تنفس الغرب وأمريكا على وجه الخصوص الصعداء، عندما أعلن أوباما وفاة الرجل الذي شغلهم لعقدين من الزمان، واعتبر الرئيس الأمريكي قتله نصراً كبيراً بعد الهزائم الكبيرة التي منيت بها أمريكا في العراقوأفغانستان.. وقد كانت الولاياتالمتحدة تبحث عن أي نصر ولو إعلامياً، حتى تعيد الثقة بحكومتها.. كما أن الرئيس أوباما سيستفيد من هذا النصر في جلب أصوات جديدة للديمقراطيين بعد الانتخابات النصفية للكونجرس التي خسرها، ولكن هل فعلاً يعتبر قتل بن لادن نصراً حقيقياً؟؟ المتتبع لبن لادن في السنوات الأخيرة يرى أنه لم يعد يشكل خطراً حقيقياً، واقتصر دوره على الخطابات التحريضية دون التوجيه المباشر للعمليات التي يديرها نائبه أيمن الظواهري.. بالإضافة إلى أن اختباءه طوال الفترة السابقة جعله في حالة كمون فقد معه فاعليته، بالإضافة إلى الأمراض المزمنة التي أثقلت صحته. فالهدف إذاً كان قتل الرمز المتمثل في بن لادن ليس إلاّ، والسؤال الذي لازال يؤرق أمريكا والغرب هو: هل تموت القاعدة بموت بن لادن؟! لاشك أن موت بن لادن ضربة قوية للتنظيم، ولكن ذلك لايعني نهاية القاعدة غير أن القاعدة ستنحسر آثارها، خاصة في الدول العربية التي انتهجت شعوبها طريقة جديدة للتغيير بعيداً عن العنف الذي كانت تنتهجه القاعدة. ويبدو أن موت بن لادن – إن صح – جاء في وقت انتفت الحاجة إلى تنظيمه ، ورغم كون التنظيم قام بعمليات عنف كبيرة راح ضحيتها أبرياء من كافة البلدان والأديان، إلا أنه - كما يبدو – كان مرحلة لابد منها لتستطيع دول الاستعمار الغربي التفرقة بين التطرف والاعتدال من جهة والمقاومة والإرهاب من جهة أخرى . ولا يعني موت بن لادن أن العنف سيختفي من العالم، فالعنف له أسبابه التي تؤججه ، فالظلم والاستبداد والاستعمار كلها وقود للعنف، وإذا كانت البشرية تريد أن تنعم بالسلام، فإن عليها التخلص من أسباب العنف لا معالجة نتائجه، فالعنف نتيجة وليس سبباً . بقي أن نعرف أن بن لادن كان بطلاً مجاهداً يوم أن كان يحارب الروس في أفغانستان، وتحول إلى إرهابي يوم أن حارب الاستعمار الأمريكي في نفس المكان، وكأن الاستعمار الروسي غير الاستعمار الأمريكي الذي رمى جثته في البحر، وكأن الأرض ضاقت حتى يوجد فيها مكان لقبره وذلك خوفاً من أن يتحول قبره إلى مزار ويتحول هو - كما تحول جيفارا – إلى رمز للثورة، ولكن ماتحذر منه أمريكا سيكون وسيظهر قريباً بن لادن على قمصان الثوار وقبعاتهم.. لقد حولته إلى رمز وهو ميت بعد أن رمت به للحيتان – إن صح ذلك – ويبدو أن المخابرات الأمريكية أصبحت مسئولة عن صناعة الرموز، فهي التي قتلت جيفارا وهي من قتلت بن لادن وهي التي قتلت سلفادور دالي وصدام.. وغيرهم من الرموز.. ورحم الله بن لادن وصدام وكل المسلمين .