ليس هناك أسوأ من أن نصل إلى قناعة بانعدام الحلول وبقاء الأزمة تراوح مكانها كل الخيارات صارت سيئة ، وليحسبها كل واحد منا كما يريد ولن يجد غير أبواب تفضي إلى مشكلات وأزمات وربما صراعات دموية مسلحة . الأزمة الحالية عطلت مصالح البلاد والعباد، وراح ضحيتها بدرجة أساسية البسطاء والمساكين والفقراء من الناس وكل يوم يزداد عدد هؤلاء ويتعاظم مصابهم جراء الأوضاع الراهنة .. القناعة التي وصل إليها السواد الأعظم من أبناء هذا الوطن هي أن كل الحلول المطروحة في الوقت الراهن سيئة وكارثية ، فبقاء الأمور على ماهي عليه مشكلة ، والحل الذي يطرحه من في المعارضة والمتمثل في إسقاط النظام مشكلة أيضاً ، والحلول بالحروب هي أيضاً مشكلة أسوأ وبقاء الانقسام السياسي والعسكري ينذر بكوارث قد تحدث في أيه لحظة .. هنا يؤسفني أن أقول: بأن مايبدو في الأفق من خيارات قد تأتي كنتيجة لحالة الاحتقان السائد منذ بداية الأزمة هي خيارات عنوانها الصراع المسلح الذي صار أقوى الاحتمالات حضوراً على طاولة الحلول ، وكما يبدو جلياً من خلال زيادة عدد الأنفاق والمتارس التي تستحدث كل يوم في العاصمة صنعاء، وربما في غيرها من المدن التي لم أزرها .. مايبدو في العاصمة يكرس قناعة أن الحرب آتية لا محالة ، فالأنفاق والمتارس ونشر القوات في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الفرقة الأولى ، لايدل على حسن نية ولا على نوايا تبشر بخير ، ومع مرور الأيام تزداد القناعة بأن الأمور تسير نحو الحرب ولا نتمنى أن تصدق هذه القراءة ، غير أن المشهد الذي نلاحظه كل يوم لا يساعد على تطمين النفس والناس بأن «الأمور سابرة والخير من كل جانب» ، فما هو في الواقع يحكي بأن الأمور مقلقة والمتارس في الشوارع والأحياء ، فمن أين سيأتي الخير؟ والمشهد نفسه ماكنت أتصور يوماً أن يحدث وتتحول العاصمة صنعاء إلى مناطق نفوذ ونقاط تفتيش بألوان عسكرية مختلفة ، وتصبح منطقة في العاصمة دولة مستقلة داخل العاصمة كدولة ( الفاتيكان) وإن كانت الفروق شتى بين الدولتين ، لكن مايحدث أوصلنا إلى قناعة بأن هناك نوايا لحرب شوارع وأحياء لاتُبقي ولا تذر، فالبيوت العالية صارت لعنة على الأحياء التي توجد فيها تلك العمارات وقد تحولت إلى مراكز عسكرية ، والبيوت والعمارات التي لم يكتمل بناؤها صارت هي أيضاً متارس عسكرية «وشوالات» الرمل تتربع في الزوايا والأركان وسط الأحياء السكنية .. منازل تتوسط أحياء سكنية أو تتصدرها جرى تحويلها إلى ثكنات عسكرية ولنا أن نتخيل شكل الحرب التي يجري الإعداد لها بهذه الصورة المرعبة.. قد لاتحدث الحرب وهذا كل مانتمناه لكنني كلما رأيت شارعاً يحفر وأنفاقاً جديدة ومتارس تظهر تزداد قناعتي بأن الأطراف المعنية بالحرب تعرف بعضها جيداً وعلى ذلك تعد نفسها ، وهذا كله يأتي على حساب أمن وطمأنينة الناس ، واخشى أن تدور رحى الحرب على رؤوس المساكين الذين سيجدون أنفسهم بين راجمات الصواريخ وكل أنواع الأسلحة المستخدمة في المعركة، فالجنون واضح في مشاهد الاستعدادات للصراع القادم ..