هكذا هو حال الدهر والأيام السعيدة في بلاد«العربية السعيدة»(Arabia Felix)كما سماها المؤرخ الإغريقي «هيرودوت». يعد اليمن بلداً ذا إرثٍ حضاري وثقافي وتاريخي قيم وذا أهمية كبرى في إثراء الساحة العربية والعالمية بنماذجه الفريدة، وتحفه العتيقة التي تدهش المتأمل لها من الوهلة الأولى دالة على عمق الأصالة وعبق التاريخ المبهر للعيان والمتجسد في كنفات هذا الوطن الغالي على قلوبنا جميعاً، وهذا ما خلفه لنا الآباء والأجداد أصحاب العقول النيرة والإيمان والحكمة كما سماهم خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. فالسائح الفعلي أو المرتقب لبلاد اليمن من الدول العربية أو الأجنبية والذي يروج له بأن اليمن فيها من المخاطر والمجازفات ما يكفي لجعله يعتقد أنه غير آمن وغير قادر على زيارة هذا البلد الجميل والطيب...ورغم هذه التشويهات والحملة الشرسة ضد هذا البلد من قبل أصحاب النفوس المريضة الذين ينظرون لهذا البلد الجميل النظرة السلبية الخاطئة البحتة دون إنصافه بشيء من الواقع، وبرغم كل هذا..إلا أن السياح ما زالوا يتوافدون وبأعداد كبيرة مقارنة بدول أخرى تتمتع بإمكانيات كبيرة رغم شح الإمكانيات المالية والمادية لدينا خصوصاً المتعلقة في مجال الإعلام الترويجي كونه يعد الشريان لأي بلد متطور في الجانب السياحي. وما أن يصل الزائر لهذا البلد وبرغم ما قد تم رسمه في مخيلته من الصور السلبية الهدامة عن هذا البلد الطيب بطيب أهله الودودين، أهل الكرم والضيافة الأصيلة المقدمة لكل وافد عبر مر العصور..حتى يجد في نفسه وكأنه قد وصل إلى بلده العزيز على قلبه..لما يلقاه من هؤلاء الطيبين الذين يعكسون له مدى رقيهم وعراقتهم عبر الزمان ويشعر الزائر بأنه قد لقي ما كان يصبو إليه. إنه لشعور طيب أن يجد الزائر لأي بلد الأمن والأمان وحسن الترحاب والاستقبال وكرم الضيافة. فاليمن اليوم تعتبر من أروع بقاع الأرض لما تتمتع به من تنوع في منتجها السياحي والذي هو بحاجة إلى لمسات خفيفة لجعله منتجاً حقيقياً وفعلياً، كأن يتم توعية الناس بأهمية السياحة كونها مورداً اقتصادياً هاماً و أحد الدعائم الهامة التي تعتمد عليها أغلب الدول كونها مورداً لا ينضب بل يزداد نضارة وبهاء مع المحافظة عليه. المنتج السياحي اليمني مكتمل إلى حد ما نظراً لاحتوائه على مقومات طبيعية كالسفوح وفيها من المدرجات الزراعية الفريدة والوديان وما تحويها من مناظر خلابة تأسر الناظر بألوانها البديعة..ناهيك عن وجود السواحل الرملية الجميلة والجزر الفريدة من نوعها كجزيرة سقطرى والتي تعتبرها اليوم منظمة اليونسكو إحدى عجائب الدنيا الطبيعية لما لها من أهمية كبيرة للباحثين أو للمتنزهين (سياحة الغوص) وكذا وجود المقومات البشرية كالمآثر التاريخية الشاخصة للعيان والشاهدة لنفسها ولأهلها بالمجد والعزة والإباء. إن ما يشاهده الزوار اليوم في اليمن السعيد يجعلهم يحسون بالانتماء لهذا الوطن ويعاودون المجيء مراراً وتكراراً وينقلون عنه الصورة الحقيقية لشعوبهم وما تمتعوا به من استقبال وترحيب وضيافة، لذا أتمنى أن يظل في الحسبان الاهتمام السياحي والنشاط السياحي كضرورة حتمية لا مناص منها ولا مهرب لكي نخلق الصورة السياحية الجيدة وينال وطننا الحبيب نصيبه من خلال إظهاره بحلته الجميلة عبر وسائل الإعلام المختلفة وعن طريق التعامل المباشر مع السياح سواء في الأماكن السياحية أو غير السياحية، وهذا لا يتأتى إلى بزرع ثقافة حب الوطن في قلوب أبنائه الشرفاء. فحب الوطن من الإيمان وعلينا أن ندرك هذا وأن نقف صفاً واحداً ونتصدى لكل من يحاول المساس بهذا الوطن الغالي على قلوب كل الشرفاء من أبنائه سواء كان هذا التصدي بالكلمة أم عبر وسائل الإعلام أم من خلال التعامل المباشر والحازم مع أي موقف يراد به الاضرار بهذا الوطن.