لماذا اليمن؟ سؤال يتردد في أذهان الكثيرين حول هذه الأحداث المؤلمة التي تسود اليمن منذ أكثر من أربعة أشهر وخصوصاً في صنعاء وتعز وعدن والعديد من المحافظات الأخرى وما اسفرت عنه من مواجهات وأحداث دامية قاد لواءها العديد من قيادات ورموز اللقاء المشترك وأولئك الحالمين بالسلطة إلى حد المرض. وهذه الحلم بامتلاك القوة والسيطرة والثراء أصبح لدى هؤلاء هوساً مرضياً خطيراً تعدت آثاره ونتائجه شخوص المصابين به ومن حولهم وتكاد آثاره المفجعة أن تلتهم كماً هائلاً من المواطنين الأبرياء وتكاد أضراره أن تسرق من كل اليمنيين سنين طويلة من التقدم والتنمية والتطوير وتقضي على كل ماحققناه طيلة خمسين عاماً بعرقنا ودمائنا وبجهود خيرة رجالنا. هوس هؤلاء بالسلطة والوصول إلى كرسي الحكم جعلهم يرون في خروج الشباب إلى ساحات الاعتصام معلنين عن طموحاتهم وهمومهم فرصة سانحة لتحقيق طموحاتهم وأحلامهم المجنونة التي فشلوا في الوصول إليها بالطرق الديمقراطية وعبر صناديق الاقتراع، ليتمكنوا بما لديهم ويفتقده الشباب من المال والخبرة والمكر السياسي من اغتصاب ثورتهم البريئة وتحطيم طموحاتهم ومطالبهم الشرعية والدستورية المطالبة بالمزيد من التطور والرقي والحياة الحرة الكريمة التي يحلم بها كل أبناء الوطن واستئصال الفساد وتطوير آليات عمل المؤسسات والمرافق الحكومية وإعطاء الشباب مساحة أكبر للمساهمة في تشكيل وبناء اليمن الجديد والمستقبل الأفضل لتسحق كل هذه الرؤى والتطلعات الشبابية النقية تحت أحذية تلك المطامع والأحقاد الشخصية وبين رحى الصراعات والثأرات الحزبية للمشترك وبين الأطماع والمخططات الخارجية من الجهة الأخرى. لتصبح ثورة الشباب النقية البيضاء هي المظلة المشبوهة التي تحضى تحت ظلالها الكثير من الوجوه والأطماع القبيحة والمشبوهة ويصبح الشباب هم الوسيلة وهم الأداة لإمرار وتحقيق تلك المشاريع والمخططات التآمرية المشبوهة لأحزاب اللقاء المشترك وتلك القيادات والرموز التي تساقطت من هنا وهناك وتعلقت بأذيال أحزاب اللقاء المشترك وقياداته لتحظى بالمشاهدة ولو من بعيد وتصفق لتلك الهمجية والوحشية التي يمارسها اللقاء المشترك في اغتصاب عذرية ونقاء وشرعية ثورة الشباب، ويجعلوا من ميادينها وساحاتها أوكاراً ومخابئ لنشر سمومهم وأفكارهم المتخمة بالكراهية والحقد والتطرف الحزبي والمذهبي والمناطقي،وحولوا تلك الأماكن إلى بؤر فساد لتفريخ ونشر أسوأ أشكال الفرقة والعداء والتناحر بين أبناء اليمن،ونهب الممتلكات واستنزاف الموارد والثروات. من داخل الوطن من يريدون إشعال الحرب الأهلية والانقلاب على الشرعية الدستورية والنهج الديموقراطي وفي سبيل ذلك يبذلون كل جهودهم وينثرون ثرواتهم لإفشال كل الخيارات والحلول الأخرى التي تحقن الدماء ومن الخارج من يمدهم بلوازم إشعال هذه الحرب ويبذل مابوسعه لتأجيج نارها،ظناً منه إن الرمال ستمنع عنه لفحاتها وإن حطبه اليابس لن تصله شراراتها،ومن ذلك الأفق الآفق البعيد يقف صانعو اللعبة ومحركو الدمى في انتظار حصاد الأرباح ليدوسوا بأحذيتهم الثقيلة على بقايا هذا وذاك دون اكتراث ليظل السؤال: لماذا اليمن؟ لماذا اجتمعت كل هذه الأطراف رأيها على استهداف اليمن وزعزعة أمنه واستقراره واستنزاف موارده وجعل نظامه ومؤسساته وكل منجزاته هدفاً رئيسياً لفوضاهم الخلاقة ومخططاتهم الشيطانية لإعادة رسم جغرافية المنطقة العربية وتكوين الشرق الأوسط الجديد؟؟ لماذا انقلبت بعض القيادات والأنظمة العربية والدولية التي كانت علاقاتها باليمن توصف بالحميمة والقوية،وكانت تشيد بالخطوات التي قطعتها اليمن ونظامها ورئيسها علي عبدالله صالح الإصلاح المالي والإدارات ومكافحة الفساد والإرهاب وكيف أصبحت اليوم تنتصر للأقليات الحزبية وأصحاب المشاريع الانقلابية والتخريبية ضد الديموقراطية اليمنية وشخص الأخ الرئيس؟؟ من الذي دفع كل هذه الأطراف ووسائل إعلامها لأن تغمض عيونها وتصُم آذانها عن مطالب وحقوق السواد الأعظم من الناخبين اليمنيين المؤيدين والمناصرين للنظام وفخامة الرئيس لينقلبوا هذا المنقلب المؤسف على الديموقراطية والشرعية الدستورية في اليمن؟ من المستفيد من أن تكون صفقة الأسلحة التي تم ضبطها في دبي تركية الصنع وعرقلة جهود تركيا في أن تلعب دوراً حيوياً في المنطقة العربية رغم تلك القيود المشددة التي تفرضها على بيع وتصدير مثل تلك الأسلحة؟ من الذي يمول ويمد هذه القيادات التخريبية بالمال والسلاح الذي تنثره هنا وهناك لتكوين ميليشيات من المدججين بمختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والصواريخ لاستهداف وضرب الأحياء السكنية والمواطنين العزل وتدمير ونهب المصالح الخاصة والعامة كما حصل في عدنوصنعاء وتعز؟؟ كل هذه التساؤلات إذا بحثنا عن إجاباتها سنجدها تشير بمجملها إلى حقيقة تلك الأيدي الشيطانية الخفية التي تخطط وتدعم وتمول كل هذه الفوضى التخريبية الصائرة في اليمن والدفع بكل تكتلاته السياسية والحزبية والقبلية إلى هاوية الحرب الأهلية المدمرة. وبوضع كل المسلمات والحقائق التي أوصلتنا إليها تلك التساؤلات وقياسها على نظرية المستفيد سنجد أن هذه المؤامرة الدنيئة التي تستهدف اليمن منذ عدة أشهر لن تفيد قيادات وقواعد اللقاء المشترك وتلك القيادات السياسية والعسكرية الملوثة أيديها بالتآمر وتأجيج هذه الفتنة التخريبية التي تسببت في سقوط تلك الأعداد من القتلى والجرحى من الشباب والمواطنين ورجال القوات المسلحة والأمن وبهذا الكم الهائل من التدمير والخراب للممتلكات والمصالح الخاصة والعامة،فالسواد الأعظم من اليمنيين والكثيرين من قواعد مصائرهم ورقابهم ومصير اليمن بأكمله في يد مثل هؤلاء الطامعين الحالمين بالسلطة،فلا اليمن ولا اليمنيون الشرفاء يمكن أن يجنوا أدنى فائدة أو مكسب من هذه الحرب التي يدفعون البلاد إليها. كما أن الإخوة المؤيدين لتلك المساعي الانقلابية والتخريبية من دول الجوار والنافخين لنار الحرب في اليمن لن يحصدوا أي فوائد أو أرباح من تشجيعهم للفوضى والتخريب والتمزق في اليمن،ولن يجنوا أي ثمار مما حدث في تونس ومصر ومايحدث في ليبيا وسوريا وغيرها من الأقطار والأنظمة العربية المستهدفة في أجندة الفوضى الخلاقة ومفاهيم العولمة الصهيونية الأمريكية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد والمنطقة العربية،وعلينا جميعاً أن نعي جيداً ونتأكد أن الجغرافيا العربية والموارد والنفط والسيادة الوطنية والمقدسات الإسلامية هي الغاية الكبرى من هذا الشرق الأوسط الجديد الذي يريدونه وإن المستفيد الوحيد من كل هذا الذي حدث وسيحدق في المنطقة العربية والإسلامية هو تلك القوى الصليبية والاستعمارية القديمة المتربصة بالعالم العربي والإسلامي لتُشيع فيه كل عوامل التناحر والفرقة والشتات والتبعية المذلة والارتهان الدائم للغرب وعلى رأسها تلك المحافل الماسونية والمنظمات الصهيونية وكل من أمريكا وإسرائيل لتحقيق أعلى مستويات الأمن والاستقرار لمصالحها وسيطرتها ووجودها في المنطقة وتحقيق الحد الأقصى من الأمن القومي لأنظمتها... وما هذا الإصرار العجيب والاستهداف الصارخ والمقيت من قبلها لزعزعة أمن واستقرار اليمن ودفعها لأذنابها وأياديها الشيطانية الخبيثة من الداخل ومن الدول المجاورة لبذل جهودها وتسخير إمكانياتها لتجنيد المرتزقة والمتآمرين وأصحاب المطامع والأهداف الرخيصة لصنع ثورة شعبية مفتعلة تحرق الأخضر واليابس وتعمق الجراح وتزيد العداوات والأحقاد بين أبنائه وتمزق وحدة شعبه وأراضيه وتقضي على طموحاته في التطوير والتنمية والسيادة الوطنية ليتسنى لتلك القوى الاستعمارية تحقيق مصالحها وأطماعها الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة. وهذه الأطماع الاستعمارية هي ذات الأطماع الاستعمارية في التواجد والسيطرة التي جلبت إلى اليمن وسواحله وجزره الأساطيل العسكرية الاستعمارية للبرتغاليين ثم الإيطاليين ثم الفرنسيين حتى مجيء البريطانيين وتضحياتهم الجسيمة لاحتلال ميناء عدن والبقاء فيه “129” عاماً لتعزز من سيطرتها على ذلك الطريق البحري العالمي للتجارة، والذي يعتبر صلة الوصل بين حضارات الشرق والغرب مروراً بباب المندب والبحر الأحمر ثم قناة السويس ومنها إلى البحر الأبيض المتوسط وأوروبا وأمريكا وحماية مصالحها في منطقة الشرقين الأوسط والأدنى وتوسيع تواجدها فيه. بعد خروج كل هؤلاء المستعمرين من اليمن وإعادة تحقيق وحدته وظهور الجمهورية اليمنية كنظام ودولة تفرض سيادتها الوطنية على كل جغرافية اليمن شمالاً وجنوباً براً وبحراً وجواً وترفض كل أنواع التواجد والنفوذ الأجنبي على أراضيه أو التدخل في شئونه الداخلية ومما لا شك فيه أن توجهات ومواقف اليمن ونظامها السياسي المعتز بحريته واستقلاله وسيادته الوطنية على أراضيه قد شكلت خطراً حقيقياً على مخططات ومصالح تلك القوى الاستعمارية في المنطقة، ولا شك أن تلك المواقف الوطنية الشجاعة التي أعلنها الأخ الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله في العديد من المحافل العربية والدولية والتي توضح موقف اليمن القوي من القضية الفلسطينية والوجود الإسرائيلي وكذلك رفضه لكل المساعي الغربية والأمريكية للتواجد في منطقة البحر العربي والأحمر وفي الأراضي والجزر اليمنية ومواقفه من قضايا السيادة والأمن في البحر الأحمر والذي يعتبر شريان التجارة والنفط بين الشرق والغرب ومنطقة الخليج. كل هذه المواقف سببت الإزعاج والقلق لتلك القوى الاستعمارية وعلى رأسها أمريكا والصهيونية العالمية ودولة إسرائيل وعرقلت تنفيذ مخططاتها في السيطرة على المنطقة والتي تعتبرها من الأولويات الاستراتيجية الهامة لمصالحها الاقتصادية وأمنها واستقرارها في المنطقة. وعلينا جميعاً أن نفهم جيداً أن اليمن سواحلها الطويلة المطلة على البحرين الأحمر والعربي هي البوابة الجنوبية للوطن العربي وهي الطريق الأسهل للولوج إلى الأراضي الإسلامية المقدسة وهي البوابة الرئيسية والوحيدة المسيطرة على كل التجارة البحرية بين الشرق والغرب من خلال سيطرتها التامة على بوابة البحر الأحمر الجنوبية والضيقة “مضيق باب المندب” الواقعة في قلب مياهها الإقليمية ، وإذا أضفنا إلى هذا ما تختزنه هذه البحار من ثروات بحرية هائلة ومتعددة فلن نستغرب لماذا تجعل هذه القوى الاستعمارية الدولية وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل من البحر الأحمر والعربي خطاً أحمر في سياساتها يستدعي إعلان الحرب على كل من يحاول الاقتراب منه من الدول المطلة عليه وعلى رأسها اليمن.. أصحوا يا عرب.. أصحوا يا أبناء اليمن.. إنه الاستعمار والمخططات الصهيونية والتآمر الغربي الأمريكي بشكله الجديد. [email protected]