«الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمركة العولمة..... بقلم: أسامة الدندشي
نشر في نبأ نيوز يوم 19 - 04 - 2009


مدخل
العولمةobalization مصطلح جديد ادخل إلى اللغة العربية حديثا, وهو فعل ثلاثي مزيد على وزن فعلل و فوعل, وأجاز اللغويون مثل هذا الاستحداث على أ وزان الأفعال والألفاظ الموجودة أصلا في اللغة, كدحرج وقولب وحوقل وكوكب وجيش....... وهو جمع لا مفردة له كالجيش.
ورغم اشتقاق العولمة من العالم, واتفاقهما في الانتشار على مساحة هذا الكوكب, فهما مختلفان في جوهريهما ,كما يبدوا في معناهما اللغوي ,فالعالميةinternational تحمل في بنيتها وسماتها الجوهرية خصائص انتشارها عالميا, وقبولها من الأخر طوعا, فإبراهيم الخليل رجل عالمي, لخصائصه الذاتية والشخصية, وقصة احدب نوتردام عالمية لبنيانها القصصي والأدبي بذاته ,والبيبسي كولا عالمية لمذاقها وطعمها بزاتها, كذلك الأديان والهاتف والمذياع......
بينما الأفعال التي على وزن فعلل و فوعل, مثل دحرج وقولب وجو قل وعولم ,يشير معناها إلى حدوث تغييرا فيزيائيا في المادة,بقوة خارجية: فالدحرجة تتم بالدفع للتسارع والحركة,والقولبة تتم بالطرق والدق والحرارة لتشكيل القالب بالقوة,والعولمة حدث كوني للتغيير بالقوة,وعلى العالم قبول هذا التغيير طوعا أو كراهية , والعولمة مصطلح غير واضح المعالم والسمات,ولم يزل في طور النمو والتكامل والوضوح, وعلى العموم غلب المفكرون في تعريف العولمة , العامل الاقتصادي دون التقليل من أثارها السياسية والاجتماعية والثقافية والجغرافية, وعظموا العاملين ألمعلوماتي والتكنولوجي ودورهما المتطور والمتقدم في انكماش المسافة والزمن.
واختلف المفكرون في العالم المعولم بفتح اللام , بين اليمين الذي يرى في العولمة ظاهرة ايجابية, تقضي على التخلف والفقر في دول الأطراف, وبين اليسار الذين يرى في العولمة ظاهرة سلبية, تسعى لعودة الإمبريالية بثوب أخر ويقف بين الطرفين "الدين" بصورة عامة والإسلام بصورة خاصة, الذي يختلف أيديولوجيا مع الغرب وتحديدا مع الولايات المتحدة الأمريكية , حيث الصور النمطية المتبادلة ,رسمها بدقة رئيس المستعمرات البريطانية (أورمسبي غو) حين قال لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير (كانون الثاني) 1938م ما يأتي: (إن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الإمبراطورية أن تحذره وتحاربه، وليس الإمبراطورية وحدها، بل فرنسا أيضاً، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة، وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة. إن سياستنا الموالية للعرب في الحرب العظمى (يعني الأولى) لم تكن مجرد نتائج لمتطلبات (تكتيكية) ضد الفوات التركية، بل كانت مخططة أيضاً لفصل السيطرة على المدينتين المقدستين مكة والمدينة عن الخلافة العثمانية التي كانت قائمة آنذاك.
ولسعادتنا فإن كمال أتاتورك لم يضع تركيا في مسار قومي علماني فقط، بل أدخل إصلاحات بعيدة الأثر، أدت بالفعل إلى نقض معالم تركيا الإسلامية"1 ولعل ذلك سببا رئيسيا من أسباب تخوف الإسلام من كل ماهو قادم من الغرب , لذلك ترى التيارات الإسلامية" ثمة فرق بين عالمية الإسلام والعولمة , الإسلام يقوم على العدل , ويعترف بحق الأخر في الدين والرأي المخالف ,أما العولمة فتقوم على الظلم والاستكبار الغربي ,وضد مصالح الشعوب الفقيرة الأخرى, وفقا لسياسة التبعية للعالم الثالث المتأخر" 1" وأن الهدف الحقيقي للعولمة هو الهيمنة,وان تغيرت الأشكال والألوان ,لكن الجوهر واحد,وهي تفوق الإنسان الغربي وتمجيد اختياراته ,وعظمة ثقافته وقيمه وضرورة إخضاع الناس له مهما كان الثمن فادحا قال تعالى" فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ 2
بينما برهان غليون في دراسة أكاديمية يرى "تتطابق العولمة المسيطرة عالميا اليوم مع استراتيجية إحياء الليبرالية الاقتصادية الكلاسيكية. وتتخذ العولمة شكل التطبيق الحرفي لبرنامج العولمة الليبرالي القائم على تأكيد أسبقية المنطق الاقتصادي في إعادة تنظيم العلاقات الدولية".3
غير أن الدكتور صادق جلال العظم ينظر إلى العولمة نظرة موضوعية,سابرا أغوار ما يجري في السوق فيقول:" العولمة "هي وصول نمط الانتاج الرأسمالي عند منتصف هذا القرن تقريبا إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة الإنتاج والتوزيع والسوق والتجارة والتداول إلى عالمية دائرة الانتاج وإعادة الإنتاج ذاتها " 4
بينما الدكتور حسن حنفي يرى أن العولمة عودة الاستعمار بلباس أخر يقول" العولمة في مظهرها الأساسي تكتل اقتصادي للقوى العظمى للاستثمار بثروات العالم, ومواده الأولية وأسواقه,على حساب الشعوب الفقيرة, واحتواء المركز للأطراف التي حاولت الفكاك منه في الخمسينات5 .
ويعرف رونا رد روبر تسون المفكر البريطاني العولمة على أنها"اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وازدياد وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش" وينظر جيمس متلمان إلى العولمة على أنها ,"مصفوفة من العمليات المتداخلة والمرتبطة ببعضها, وليس كعملية أحادية تدور بشكل مركزي حول الاقتصاد المعولم، وانتقال تطبيقات السوق الحر إلى مرحلة غير مسبوقة جغرافيا حيث تتحول الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة موحدة الحدود والسياسة والثقافة والدين, ويقول مالكم واترز صاحب كتاب العولمة" هي كل المستجدات والتطورات, التي تسعى بقصد أو بدون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد .
البعد التاريخي للعولمة
كل عدة مئات من السنين,يمر العالم بتحولات هامة,مدفوعا بقوانين الطبيعة الصارمة مادية كانت أو إنسانية وإعادة ترميم كل الخروقات التي أصابتها , وكثيرا ما تؤدي الاكتشافات وتطور العلوم- كاكتشاف النار أو المعادن أو ورق الكتابة أو القطار والسيارة ....... أو الديموقراطية, أو الرأسمالية والشيوعية.....- بالضرورة إلى تغيير وخلل في الضوابط التي تنظم جملة العلاقات الخلقية في الطبيعة والإنسانية , فكثيرا من القوانين أو العادات تصبح قديمة , ولا تلبي معطيات التطورات المستجدة, وهنا تقتضي الضرورة إعادة تطبيع جديدة,لكل القيم الثقافية والمدنية والتجارية ومفهوم الدولة والمجتمع والإنتاج والهجرة والاستقرار والحرب والسلام....
وإدخال مفاهيم جديدة تنظم العلاقة بين الفرد والمجتمع, سواء كان قبيلة أو مجموعة ارتضت العيش معا ,أو مجتمعا مدنيا , وبين الإنسان والطبيعة, وحينها ينشغل المفكرون في الحديث عن نظام عالمي الجديد, والبسطاء "عن دنيا أخر الزمان".
"والعولمة ليست ظاهرة جديدة, بل قديمة قدم التاريخ ,عندما كانت تتصدر حضارة ما كباقي الحضارات , وتقود العالم.قام بذلك مجموع الشرق مرة في الصين , والهند , وفارس, وما بين النهرين, وكنعان , ومصر , وقامت بذلك الحضارة العربية الإسلامية"6
"ولعل في قول هارون الرشيد الخليفة العباسي المشهور,لغيمة سابحة في عنان السماء:"أمطري أينما شئت فخراجك عائد إلي"خير ما يؤكد ذلك, افليس هذا ضربا من ضروب العولمة؟ بلى وبكل تأكيد, فهذه سيرورة الحضارة والتاريخ, الأقوى هو الذي يعولم العالم كما يشاءوكما تقضي مصالحه".7
و"هذه الظاهرة هي التطور الطبيعي للحضارة منذ أقدم الحقب التاريخية, حيث انتقلت تقنيات الثورة التقنية الأولى المسماة بالعصر الحجري,ثم التقنيات المرتبطة بالعصر الحديدي... فالزراعي والتي بدأت (منذ) عدة ألوف من السنين قبل الميلاد" 8
وفي القرن التاسع عشر, أدى تطور العلوم, وتقدم الاكتشافات, وازدهار الصناعة والتجارة في أوروبا , إلى تطور وازدهار الصناعة وبالتالي رأس المال المادي والمعرفي وبالتالي الإنتاجي , في ظل الدولة القومية ,ورافق ذلك تراكما وازديادا في الإنتاج, فاض عن الحاجة القومية , وشكل فائض المنتج ضغطا على الدولة القومية , التي تدير وترعى الإنتاج تخطيطا وتنظيما , والمسئولة عن فتح معابر حدودية إلى الأسواق الإقليمية والقارية,وكثيرا ما أدى الصراع حول هذه المعابر ,وحول مواطن المواد الخام إلى أزمات سياسية, وبالتالي إلى حروب طاحنة أشرسها الحربين العالميتين , التي دفعت أوربا ثمنهما الباهظ بشريا وعمرانيا ,والدول العربية والعالم الثالث سددت فواتير هذه الحروب , و زالت من الوجود إمبراطوريات كانت بالأمس عظيمة, وطفت على السطح قوى جديدة,
وعندما حطت الحرب الثانية أوزارها,كان قد تم اكتشاف القنبلة الذرية,وتم تغييرا في مراكز القوى , وفي الجغرافية العالمية, وبدأ الحديث " عن دنيا أخر الزمان" وعن" نظام عالمي جديد" للمنتصرين ,يعاد به تنظيم العالم وفق المستجدات التي خلفتها الحربين, ووفق الملامح الجديدة للقوى الصاعدة وأنظمتها السياسية والاقتصادية والثقافية,فتأسست " الأمم المتحدة" , ومعاهدة جنيف , وحقوق الإنسان في السلم والحرب,وحقوق المرأة , والبنك الدولي ,وصندوق النقد الدولي, والاستعمار بمعنى "الأعمار ,وبشر الكثير من المفكرين, عن عالم جديد قادم , يشهد توزيعا عادلا للثروة المادية والمعرفية والتكنولوجيا الصناعية, وتعميم الرخاء والنعيم والسلام في العالم ,ولأجل ذلك كله تقاسمت الدول المتقدمة "المنتصرة" العالم المتأخر لتأهيله حضاريا وتقنيا , ليأخذ دور الشريك في خيرات هذا الكون.
واهم ملامح هذه المرحلة, انقسام العالم إلى معسكرين مختلفي الأيديولوجية, جرى بينهم سباقا نوويا محموم.
المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة, والمعسكر الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي,
وعلى حساب فقراء الشعوب المستعمرة في الأطراف, طورت أوروبا أبحاثها العسكرية , التي يعود لها الفضل في التقدم الهائل للتكنولوجيا والمعلوماتية.
وعلى حساب رفاهية شعوب الاتحاد السوفيتي والدول التي تمحورت معه,تقد مت الصناعة العسكرية الشرقية , وأدى هذا السباق , إلى تعميق الهوة بين الشرق والغرب وازداد الأغنياء غنا والفقراء فقرا
مٌعولمون ومٌتعولمون
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي, وانتهاء حرب الأعصاب وبداية الحرب الاقتصادية, انتقلت كافة الدول التي كانت تسير اقتصادياتها وفق نظرية التخطيط المركزي, إلى سياسات السوق الحرة . وفٌتحت كل الأسواق الطرفية,أمام نمط الانتاج ألرأسمالي المادي والمعرفي, وصناعة الإعلام التي وضعت في كل منزل عن طريق الأقمار الصناعية,معلما يلقن كل العلوم والفنون , التي تخدم ثقافة وأيديولوجية المعلم " التلفاز", واحتل الاقتصاد مكانته الاستراتيجية كسلاح حربي , وحول "الحصار الاقتصادي" إلى سجان, والأرض بحدودها الوطنية والمعترف بها دوليا إلى سجن , يمنع فيه الطعام والدواء والكساء عن شعب بكاملة بنسائه وشيوخه وأطفاله, وتصبح " القوة الاقتصادية عنصر أساسي في الأمن القومي ,على قدم المواساة مع القوة العسكرية " 9 , لذلك برز على الساحة الطرفية في الدول التي منحتها الديمقراطية هامشا لمنظمات أهلية مستقلة ظاهرة التكتل القاري "الاتحاد الأوروبي" وظاهرة "الأقلمة" , هذه التكتلات الإقليمية , هي ثمرة نضال الطبقة الوسطى التي نشطت بمفكريها على صياغة أجندة عولمية طرفية تستنبت محليا , تستجيب لمتطلبات سياسات العولمة الراهنة لجذب الاستثمارات , وحماية أداءها الاقتصادي الوطني المهدد , والاستفادة من التقدم التكنولوجي والمعلوماتي , والبحث العلمي, حاجة هيكلة الاقتصاد الوطني مع متطلبات العولمة الوافدة , حيث يتماها الرأسمال الإنتاجي والرأسمال المعرفي.
وأما الدول الضعيفة كالدول العربية التي لم تدخل أو لم تقترب بعد من الحداثة الأولى, وتعيش خارج قواعد سياسة العصر, تتلقى توجيهات العولمة على شكل ضغوط وأوامر, تأتي من المنظمات والمؤسسات المالية والتجارية الدولية, كالخصخصة والانفتاح ورفع الدعم عن الفقراء , كشرط لقبولها عضوا في "نادي" التجارة العالمي , وتتناسب هذه الضغوط طردا مع قدرة هذه الأنظمة على الاستجابة لمتطلبات الحداثة كمطلب عضوي للعولمة , وقد وصلت تلك الضغوط , إلى مصادرة القرار السياسي لكثير من الأنظمة ,والعودة بها إلى ما قبل الحقبة الوطنية, وإلى تراجع في الفكر الوحدوي والوطني و في تصدع الكتل القومية والإقليمية , مما أفقدها القوة اللازمة لصياغة أو المشاركة في عولمة "طرفية" ,تساير متطلبات العولمة لجذب الاستثمارات , وتنشيط حركة التجارة الدولية, أو الاصطفاف حول القوى "المقاومة والممانعة" 11 , لعالم ينتقل إلى الحداثة الثانية, ويبحث ما بعد التاريخ, وما بعد الأديان, وما بعد العلمانية وما بعد الديموقراطية , عالم فيه "السريع يأكل البطيء" بعد ما كان "القوي يأكل الضعيف".
وانقسم العالم إلى :( بلدان العولمة) بفتح العين واللام , تملك الثروة والقوة والتقانه , وعلى رأسها أمريكا , و(بلدان تعولم) بضم التاء وفتح اللام ,ومنها من يملك إرادة العولمة, فأخذ بأسباب الحداثة, وكل مامن شأنه دفع تسارع متطلبات السوق , والحفاظ والتأكيد على الوحدة الوطنية, وحماية المنتج الوطني, وكسب ثقة واستقطاب المستثمرين, واستحواذ موضع قدم في عالم العولمة كالصين والهند وتركيا ومصر وتونس, ومنها متفتت منقسم على نفسه ,لا رأس له ولا مرجعية يتلقى أوامر العولمة, وكثيرا ما تكون استجابة هذه الدول لمتطلبات العولمة بطيئة وخارج قواعد السوق والتجارة , وصورية تغطي فيها صفقة سياسية تضامنية مع الغرب فهي لا تملك أجندة تؤهلها الاستفادة من فرص النمو الاقتصادي والمعلوماتي والتكنولوجي للعولمة, وهي إن عصت ألأوامر تموت جوعا, وان استجابت كذلك تموت جوعا, وخاصة في الوطن العربي,"الذي اعتمدت فيه النخب منذ السبعينات, على توليد أنظمة استبدادية شمولية, تعيش خارج الزمن وتعمل خارج قوانين وحضارة العصر,تعارضت مع شعوبها , واستعانت عليه بنشر القواعد الأجنبية, معيدة المنطقة إلى ما قبل الحقبة الوطنية , وحولت الأوطان إلى مزارع واستثمارات خاصة لصالحها ,الأمر الذي عمم الفساد والفوضى والاستهلاك, وغيبها عن أي دور لصياغة برنامج مقنع للتعامل مع العولمة. إن عدم قدرة العالم الثالث والفقير على دخول العولمة بكتل كبيرة وفاعلة ومؤثرة في تطوير وصياغة برنامج العولمة وفق مصالحها واقتصادياتها,ترك العولمة تأتي من الغرب, وكأنها إحياء لليبرالية الكلاسيكية, لكن في ثوب جديد12.
في السبعينات بدأت الأسواق العربية, وغيرها من الدول النامية, تغرق بمنتجات كهر بائية كالتلفزيونات والمسجلات وغيرها يا بانية أو أمريكية أو فرنسية... مصنعة في أسيا أو أفريقيا أو الصين,مثل "سوني"، "وسام سونك" مصنعة في ماليزيا والصين ... وصناعة السيارات انتقلت من المركز إلى الإطراف فسيارة "بيجو" الفرنسية هي اليوم تصنع في إيران وسوريا باسم سابا والشام, و"هو نداي" اليابانية في كوريا و"فيات" الفرنسية في البرازيل.......الخ, ورافق عولمة الانتاج , ظاهرة الأقمار الصناعية,التي وضعت في كل بيت, معلما أسمه التلفاز, يتحدث بما يشاء,وينقل الخبر ساعة حدوثه بالطريقة التي يختار , ويعرض الصورة المدة الذي يرغب, ويقدم الثقافة التي يريد, والإعلان عن أي منتج بالطريقة التي "يسيل لها لعاب المستهلك" , وبالهاتف يمكنك الحصول على هذا المنتج مضافا إليه سعر النقل السريع إذا رغبت, وبسرعة غير مسبوقة تتواصل عناصر الاقتصاد ,"الإنتاج" , و"المنتج" , و"المستهلك" , سواء كان الانتاج والمنتج ماديا أو فكريا , وذلك ليس مستغربا فالانتشار السريع لوجبات ماكدولاندز السريعة , و"المايوه البكيني" الذائع الصيت أكثر من قصة ارنست همنكواي"الشيخ والبحر" والجدل الفكري العالمي الغير مسبوق , حتى قبل أن تتم ترجمة كتاب "الاستشراق" لادوارد سعيد , و"آيات شيطانية" لسلمان رشدي , و"نهاية التاريخ" ,و"نهاية التاريخ ونهاية الإنسان" لفوكوياما, ومقال "صدام ا لحضارات" صموئيل هانتنغتون, ونهاية الجغرافيا , وعالم بلا حدود, والنقل المباشر لسرقة تراث العراق من المتاحف عن عمد وبحماية أمريكية, وفلسفة الضربة الوقائية ,والضربة الاستباقية. وعالمية حرب "أمريكا بوش" على الإرهاب.
و متابعة طفل الأنبوب,و النعجة "دولي", لحظة بلحظة . والتطور الذي طرأ على الأسفار والتجارة التي كانت تقاس بالسنين والأشهر والأيام, بينما تقاس اليوم بالساعات والدقائق , هذا التطور الهائل في المعلومات والاتصال , أدى إلى انتقال نمط الانتاج الرأسمالي من معاقله المحصنة في المركز, إلى دول منتقاة في العالم الثالث , أهلت نفسها لمثل هذه الخطوة وتجاوبها مع متطلبات العولمة , رغم بقاء قيادة هذا النمط من الإنتاج مرتبطا بالشركات صاحبة الامتياز بالمركز, فان محاولة تحرير الانتاج من وصاية الدولة الوطنية والقومية في المركز , ومن تداخلاتها الفجة والوقحة , سواء في معاهداتها التجارية أو اتفاقاتها السياسية , لفتح أسواق استهلاكية , حاجة انتشار المنتج أفقيا , فان تجاوز الانتاج هذا النمط من التبادل والتسويق والرعاية الحكومية , إلى رسملة الانتاج نفسه و تحويله إلى رأسمال إنتاجي ,ونقله من سطح النمط إلى عمقه, من رأسمال منتم إلى هوية وطنية وقومية, إلى رأسمال لا منتمي إلى هوية أو قومية أو خصوصية , عابرا المصالح العمومية للدولة القومية إلى مصلحته الخاصة في الربح , ومن أجل الربح يقوم بالاستثمار المباشر, في أي بقعة ملائمة من "القرية الصغيرة", ولا اعتقد أن الأزمة المالية العالمية الحالية , هي بداية استقرار لنظام اقتصادي أكثر ثقة وأمان ,تكون فيه السلعة الوطنية/القومية بزاتها صمام الأمان للاستقرار النقدي , بديلا عن الذهب والدولار, ولن يوقف محاولة الدولة الوطنية إيقاف هذا التدهور بالمليارات التي تضخها لوقف نزيف الاقتصاد العالمي المسر طن , فقد أصبح سكان العالم قبيلة واحدة , يجمعهم الدم البشري, واللغة والثقافة والدين, والوجبات السريعة "والشيخ" القبلي ( العرافة والمشرع بما يجوز ولا يجوز) , و في خدمته ألتقنية والتكنولوجيا , حيث يتلاشى بحضرته كل ماهو "غير ممكن", ويذلل كل الصعاب ويصبح كل مستحيل في "متناول اليد". ويرى ويرصد كل ما يجري في العالم ,بواسطة "الكاميرات" المنتشرة في كل أنحاء العالم,إن عالم المستقبل عالم العولمة فيه كل خطوة مراقبة وموثقة على شاشات الكمبيوتر,فكيف ستبدو خطوات الإنسان المراقب؟
فان الشركات المتعددة الجنسيات التي تراقب عمالها وإنتاجها وكل خطوة في الشركة عن بعد, دخلت المنافسة من أوسع أبوابها,وبرمجت سياساتها الربحية على تجزئة منتجها في عدة دول طرفية وفق الأربح, فان منتجا كالجوال مثلا: قد يكون تصميمه في ألمانيا ,وهيكله الخارجي "الكفر" في تايوان, وشبكيته في الصين , وآلة التصوير في سنغافورة, وإداراته الالكترونية في اليابان, والعقل الذي يدير هذه العمليات ويراقبها على شاشاته في أمريكا , وفي هذا النمط من تجميع المنتج ,لا يمكن الحديث عن تقنية طرفية كما يدعي اليمين ومؤيدي العولمة , فان المجتمعات الطرفية وقواها الإنتاجية وعلاقاتها الإنتاجية, ستبقى هامشية وناقصة التقنية , وإذا حدث وحاولت الدول الصناعية, رفع سوية التقانة في البلدان النامية, فذلك لا يتعدى رفع تحسين سوية الاستهلاك, ليتناسب مع تقانة المنتجات الصناعية ألمتطورة في البلدان الصناعية, بحيث تبقى ألبلدان المعولمة" بضم الميم وفتح اللام" سوقا مستمرا لكل منتج جديد...ولذلك "لا تصدر الشركات الأجنبية إلا التقانة ذات النفع الكبير لها ,أو ذات التأثيرات البيئية الضارة" 13.
إن تجزئة صناعة المنتج, يعني تقانة ناقصة , تتجمع وتتكامل على شاشات الكمبيوتر المركزي , الذي وفرته هذه الثورة الهائلة في المعلومات والاتصال, التي تنهمر من الفضائيات و من الأقمار الصناعية ,أو التي تتفجر من الحواسيب والشبكات , والتي منحت العبور للشركات إلى كل "الدنيا",سواء في التواصل السريع, أو إصدار الأوامر والتوجيهات , أو الإطلاع على سير العمل , أو عقد الصفقات التجارية , أو التواصل السريع مع المستهلك , وفي نقل المعلومة لحظة حدوثها,أو تبادل الأفكار والآراء والتواصل مع ثقافة الأخر في أي مكان من العالم , دون حاجة إلى تأشيرة دخول أو تدقيق جواز السفر .
إن الخيط الذي يربط بين كل ما سبق ذكره , أو العامل المشترك الرياضي لكل العوامل السابقة هو ما يسمى العولمة , إن عالمية الانتاج المادي أو الانتاج الفكري أو الانتاج البحثي , و السيطرة على معادلة السرعة والتسارع وتلاشي الزمن وانكماش المسافة, و تلاشي الحدود الجغرافية والفضائية والبحرية بين المراكز والأطراف, و هجرة الرأس المال الإنتاجي والمعرفي إلى المجتمعات الطرفية حيث الأيدي الرخيصة , وعلاقات الإنتاج المعولمة , وفرص العمل الضائعة في دول المركز نتيجة هجرة الانتاج, أو في الأطراف نتيجة ألمنافسة الغير متكافئة بين المنتج الوطني والمنتج المعولم , و تواصل الثقافات والحضارات والعقول العالمية ,ووحدة النظام السياسي وقيمه الديموقراطية ,وحرية الرأي والمرأة , وعصر المعلومات ,وعصر السرعة ,وعصر الفكر والأفكار ,ونهاية الجغرافيا والتاريخ ,والقرية الصغيرة ,والنعجة دولي والخيال العلمي.........الخ هو ما يسمى العولمة .
إن الثورة في المعلومات والاتصال والنقل , المكتشفة والمطورة في مراكز "البحوث العسكرية",-التي يلفها الغموض والسرية , هو هوية القرن الواحد والعشرين , حيث يتحرر الرأسمال المعرفي من معاقله العسكرية وينطلق في الاتجاهات الأربعة بسرعة مذهلة دون عوائق حدودية أو حكومية تذكر , أو مراكز جمركية , تقاس حضارة العالم وتقدمه بالكم الفكري والمقدار المعرفي والتقدم التكنولوجي , في هذا العالم الصغير مخزون البنوك المركزية هو السلعة التقنية الصناعية والزراعية ,لا الأوراق النقدية الو رقية التي تفقد قيمتها الرمزية رويدا رويدا , يتربع على عرشها الدولار, رمز الجبروت الأمريكي , ورمز الثقة الشرائية للطاقة , انه القوة الاقتصادية الأمريكية , التي ستنهار لحظة انهيار النظام النقدي ألورقي , أو ينتهي مخزون النفط , أو تطرح طاقة بديلة ,عندها اعتقد أن أمريكا ستطرح مخزونها النووي للبيع على أرصفة "القرية الصغيرة" حيث الغني والقوي هو السريع .
فالعولمة تتجه نحو السيطرة على معادلة السرعة الممثلة في المعادلة المسافة= السرعة × الزمن , وعلى قدر التحكم بالسرعة, تنكمش المسافة ويتقلص الزمن, وعندما تتجاوز السرعة سرعة الصوت , وتتساوى مع سرعة الضوء , تنتهي عناصر المعادلة إلى الصفر, وحينها يسافر الإنسان على البراق من قطب إلى آخر, كما عرج رسول المسلمين إلى السماء السابعة بالبراق , وعندما تنعدم المسافة يتوقف الزمن, كما انعدم الوزن عند انعدام الجاذبية,ولعله في مستقبل العولمة القادم متغيرات كثيرة في الحقائق والثوابت المطلقة اليوم , .كمدركنا الحسي للوزن والبعد والحجم , وربما هناك بعدا وحجما ووزنا حقيقيا أخر غير الذي ندركه الآن.وربما "منتج القرن الواحد وعشرون هو "فكرة", تسافر بها بين النجوم , أو حربا من حروب الخيال العلمي مع كائنات فضائية أو....... ألخ.
الأمركة:
اتسم الخطاب العولمي العربي في غياب المنظمات الأهلية المستقلة,بتوصيف وتحليل وتعريف العولمة وملحقاتها, الخصخصة والهيكلة والديموقراطية وحقوق الإنسان .... ,وقلة هم الذين تطرقوا إلى فشل النظام العربي , في مواجهة العولمة بكتل عربية أو إقليمية لها هيبتها وأثرها , في حقل العلاقات الدولية , ورغم أنه إذا توفرت النوايا العربية الطيبة يمكن," أن تقيم لنفسها تجمعا اقتصاديا مهما ,له نظام مالي واقتصادي خاص , والاستفادة من الخصائص التي تميزه , وأهمها الموارد النفطية التي تدر مئات المليارات من الدولارات سنويا بما يسمى(بترو دولار),وخاصة عندما ينعكس هذا الدخل محليا ليتم استثماره في جميع القطاعات التي تنهض بالدولة واقتصادها,بدل الارتباط بزعامة أمريكية فاشلة"14,
فبناء عولمة طرفية تواجه العولمة المركزية بندية , يجب أن يتوفر لها إلى جانب الكتلة الاقتصادية كتلة بشرية وقوة عسكرية , تتعامل بندية مع المرحلة" الجديدة" , التي اتسمت بفرض العولمة " "الأمركة"على المنطقة العربية من الخارج على شكل حروب وحصار وضغوط . ورغم أننا لا نرغب في تحميل سلبية مواقف آل بوش , وخاصة الابن على النظام الأمريكي بصورة عامة وعلى الشعب الأمريكي بصورة خاصة, فقد خلت هذه الفترة "البوشية" من اللباقة الدبلوماسية ,درجة الوقاحة والعدوانية المفرطة , والجنوح بالعالم إلى هاوية القلق والخوف من أحادية القوة الأمريكية , المفرطة القوة والتدمير .
فقد رفضت فرنسا بشدة فتح مطعم ماكدونالد في معلمها الثقافي برج ايفل , ومنعت كندا استيراد الأفلام الأمريكية , وكذلك برامج الكمبيوتر والانترنت. عندما اضعقت وأنهت بوقاحة من أي تأثير للدول الصناعية الكبرى على قرارات المؤسسات الدولية, وخاصة الأمم المتحدة. عندما ذهبت إلى الحرب بلا شرعية أو غطاء دولي , فقد اضعف الثقة بالأمم المتحدة ,وأضعف من سيطرة البلدان الصناعية على المؤسسات الدولية , وعززت مكانة وسيطرة أمريكا على القرار الدولي , وأكد ت في خروقاتها لأبسط الحقوق الإنسانية في سجن أبو غريب وغوانتينامو,على سيادتها العالم بلا منازع وبلا شريك, وقد حمل أمثال جيفرسون العولمة كثيرا من المفاهيم السلبية والمخاوف المستقبلية , (الأمريكيون شعب الله المختار، لهم الحكم والهيمنة اختيارا أو قوة أو قسرا") .
إن الجدل الذي أثارته سياسة بوش, لدى شعوب الكرة الأرضية قاطبة, دليل على الخطر الذي تستشعره هذه الشعوب على تاريخها وثقافتها وتراثها وهويتها , لذلك فان الدول التي أتاحت لها الديموقراطية , فضاء لتشكيل جمعيات أهلية , راقبت العولمة في مجتمعاتها وفي العالم, ورصدت سلبياتها وإيجابياتها قي مجتمعاتها,وفي الدول الفقيرة, فرصدت للعولمة تطويعا وتفصيلا لها على المقياس الأمريكي كما أراده المحافظون الجدد, فتحدثوا عن "الأمركة",ونبهوا شعوبهم والعالم النامي والفقير إلى سلبياتها, والى تجاوز كل القيم والأعراف التاريخية للإنسان ,في سجن أبو غريب وفي غوانتينامو وفي السجون السرية المنتشرة في العالم .
تحت مصطلح الإرهاب المبهم والغير معرف , حتى أضحى "هناك خوف هائل من "الإرهاب" هذا المصطلح القديم الجديد الذي لم يجد بعد الخائفون والمتربصون ,تعريفا مناسبا له. وسيبقى معنا ما بقيت الحاجة إليه ,يستعان به لزيادة الهيمنة الأمريكية ودعمها ,ويجد فيه الاحتلال والاستبداد تبريرهما ".15
وتجلت على الساحة الدولية سياسات مقاومة لتأمرك العولمة , دفعت إلى ظاهرة الأقلمة مثل تجمع آسيان الاقتصادي, و تجمع ميركسور في أمريكا أللاتينية, وتجمع النافتا في أمريكا الشمالية, والاتحاد الأوروبي الذي يمثل الصرخة الأقوى في مواجهة أمركة العولمة.
وحسب إحصاءات الأمم المتحدة, فان الشركات المتعددة الجنسيات واغلبها أمريكية تملك 44% من قيمة الإنتاج العالمي, فيما تبلغ حصة أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية 4.6% من مجمل الإنتاج العالمي, و360 ملياردير اغلبهم أمريكيين يملكون نصف ما يملكه سكان العالم , وموضوعيا يمكننا الحديث عن "أمركة العولمة" بعدما أن وجدت أمريكا نفسها الأقوى في العالم عسكريا واقتصاديا, ولا رادع يمنعها من تحويل العالم إلى "منطقة صناعية",تحرسها أنظمة تابعة, سواء بمعاهدة حماية أو تجارة أو دفاع أو احتلال أو حصار.
العولمة في المفهوم الأمريكي هي غير الظاهرة, هي "حقبة" ينتهي بها القرن العشرون, ويبدأ ألقرن الواحد والعشرين , هي مرحلة نهاية المحافظون الجدد رمز الجبروت الأمريكي , وبداية الصعود الصيني أو الآسيوي أو الإفريقي أو العربي بثقافته الإسلامية, أو جميعهم , إن بداية انتصار القيم التاريخية للإنسان,على البناء الفاسد للقيم.
الأمريكية، ألازمة المالية العالمية التي بدأت عقارية ,وستنتهي بانهيار الدولار ,مصدر القوة لأمريكا, فقد بنت أمريكا عظمتها وقوتها على دولار يغطيه برميل من النفط وليس غرام الذهب, والعالم برمته يبني قوته الاقتصادية على احتياطيه من الدولار, الذي يستطيع به شراء النفط من الشرق الأوسط , في هذا قوة الدولار السحرية , ولهذه القوة تحتفظ الصين بمائة مليار دولار أمريكي , لشراء نفطها من الشرق الأوسط , وتجتذب به الاستثمارات الهائلة إليها, إن مقاطعة البضائع الأجنبية هي الإشارات الغاضبة وطلائع ألاستجابة للدعوات التي تتعالى يوما بعد يوم, لبيع النفط بالين الياباني أو اليورو الأوربي أو العملة الصينية، إن الأزمة المالية العالمية التي بدأت بالعقار ستنتهي حتما بالدولار, وعند ما يرفع الغطاء النفطي عن الدولار.
وتتسابق الدول عن استبداله بعملة أخرى صاعدة ,ويصبح الدولار لا يشتري رغيفا من خبز "التنور" في ريف حمص, عند ها ستعرف "العولمة " إنها بداية انهيار جبروت الإنسان , وانتصار الطبيعة الخيرة ,على الغرائز الشريرة , و البقاء أولا وأخيرا للإنسان وقواه الخيرة , وليس للقنابل والمدافع ,وسيكون امن العالم في حبة قمح تزرع في السودان . وبذرة قطن تنبت في سوريا , حيث تنتهي حرب النجوم , والدروع , ويتحول السباق من سباق نووي إلى سباق غذائي , وحينها يكون أمن أمريكا وشركاتها العملاقة في مليار ونصف المليار مستهلك في العالم العربي .
الهوامش:
1- د. محمود حمدي زقزوق،خطورة القرآن.http://www.balagh.com/mosoa/tablg/ug0wx65y.htm
"موقع الكتروني" منبر التربية" التربية الإسلامية وتحدي العولمة الدكتور علي بن عبده الألمعي
2- أبحاث ماهي العولمة " الأرشيف موقع اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل
3- برهان غليون الورقة المقدمة لاجتماع خبراء اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا
4- ما لعولمة دار الفكر دمشق الطبعة الثانية صفحة 101
5- ما لعولمة المصدر السابق قصفحة23
6- حوارات لقرن جديد دار الفكر المعاصر بيروت ص17د.حسن حنفي
7- انهيار مزاعم العولمة ,اتحاد الكتاب العرب دمشق عام 2000 صفحة20
8- انهيار مزاعم العولمة,د.عزت السيد احمد اتحاد الكتاب العرب دمشق عام 2000 صفحة22
9- مدير الاستخبارات العسكرية الأمريكية 1977-1988ادارة كلنتون
10- النمور السبعة هونج كونج واندنوسيا وماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وتايلاند
11- توالد العولمة: التحولات والممانعة تأليف جيمس ميلتان مطبعة جامعة برينستون - نيويورك
12- برهان غليون اجتماع خبراء اللجنة الاقتصادية والاجتماعية 19-21 كانون الأول 2005
13- انهيار مزاعم العولمة سبق ذكره صفحة61
14- مجلة قضايا العدد 9 السنة الأولى رئيس مجلس الإدارة محمد مرتضى الدندشي
15- جميل مطر الرأي الأخر العدد 17شباط 2008 دار الإعلام العربي –بريطانيا ص75
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.