ستة أشهر من العك السياسي الذي أفضى إلى سفك الدماء وتدمير الممتلكات العامة والخاصة والدفع بالاقتصاد الوطني إلى حافة الانهيار وطالت يد الغدر رأس النظام ونفذت محاولة اغتيال لرئيس الجمهورية وكبار قيادات الدولة أثناء تأديتهم صلاة الجمعة في جامع النهدين بدار الرئاسة الثالث من يونيو الماضي. خسر الوطن الكثير وكان بالإمكان ألا يخسر، خسرنا فلذات أكبادنا، خسرنا اقتصادنا، ارتهنا قرارنا السياسي ومواقفنا للسفارات.. أصبحت السفارة الأمريكية مزاراً يحج إليه الجميع بحثاً عن حلول ترضي طموحهم ومواقفهم، كان بإمكان العقلاء قراءة الأزمة من زاوية المصلحة الوطنية لتنجلي أمامهم الحقائق وتتضح الصورة بدلاً من الارتكان إلى الوهم الذي صنعته أحداث مصر وتونس والارتهان لأجندة إقليمية ودولية سرعان ما تكشفت حقائقها وأظهرت نواياها الخبيثة تجاه الوطن. الأحداث كشفت عورات الإعلام والإعلاميين وبدت سوءاتهم وفساد الأخلاق ومارسوا التضليل وابتعدوا عن المهنية وبدلاً من تقديم رسالتهم الإعلامية بروح الوطن قُدمت تلك الرسالة بمعيار الولاء لأشخاص بعينهم وخدمة لأهدافهم وانبرت تحليلاتهم السياسية تدافع عن مواقفهم ومصالحهم لا قضايا الوطن ومصالحة، رشوا القطران على أوجه الناس مستخدمين التكنولوجيا الحديثة وأرادوا إيصال المتعطشين إلى السلطة بأي ثمن وبأي طريقة. صُنعت هذه الأزمة ليتربح منها الأثرياء من تجار الحروب والأزمات ويدفع ثمنها الفقراء والغلابة من المواطنين وهم السواد الأعظم جنى التجار من أزماتنا ومعاناتنا مليارات الريالات متذرعين بالأوضاع وتاجر الحروب يفجر هنا ويقتل هناك أو يدفع بالشباب إلى المواجهة حتى يُرضي من يدفع له. هل اقتنع هؤلاء أن هذا يكفي وأن اليمن لم تعد تحتمل مزيداً من التأزيم والصراع، لم تعد بحاجة إلى مزيد من القتل وسفك الدماء وحان الوقت لأن يتوقفوا عن تعطيل الحياة لقد جربنا كل الطرق والأساليب جربنا الساحات والاعتصامات أجبرتم المواطنين على العصيان المدني بالقوة وسيرنا المظاهرات وعطلنا التعليم العام والجامعي ودفع الطلاب ثمن هذه المغامرات الحمقاء وأحرقنا الأطقم العسكرية التي هي ملك الشعب تم شراؤها من أمواله وحقوقه.. نُهبت المؤسسات العامة وتم تدمير وإتلاف وثائقها وأثاثها جربنا القتال واستخدمت كل أنواع الأسلحة ولم يستطع أحد إلغاء الآخر ولن يستطيع ولن تتمكن أي قوة من ترحيل مواطن من أرضه ووطنه. هل اقتنع اللاعبون السياسيون والعسكريون أن الحل عبر التصعيد أو ما نسميه بالفعل الثوري ومحاولة دفع الشباب إلى الموت لتأليب المجتمع الدولي ضد النظام لم يعد مجدياً وان البحث عن الحلول المملكة أصبح هو الأكثر جدوى؟! هل اقتنع هؤلاء أن توازن الرعب السياسي والقبلي والعسكري هو من حمى اليمن من الإنزلاق إلى محرقة لا يتوقع احد مداها ونهايتها؟. الشباب في الساحات وقعوا ضحية لألاعيب السياسيين وتناقض المصالح الإقليمية والدولية وعليهم الآن أن يحددوا موقفاً واضحاً لصالح الوطن ومستقبله لأن أي هزات جديدة لم يعد أحد قادراً على تحملها وعليهم أن يدفعوا بآلية التغيير الديمقراطي حتى نؤسس لآلية جديدة لنقل السلطة بعيداً عن سطوة التحالف القبلي الديني العسكري الذي أراد أن تبقى أداة التغيير بيده لا بيد الشعب وإن اختلفت طريقة التغيير وبدا عليها أن الشعب يصنعها فهذا التحالف الذي يقود الحركة الاحتجاجية هو من أقصى الرئيس السلال وهو من أقصى ضباط الجيش في أحداث أغسطس 1968م وهو من أقصى القاضي الإرياني وهو من تآمر على الشهيد الحمدي وقتله وهو من ساهم في إيصال الرئيس علي عبدالله صالح إلى الرئاسة في العام 1978م وهو من أفتى بإقصاء الحزب الاشتراكي من العام 1994م وعندما وجد أن أداة التغيير على وشك أن تسحب من يده قرر استعادتها.