لا يتسع لطائر"، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
مقتطفات تحليلية
– "مراهقة" هو نص أدبي مكثف للكاتب والحقوقي أحمد سيف حاشد، يعالج موضوعًا حساسًا بجرأة غير عادية، وصراحة غير مسبوقة تكسر حواجز التابوهات بلا مواربة.
– النص يحتل موقعًا فريدًا في أدب الاعتراف والتمرد العربي الحديث، لأنه يربط بين النضوج الفردي والوعي الجماعي والسياسي في نص قصير ومكثف.
– في نص "مراهقة" يُعلن "حاشد" عن ميلاد الوعي المتمرّد في الأدب اليمني المعاصر، ويفتح طريقًا لجيلٍ من الكتاب الذين يرون في الأدب أداة تغيير لا ترفًا لغويًا.
– النص محطة تأسيسية في التجربة الأدبية والفكرية ل"حاشد"، لأنه لا يعبّر عن مراهقةٍ عابرة، بل عن الميلاد الأول لوعي التمرّد والحرية الذي سيغدو لاحقًا محور مشروعه الإنساني والسياسي.
– تكمن قوة النص في أنه لا يُكتب من فراغ؛ بل يأتي امتدادًا لتجربة حقيقية عاشها أحمد سيف حاشد، فهو ليس خيالًا متخيَّلًا بل واقعًا مُعاد صياغته أدبيًا، مما يجعل القارئ يشعر أن الكلمات تنبض من "ذاكرة حيّة"، لا من تصوّر نظري.
– النص يتجاوز الفرد ليعكس هموم جيلٍ كامل يعيش الاغتراب والخذلان، و"المراهق" فيه ليس فتى واحدًا بل صوتٌ جماعيٌّ لأحلام مكسورة، وهو ما يمنح النص بعدًا رمزيًا يتجاوز الذات إلى القيم العامة؛ مثل الحرية، العدالة، الكرامة.
– يتسم النص بشاعرية اللغة وقوتها التصويرية حيث يستخدم استعارات ومجازات قوية، ولغة شعرية مكثفة تخلق توترًا دراميًا يعكس الصراع الداخلي للكاتب.
– النص يقدم النص شخصية متعددة الأبعاد تعاني صراع بين الرغبة والمنع، العقل والغريزة، التقوى والرغبة، ليعطي بعدًا إنسانيًا للمشكلة يجعل القارئ يتعاطف مع المعاناة.
– يتميز النص بشفافية عالية في مواجهة الذات، وبالقدرة على تحويل التجربة الشخصية إلى بوح صادق لا يخضع للمجاملات.
– يكشف النص التناقضات الداخلية والاعتراف بالضعف والتمرد، ما اعطى النص قوة إنسانية نادرة تشبه ما فعله كبار الكتّاب الاعترافيين، لكنها هنا تتخذ بعدًا اجتماعيًا وسياسيًا.
– يحمل النص نقدا اجتماعيًا لاذعا حيث يهاجم النفاق الاجتماعي والازدواجية الأخلاقية، ويفضح انشغال المجتمع بقشور الأخلاق عوضًا عن جوهرها، وينتقد على نحو صارخ ثقافة "العيب" التي تكبت الإنسان وتحرمه من إنسانيته.
– الأسلوب الحواري (صوت الشيطان والحسناء) يجسد الصراع الداخلي (الذات، الأنا الأعلى) ما يمنح النص حيوية درامية ويسمح للكاتب بتقديم وجهات نظر تحررية وجريئة بلسان شخصيات أخرى.
– شخصية "الشيطان" و "الحسناء" على الرغم من كونهما نقطة قوة في التوظيف الدرامي، إلا أن الأفكار التي تطرح على لسانهما ربما يراها البعض أنها هي أفكار الكاتب التحررية.
– في نص «مراهقة» تتداخل التجربة الشخصية مع البعد الجمعي، ويصبح البوح الفردي نواة لفكرة المقاومة المدنية التي ستظهر لاحقًا في النشاط الحقوقي والبرلماني ل"حاشد".
– يتخذ "حاشد" من اللغة في النص كسلاح وعي، وأداة مواجهة ضد الزيف والنفاق الاجتماعي والسياسي؛ وهو ما يميّز الكاتب عن كثير من كتّاب جيله.
– نص «مراهقة» كتب ميلاد صاحبه مرتين: مرة ككاتب يبحث عن صوته، ومرة كإنسان يبدأ رحلته في مقاومة القهر بالوعي واللغة..
– والنص هو صرخة ميلادٍ جديدة في وجه العتمة، كتب فيه "حاشد" وجعه الأول، ووعيه الأول، وتمرّده الأول، ومن بين الكلمات خرج الفتى الذي سيصبح لاحقًا صوتًا للحرية، وضميرًا للإنسان.
-اختتام النص بالتوبة والاستغفار بعد "غفوة مترعة اللذة" تعد محاولة من الكاتب للخروج من مأزق "التجريم" الاجتماعي.
– نص "مراهقة" قطعة أدبية قوية وشجاعة بامتياز، تكسر التابوهات وتغوص في الصراع بين الذات المكبوتة والمجتمع القامع..
تحليل البعد الجمالي في النص
نص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد" يمتاز بأسلوب شاعري وصاخب في الوقت نفسه. لغته غنية بالمجازات، والتكرار، والاستعارات، ما يجعل القارئ يشعر بالاندفاع العاطفي الداخلي للشخصية:
التكرار والتوازي: "مهووساً طوال اليوم.. مهووساً في الصحو وفي النوم.."،
يعكس الضغط النفسي والتعثر الداخلي، ويحوّل النص إلى نبض متقطع كإيقاع قلب مضطرب.
استخدام الصور المكثفة: "خيول العشق تصهل في مجرى الدم"، "طف على النهدين حتى تدوخ"،
يخلق فضاءً حسيًا حادًّا يجعل القارئ يعيش التجربة الجسدية والعاطفية بحدة.
الصور والرموز
النص يغرق في الرمزية الجسدية والروحية:
1. الجسد كمنفى وفضاء للحرية:
الجسد هو ساحة الصراع، حيث تتحرك الرغبة المكبوتة والفضول الاستكشافي. وهنا يصبح الجسد خارطة للاستكشاف، وفضاءً للكشف عن الذات.
2. الشيطان كرمز للتحرر الداخلي:
الشيطان هنا ليس شريرًا بالمعنى التقليدي، بل صوت الاستقلال والرغبة في تجاوز المحظور. ويرمز إلى الوعي الجمالي المكشوف الذي يرفض القيود.
3. المرأة كمكون وجمال
تصوير المرأة ليس مجرد جسد، بل كون كامل من النور واللذة والفهم، وكأنها مرآة للشخصية المتحررة من قيود المجتمع.
4. الأرض والمطر كرموز للحياة والتحقق:
النص يربط بين الرغبة والحياة، بين النشاط الجنسي وخصوبة الأرض، في صورة تجديد الجمال الطبيعي والنشوة الإنسانية.
الإيقاع واللحن الداخلي
النص إيقاعي ومتدفق، يمزج بين الفواصل القصيرة والمتقطعة في لحظات الانفعال، والجمل الطويلة الممتدة في لحظات التأمل والاستكشاف.
التوقفات: ".. لا يترك للحب مكاناً.. العشق محرّم والحب حرام.."
تمنح القارئ فرصة للتأمل في الثقل النفسي للشخصية.
الامتداد: "تهيج اللذة في أوصالي.. أغالب ناري.. يغلبني الحال.."
يخلق إحساسًا بالتيار المتواصل، وكأن النص نفسه جسد ينبض.
التجربة الجمالية والخلاقة
النص يتخذ من التجربة الأولى مسرحًا جماليًا للحرية الفردية، وليس مجرد وصف جنسي. يمكن تلخيص عناصر الجمال في النص كالتالي:
1. الصراع بين الرغبة والقيد: يعطي النص عمقًا نفسيًا وجماليًا.
2. التصوير المكثف واللغة الموسيقية: تجعل القارئ يعيش لحظة الاكتشاف الروحي.
3. المزج بين الحسي والروحي: يخلق تجربة شعرية نثرية متكاملة.
4. الرمزية والتشابك بين الفرد والمجتمع والطبيعة: يعطي النص بعدًا فلسفيًا وجماليًا يتجاوز الواقعية البسيطة.
خلاصة جمالية
نص «مراهقة» ل"احمد سيف حاشد" هو مسرح للجسد والروح والوعي، نص ينجح في أن يجعل القارئ يختبر الصراع الداخلي المكبوت، والتحرر الجمالي. جماله يكمن في المجازات المكثفة، الإيقاع المتقلب، والمزيج بين الروحي والجسدي. النص يترك أثرًا جماليًا قويًا، صادمًا، ومليئًا بالحرية والتوتر في آن واحد.
تحليل البعد الاجتماعي للنص
نص "مراهقة" يعبّر عن صراع الفرد مع المجتمع، وعن التوتر بين الطبيعة البشرية المكبوتة وثقافة العيب والتحريم التي تهيمن على الواقع الاجتماعي العربي، واليمني تحديدًا.
المجتمع كمصدر للكبت
يظهر المجتمع في النص بوصفه قوة قمعية تمارس سلطتها عبر مفاهيم العيب والتحريم والوصاية الأخلاقية. يقول الكاتب:
"التحريم يمارس طغيانه، لا يترك للحب مكاناً.. العشق محرّم والحب حرام."
هذا المقطع يكشف أن المجتمع يمارس وصاية مطلقة على الجسد والعاطفة، بحيث تتحول الرغبة الطبيعية إلى خطيئة، والحب إلى جرم.
وهنا نلمح نقداً واضحاً لثقافة الازدواج الأخلاقي التي تُشيع وهم العفة، بينما الواقع يضج بالنفاق والانفصام، كما يقول الكاتب:
"مجتمعي مبليٌّ بوهم العفة، ويعاني من حَوَل العين.. يرى القملة على بعد الصين، ولا يرى فيلاً على أنفه."
اذا؛ البعد الاجتماعي في النص يرتكز على فضح الرياء الجمعي والانشغال بالقشور الأخلاقية على حساب القيم الجوهرية: العدالة، والكرامة، والحرية.
ثقافة الكبت والحرمان
يربط أحند سيف حاشد في نص "مراهقة" بين الكبت الجنسي والتخلف الاجتماعي. فالمجتمع الذي يُجرّم البوح والرغبة، هو ذاته الذي يُعيد إنتاج العنف والاضطراب النفسي.
"المنع يزيد الرغبة.. شبقي يبحث عن لذة.. قدري يحاصره الضيق…"
وهنا، يوجّه "حاشد" نقدًا اجتماعيًا عميقًا: فبدل أن تُنظَّم الغرائز في سياق طبيعي وإنساني، تُقمع وتُخنق، فتتحول إلى قوة مدمّرة.
ويعبّر النص عن مفارقة لافتة:
كلما اشتد المنع، تفاقمت الرغبة؛ وكلما زاد الحظر، اتسع الانفجار الداخلي.
السلطة الأبوية والموروث القبلي
يُحيل النص إلى جذور ثقافة القمع في التاريخ العربي القديم، من خلال قوله:
"القمع القادم من عصر الوأد الغابر…"
فهو يربط بين وأد البنات في الجاهلية ووأد الرغبة والبوح في العصر الحديث.
كلاهما شكل من أشكال إخصاء الحياة، يمارسه مجتمع لا يزال يحكمه منطق "العيب" و"الغلبة" و"العصبية".
وهذا يشير إلى أن "حاشد" يرى في البنية الاجتماعية اليمنية والعربية استمرارية ذهنية أبوية تُقيد الحرية الفردية باسم الدين أو الشرف أو الأعراف.
فضاء للحرية
حين ينتقل النص إلى وصف التجربة الجسدية، لا يقدّمها كتجربة شبقية فحسب، بل ك"تحرر رمزي من القيود الاجتماعية".
الجسد هنا يصبح لغة مقاومة ضد الصمت والرقابة:
"اكسر أقفال السر وأرقام الشفرة.. الجنس ألذ في عهد الكبت، والحرية أمتع بعد القمع."
إنها ليست دعوة للانحلال، بل صرخة ضد التناقضات التي تجعل الإنسان يعيش منقسماً بين "الظاهر النقي" و"الخفاء الموبوء".
النهاية وتوتر التوبة
رغم التمرّد، ينتهي النص بنبرة تأملية وتائبة:
"استيقظت من عمق الغفوة، وأنا أتوب وأستغفر عمّا رُفعت عنه الأقلام."
هذا الختام لا يُبطل الثورة السابقة، بل يعبّر عن الازدواج الإنساني بين الرغبة والضمير.
فحتى بعد التحرر، يظل الفرد محاطاً بظل المجتمع، يستبطن سلطته في داخله.
وهذا يؤكد أن الكاتب لا يطرح حلًّا جاهزًا، بل يرسم مأزقاً إنسانياً عميقاً يعيشه جيل بأكمله بين الحرام والرغبة، بين التقاليد والإنسانية.
البعد السياسي للنص
يصور البرلماني والسياسي اليمني أحمد سيف حاشد في النص المجتمع اليمني/العربي كمؤسسة تحكم الأفراد بالقمع والوصاية الأخلاقية، حيث يفرض:
– الرقابة على الجسد والرغبة: "العشق محرّم والحب حرام".
– وصاية على الأخلاق والسلوك الفردي، مع إهمال القضايا الكبرى: "يرى القملة على بعد الصين، ولا يرى فيلاً على أنفه".
وهذا يعكس نقدًا سياسيًا للسلطة الاجتماعية والتقليدية التي تكرس النفوذ عبر الرقابة والتحكم في حياة الأفراد.
السلطة الأبوية والقيود الموروثة
يربط النص بين القمع الحديث والتقاليد الموروثة منذ عصر الوأد:
"القمع القادم من عصر الوأد الغابر…"
وهذا يشير إلى أن السياسات الاجتماعية والسيطرة على الأفراد متجذرة في تاريخ السلطة الأبوية، حيث يُحكم المجتمع بالقيم الزائفة التي تُعيق الحرية الفردية.
والبعد السياسي هنا يبرز في النظام القيمي والاجتماعي كأداة للتحكم والسيطرة، وليس فقط كظاهرة اجتماعية.
العلاقة بين الحرية والفردانية
يدعو "حاشد" في النص ضمنيًا إلى تحرر الفرد من الرقابة الاجتماعية والسياسية:
"اكشف السر المغلق.. اكسر أقفال التقية.. الجنس ألذ في عهد الكبت، والحرية أمتع بعد القمع."
والتجربة الجسدية تصبح رمزًا للتحرر السياسي والوجودي، أي أن التحرر من القمع الأخلاقي والاجتماعي يشبه التحرر من أي سلطة تمنع الفرد من ممارسة حريته الطبيعية.
نقد السلطة المزدوجة
النص يبرز ازدواجية السلطة:
سلطة رسمية أو مجتمعية تحرم الرغبة وتفرض الرقابة.
سلطة رمزية داخل الفرد نفسه، وهو يعيش انقسامًا بين الرغبة والضمير الداخلي.
وهذا الانقسام هو رمز للسياسة القمعية التي تفرض نفسها على النفوس قبل أن تفرضها على السلوك.
خلاصة سياسية
نص «مراهقة» يقدم نقدًا سياسيًا ضمنيًا من خلال:
1. تصوير المجتمع كسلطة قمعية تسيطر على الجسد والرغبة.
2. كشف استمرار تأثير القيم التقليدية الأبوية على الفرد.
3. تحويل التحرر الجنسي والاكتشاف الذاتي إلى رمز للتحرر من الرقابة الاجتماعية والسياسية.
4. إبراز ازدواجية السلطة الداخلية والخارجية وتأثيرها على النفس البشرية.
مقارنات
– في نص «مراهقة»، يطلّ القارئ على شخصيةٍ تتلمّس العالم لأول مرة بعين الشكّ والدهشة. إنها لحظة تفتّحٍ داخلي تقف فيها الذات أمام المرآة لتسأل: «من أنا؟ ولماذا لا أكون ما أريد؟».
هذه المفارقة تشبه ما طرحه ألبير كامو في «الغريب»، حيث يصطدم الإنسان بعالمٍ بلا معنى فيتمرد عليه بالصمت أو الرفض، غير أن «مراهق» لا يستسلم للعبث، بل يحوّله إلى حافزٍ للرفض والفعل؛ هنا تلتقي فلسفة الوجود بالمسؤولية السياسية، كما عند جان بول سارتر الذي يرى أن الحرية لا تكون حقيقية إلا حين تتحمّل تبعاتها الأخلاقية.
ينفتح "حاشد" في نصه على البيئة الاجتماعية والسياسية التي تصوغ التناقضات الأولى في الوعي. يتماهى البطل مع جيله، مع أوجاع بلاده، فيتحول القلق الشخصي إلى وعي جمعي.
وهنا يتقاطع النص مع تجارب عبدالله البردوني الذي جعل من وجعه الفردي مرآةً للجماعة، ومع غسان كنفاني الذي حوّل التجربة الذاتية إلى شهادة على قهرٍ أكبر، وبينما يقف كنفاني في مواجهة الاحتلال، يقف حاشد في مواجهة سلطات الداخل التي تصادر الصوت والحلم معًا.. «مراهق» في هذا المعنى ليس شخصية فردية فقط، بل رمزٌ لجيلٍ ومرحلة.
ويحمل النص توترًا داخليًا واضحًا وينتقل بين لحظات وعي متقطعة، ذاكرة قريبة من الحلم، ومقاطع قصيرة كأنها أنفاس منقطعة بين البوح والاختناق.. هذه التقنية تذكّر بكتابات كافكا، حيث يُحاصر الفرد بين قانونٍ مبهم وضميرٍ متعب، إلا أن نص «مراهقة» لا يغرق في العبث الكافكوي، بل يُنهي المأزق بنداءٍ نحو الفعل؛ كأن الوعي المراهق يصبح لاحقًا وعيًا مقاومًا.
مقاربة
ويمكن القول إن «مراهق» هو النص الذي يؤسس لولادة الكاتب المناضل داخل الأديب، ويكشف البذرة الأولى لشخصيةٍ ترفض الانصياع وتتمرد على السائد، وهو ما تجسّد لاحقًا في مسيرة أحمد سيف حاشد الحقوقية والسياسية، وبهذا المعنى، فإن النص يقف على تخوم الأدب والسيرة والفكر السياسي، في منطقةٍ قلّ أن اجتمعت فيها الذات والفعل والكتابة بهذه الكثافة.
ونص «مراهقة» يلتقط لحظةً لا تُنسى من التحوّل الإنساني: حين يصير السؤال أول أشكال الوعي، وحين يصبح الرفض أول درجات النضوج.إنه يذكّر القارئ بأن المراهقة ليست عيبًا في العمر، بل ولادة أولى للحرية، وأن الكلمة حين تُكتب بالصدق تصبح سلاحًا وضميرًا في آنٍ واحد.
وبهذه الروح، يقف نص أحمد سيف حاشد جنبًا إلى جنب مع تراثٍ عالمي من الكتاب الذين جعلوا من التجربة الشخصية نافذةً على مصير الإنسان في وجه القهر، من البردوني إلى كنفاني، ومن كامو إلى كافكا.
مراهقة
أحمد سيف حاشد
كبت يشتد ويحتد.. حرمان يفجِّرني ويتبركن في أغواري، ويشعل حرائقه في أقصى مداي.. مهووساً بفراغي الجنسي.. مهووساً طوال اليوم.. مهووساً في الصحو وفي النوم.. التحريم يمارس طغيانه، لا يترك للحب مكاناً.. العشق محرّم والحب حرام.. مجتمعي يفجّر جمجمتي.. يفتش ما أخبئ فيها، وعمّا تخفيه خائنة الأعين.
مجتمعي مبليٌّ بوهم العفة، ويعاني من حَوَل العين.. يُصيب عين النملة، ويخطئ حجم بعير.. والمثل يقول: "يرى قملة على بعد الصين، ولا يرى فيلاً على أنفه".. "لا يرى الخشبة في عينه، ويرى القذى في عين أخيه".. يترك القضايا الكبرى، ويلاحق عاشق ليل.. مشغولاً بأنفاس المرأة، على حساب ألف قضية.
مجتمعي مولع تجريم.. معوَّق ومعاق الذهن.. عاهاته أكبر منه.. مجتمعي تحكمه الغلبة.. الدم رخيص جداً، ومع الفقر جارٍ هو التطبيع.. الفقر سنّة في هذه الدنيا.. الموت باذخ جداً، والعصبية قدر مألوف.. البوح جُرم وحرام.. تربية من عهد الوأد.. اسم الأم عار بين الصبية.. مجتمعي محكوم بالعيب.. مجتمعي محكوم بالنار.
المنع يزيد الرغبة.. شبقي يبحث عن لذة.. قدري يحاصره الضيق، محصور أعيته الحيلة.. ناري تتلظى في شراييني، وخيول العشق تصهل في مجرى الدم.. تائه في التيه الأول، أركض خلف لهاث الريح، أبحث عن امرأة تطفئ الأوار.
تحت جلدي ألف رقيب.. العيب يتربص بأنفاس اللهفة.. يُلجم جموح الرغبة.. القمع القادم من عصر الوأد الغابر، يريد وأدي في مدرستي المنفية في صحراء جرداء، تتلظى قيظاً وهجيرا وشواء، وسؤالاً يكبر بين ضلوعي الملتاعة، يلسعني بسوط من نار: أين أفرغ أحمال الشهوة؟!
* * *
حمتُ حول الحِمى مرات عدة.. حمتُ لأقع فيه.. أريد كسر المزلاج، وقلع الشمع الأحمر في بلاد يثقلها المنع، ويحاصرها الممنوع!! فضولي يدعوني لسبر الأغوار، واستكشاف العمق الأبعد.. وطن الأنثى عميق جداً.. صوت الأنثى يناديني: اليوم لحوح، لا تتردد، لا تتأخر.. ادرك مبغاك، فالغيب غداً، وغداً في ظهر الغيب لا يضمنه أحد.
تقتُ لأن أبحر في الذات، وسبر غموض الأغوار، وكشف خارطة الأنثى، وتفاصيل ممارسة الجنس.. شَهدٌ يستدعي الشهوة، أشهى من عسل النحل، وأطيب من أجاج الجنة.. هكذا قال الشيطان، ودعاني لأسافر في فضاء اللذة، وسماوات العشق العليا.. أصعد كالضوء أو كالنجم دون براق أو معراج.
هي مغامرتي الأولى، لأكتشف فيها نفسي، وأكتشف الجنس الآخر، صلّيت صلاة الحلاج.. صليتُ صلاة الروح لأستخير بها ما أفعل! صليتُ صلاة الاستسقاء.. دعوتُ الغيث للأرض البور.. اخترت عبور الكشف، لأجيب على أسئلة الحيرة.. أردتُ أن أعرف نفسي، لأجيب على أسئلة تتحفز وتجوس.. أسئلة تذرع عقلي الباطن، كالآساد في أقفاص محابسها.. أسئلة تشتعل في عمق الوعي، لتضيء مجاهيل النفس وردهات الظلمة.
* * *
ناداني صوت الحسناء: أنت يا هذا تعال.. خض التجربة الأولى.. جرّب مرّة.. ارتحل في جسد المرأة.. بُح بسرك.. ماذا تفعل بالسيف المُغمد.. أنت لست خزنة آثار.. أنت لست متحفاً أو صالة عرض.. هيّا امشقه في وجه الشمس.. أصقله وأشحذه في النار.. أنفخه حتى الآخر.
انفخه حتى ينتشر ويحمر.. أغرسه في اللحم الحي.. هيا افعل يا هذا.. ستشعر لأول مرة أنك كائن حي، مغمور بسعادة تتفجر فرحا.. سيغمرك الإحساس أنك لم تَحْيَ من قبل.. لا تترك الأرض البور دون أن تمطرها بالقطر وبالنور، ولا تترك الأرض تبور.. فالأرض لمن أحياها، واسأل محيي الموتى.
قال الشيطان: يا هذا رفقاً بالحال.. عمرك يمضي هدراً.. لا تترك حاضرك يذوي حُزنا كالشمعة في ليل بارد.. لا تدع سنين العمر الآتي نهباً للريح.. حتى لا تبكي ماضياً فات، وشباباً أهدره الجهلة.. حاضرك عض عليه، بنواجذك والناب.. امسكه بكلتي يديك.. اجترح مأثرة كبرى، واعترش مملكة الأنثى، حتى لا تندم، وتبكي في الغد شباباً ضاع.
قالت الحسناء: أنت يا هذا.. اكشف السر المغلق.. اكسر أصفاد التقية.. ثر على الوهم المثقل، واكسر حصار العزلة.. اكسر أقفال السر وأرقام الشفرة.. الجنس ألذ في عهد الكبت، والحرية أمتع بعد القمع، والرغبة أكثر ولعاً وجموحاً في عهد الممنوع.
قال الشيطان: التقية حبس ونفاق.. التقية زيف وقناع.. أهدم محبسك، وزح قناع الزيف؛ لِترَ الدنيا من آخرها.. التقية حكم بالموت.. التقية لا تتصالح مع روح تواقة للحرية.. الحرية تخنقها الجدران، والتقية جدار تقتلنا في اليوم كذا مرة.. التقية خيانة للروح.. العري يتصالح مع أصحابه، والقبح الأبشع أن تلبس ألف قناع.
قالت الحسناء: لا تحتزم الموت، ولا تفجّر نفسك من أجل الجنة وبنات الحور.. اغتنم حاضرك حتى تثمل.. احيِ الأرض ولا تقتل إنساناً، والله رحيم غفّار.. يا هذا تمرد واستكشف خارطة المرأة لأول مرة.. ستكتشف أن الله بعين الأنثى يغفر، وفي نبض النهد ستسمع كل الأسماء الحُسْنى، وفي محراب العشق سبّح في ملكوت الله.. الله رحمان ورحيم يرحم.. غفار وغفور يغفر.
* * *
تهيج اللذة في أوصالي.. أغالب ناري.. يغلبني الحال.. نار الشهوة تتمطى جسدي المنحول.. أول مرة في حياتي أرى امرأة تتعرى.. أول مرة أرى تفاصيل امرأة تتكثف تحت جسدي المجمر.. أول مرة أغوص في تضاريس امرأة تمنح خبرة.. آهات الأنثى في ذروة لذتها قيامة.. تمنحك نشوة.. تشعرك أنك ملك الكون.
قال الشيطان: أمطرها شوقاً، امطرها قبلاً وحنيناً لتلتذ.. اكتشف كل الأبعاد.. اكتشف كل الأكوان.. اكتب وشمك على ذاكرة الأنثى.. على أبواب العشق، وشرفات النور.. طف على النهدين حتى تدوخ.. بح بالسر في محراب العشق الملتاع.
قبّل جِيداً عبقا بالعطر الساحر، الجيد يطول مع التقبيل، ويصير بطول النخلة.. ما أروع أن تتسلق نخلةً لتذَوُّقِ جِيدٍ يقطر شهداً، وسعادة تملأ الكون.. جِيداً مشتاقاً لدون العشرين، أطلق شبقك في الحرث، وشق قناة الوصل من أول ضربة.
سفنك مثقلة يا هذا بأحمال الشهوة.. أفرغ سفنك من حمل طال.. لا تتمالك أعصابك وهي تتأوه متعة.. أكسر أقفال البوح.. تختلط أنفاس فرسان العشق بصهيل خيول الرغبة والبوح الملتاع.. نهود تهتز بالعشق المتأجج ثورة، ورعشات تطلق عنان الشهوة في أرض الله، وجنان يلتذ.. مطر يهمي، ورضىً يغشاك، وسكينة بعد قضاء الوطر.
دونها صار المُلك، وتهاوت شماريخي من أعلى البرزخ.. هويت كشهيد؛ وأنا أسأل: هل تتزوجني هذه الأنثى.. إني أحبك يا هذي.. أبحث عنك حد التيه.. طار عقل الأنثى.. دهشتها كانت أكبر .. صمتت برهة؛ ثم قالت: "أنت يا هذا تختلف عن كل الناس".
لعنتُ الشيطان بسري، ولذت إليه مرّات عدة، لأعيد الكرّة، وهو يقول: استمتع واعطِ العمر حقوقه.. أنت لم تقتل.. أنت لم تفسد.. أنت لا تظلم ..أنت تعشق وتصلّي للرب صلاة الحب اللاعج، واعلم أن غفران الله أكبر من هذا الكون.
كانت غفوة مترعة اللذة، استيقظت من عمق الغفوة، وأنا أتوب وأستغفر عمّا رُفعت عنه الأقلام ورُفع عنه اللوم.
* * *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.