تسلمت في خضم الأحداث التي تعيشها بلادنا وما ترتب عليه الحال من قلة الخدمات تسلمت بروشوراً تصفحته وقد أفرحني وأعطاني زخماً وتوازناً لحالة الإحباط التي أعيشها. سعدت بمضمونه الإيجابي والغني بمعلومة قلما نجدها فمعظمها لا تجد لها الا مضموناً تقليدياً ومكرراً فقد شهدت هذه المادة الاتصالية نصوصاً نمطية لكن هذا البروشور يشعر قارئه بالفخر والاعتزاز رغم كل مؤشرات التنمية في بلادنا. المثقلة بأرقام مخيفة هذا البروشور يبشر قارئه بمعلومة بأن اليمن أول دولة في العالم تنتج ورقاً من الجلد الطبيعي ويصنع للسوق المحلية والعالمية ثم يثلج صدرك بأننا نصنع في اليمن ثلاجات التبريد الأفقية والعمودية وثلاجات بنك الدم والخلاطات الإسمنتية والإسفلتية ورديترات التبريد للسيارات والحافلات الثقيلة ونصدرها إلى أوروبا والمضخات الزراعية والزجاج بما فيه زجاج السيارات والحديد المسلح ذو المواصفات العالية يسترسل البروشور إلى الأسلاك والأجهزة الكهربائية وكابلات الضغط العالي وعدد من قطع غيار السيارات ومنتجات جلدية إلى مناشير الرخام وكسارات المناجم فالمراجل البخارية ..ما هذا؟ أكلّ هذا في اليمن؟! حقيقة هذه القائمة من الصناعات التي حسب اعتقادي ترتبط بصناعات ثقيلة رفعت معنوياتي كيمنية تناسيت المؤشرات المتدنية في التعليم والعمل والفقر وشعرت أن عبارة “صنع في اليمن” لها من المكانة في قلب كل يمني فها هي منتجاته عالمية الوصول لا تقل عن أي صناعة لا شك ستتوسع وتخرج صورة المواطن النمطية إلى صورة عامل منتج وحرفي ماهر لقد لفت نظري هذا البروشور إلى صورة إعلامية جديدة ينبغي أن يضطلع بها الإعلام الحكومي وغير الحكومي وهي التعريف بمراحل إنتاج وتصنيع تلك القائمة الصناعية وينتقل القارىء والمشاهد والمستمع إلى المصنع والمعمل ويقدم له صورة حقيقية لدور الاقتصاد والصناعة في تحقيق التنمية وفي بناء القدرات والخبرات اليمنية عبر معاهد التدريب الفني بما يلبي احتياجات سوق العمل التي منها هذه المصانع، لقد لفتت هذه المعلومة إلى أن اقتصادنا الوطني يحتاج لإعلام يساعد على التوعية والترويح له وليعرف به للوصول إلى الأسواق وأن وصول هذه المعلومات ترفع من وعي المواطن وبالقدر نفسه يرتقي في تداوله للاستحقاقات الوطنية ويعمل ويدافع عن تلك القامات الصناعية التي ترفع من شأن اليمن وترتقي باقتصاده وان نلتفت جميعاً نحو هذا الصرح ونعمل على تمتينه ونشجعه ونحميه من المنافسة بالحد من الاستيراد ففتح السوق اليمنية لا ينبغي أن يكون على حساب المنتج الوطني بدءاً بالمنتج البسيط فالزراعي والصناعي فحروب العولمة الصناعية ينبغي ألا تخيف البلدان المنتجة الصغيرة وينبغي أن تبدأ من أولويات استخدام المنتج الوطني وألا يهمش المنتج ويستورد المنتج الأجنبي دون ضوابط وخاصة إذا ما كان هناك منتج وطني يؤدي نفس الغرض. إن العديد من الدول التي هي اليوم في مصاف الدول المصنعة مثل الهند والصين ومصر وأندونيسيا منعت استيراد أي بضاعة تقوم هي بصناعة مثيلة لها.. هكذا ترتقي الصناعات الوطنية ولابد أن يكون في المقابل اعتزاز وشعور شخصي من قبل المواطن تقوده المؤسسات الإعلامية الحكومية والأهلية.. لا أن تسلبها رياح العولمة دورها الوطني. وحتى لا أغمط جهة إصدار البروشور حقها الأدبي فهي الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي التي تأسست عام 2001 ولها دوافع وطنية ورسالة وهي تحمل شعاراً إسلامياً وطنياً “بلدة طيبة ورب غفور” أتمنى ألا تحيد عن هذا النص.. وكما يبدو تعمل على تحقيق مبادىء تعطي الأولوية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتج المحلي ومنع استيراد منتجات خارجية مماثلة كونها تكلف وتعرض العملة الوطنية للتدهور أمام العملة الأجنبية بغرض استيراد منتج أجنبي. حقيقة نحن نحتاج لمنظمات مجتمع مدني تحمي وتشجع على صناعات وطنية تحمي الاقتصاد وتوفر فرص العمل وتخلق حالة من الوعي إزاء المنتج الوطني نحتاج لمنظمات تعمل على تغيير واقع الإنسان اليمني نحو تنمية اقتصادية تبدأ بالمنتج الوطني.