عندما تختفي الحكمة ويُغيَّب العقل والمنطق وينجرف القوم وراء الرياح ظناً منهم أنها ستوصلهم إلى المدينة الفاضلة التي تخلو من الأحزان.. ولا يدمع فيها إنسان والكل سيكون سواء وستنخفض الأسعار وسترسم البسمة على كل الشفاه.. وسيغدو وطننا قطعة من الجنان.. الكل يرغب في العيش بسلام والعيش بدون كد ولا ظلم ولا طغيان ..الكل يطمح بأن يكون أسعد إنسان.. الكل يسعى لرسم أحلامه في رابعة النهار ويعيش لحظات حياته بأهنأ حال.. عندها لابد وأن نغير عنواننا على هذا الكون.. لابد أن ننتقل إلى كوكب آخر بعيد عن طبيعة سكان الكرة الأرضية.. عندها لابد وأن نخترق الطبيعة الأزلية التي جُبل عليها البشر.. عندها لابد أن نصل إلى العالم المثالي الذي إن وجد فلن يكون إلا طفرة من طفرات الزمان ..وعندها سنحتاج لأن نغير انتسابنا إلى عالم الإنسان ونتقاسم الحياة مع العالم الملائكي وسيكون شرطهم ألا نقدم على عصيان.. طبعاً هذا محال مادمنا نعيش بثياب إنسان . تلك المدينة الفاضلة لم يذكرها التاريخ إلا في الأحلام أما واقع الإنسان لابد وأن تتقلب فيه الأحوال وتتلاعب به دفتا الميزان وكذا طبيعة حياة الإنسان.. ومن لم يقرأ التاريخ ستعلمه الأحداث.. التاريخ يكرر نفسه مع اختلاف المسميات ومن يريد أن يعرف مستقبله لابد وأن يقرأ في ماضيه عندها سيعلم كم هو شاطح في الخيال . الذين يتسولون على عتبات أمريكا ويتمسحون بأقدام أوباما أين أنت يا أوباما.. أنقذنا يا أوباما..! هكذا حال الخونة البائعين لأوطانهم المتجردين من القيم الموغورين بالأحقاد ..في كل زمان ومكان ..الصور والمشاهد تتكرر والتاريخ يعيد نفسه باستمرار.. ومن أراد أن يعرف مستقبله لا بد وأن يكون على علم بماضيه ويرجع إلى التاريخ ليقرأه.. من مصلحة أمريكا أن يظل الوطن العربي في صراع وتمزق ليظل في حاجة إليها بشكل دائم.. من مصلحة أمريكا التي تديرها الصهيونية العالمية أن تشاهد المسلمين أذلاء يتسولون على أبوابها طلباً للحماية والقوة، والذي يقبل على نفسه أن يكون من هؤلاء فهو ذليل مهان لا يملك ذرة من إباء أو كرامة.. من مصلحة أمريكا أن تكونوا جنوداً مسخرين تعملون تحت رعايتها وتنفذون أجندتها وتحت توجيهاتها.. رغم علم الجميع أن التدخل الأجنبي في أي قضية من قضايا الوطن لن تستفيد منه إلا أمريكا، وأن أمريكا تسعى بكل مخططاتها وسياستها الدولية الهادفة إلى تمزيق الوطن العربي إرباً إرباً. ماذا فعلت أمريكا بالسودان وجنوبها (سلة الغذاء للعالم الإسلامي ) التي إن زُرعت أراضيها لأغنت الوطن العربي والإسلامي بكل احتياجاته الغذائية ولكسد سوق أمريكا وأوروبا التي تحرص كل الحرص أن يظل ويبقى الوطن العربي والإسلامي أسواقاً مفتوحة لكل منتجاتها.. مرهونة برغيف العيش.. تسعى بجهود حثيثة إلى تمزيقه فينشغلون بصراع دائم فيما بينهم، وهي حريصة كل الحرص على توازن كفتي الميزان ويظل الصراع قائماً بشكل دائم كما هو الحال في القرن الأفريقي .. فماذا فعلت أمريكا في باكستان وأفغانستان طوائف تتقاتل فيما بينها؟ وماذا فعلت في الشيشان؟ وماذا فعلت بالصومال وجنوب السودان؟ وماذا فعلت بالعراق التي حولته إلى بحيرة من دماء؟ وآخر المهام لها في ليبيا هل قضت أمريكا على المشكلة؟.. ليس من مصلحة أمريكا أن تنهي أية قوة من القوى المتصارعة بل تحرص على توازن الكفتين حتى يظل الصراع قائماً وينشغل المسلمون بصراعاتهم الداخلية والحروب الأهلية وبالتالي يظل العالم الإسلامي في تخلف دائم وبحاجة مستمرة إلى الدول العظمى تحت تلك الظروف التي يعيشونها. عندما يختفي دور العلماء في الأمة ويصبح الناس في حالة من الهذيان يفتقدون إلى مرشد حقيقي يدفعهم إلى الصواب ويوجههم إلى الرشاد، ما أقسى أن نشاهد بلاد الحكمة والإيمان تخلو ساحتها من العلماء ويغيب دورهم وواجبهم تجاه الناس وفي مثل هذه المحنة التي نعيشها. اللهم سلّم البلاد والعباد واحقن دماءنا وارحم موتانا واكشف الغمة عنا وعن سائر بلاد المسلمين، وأدفن نزعة الشر في قلوب المسلمين وأزل هذه الفتنة عنا، إنك على كل شيء قدير.