بعد ستة أشهر من المعاناة نفد صبر سكان الأحياء ، التي اقتحمها المحتجون والمعتصمون دون ترخيص ودون حق دستوري أو قانوني في بعض المدن اليمنية ، وهاهم بالأمس ينظمون مسيرات مرخصة إلى مبنى الأممالمتحدة ومبنى أمانة العاصمة ويتبعهم أمثالهم في المدن الأخرى التي تشابههم في الضرر. وقد تضمنت رسالتهم إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان جملة من الانتهاكات التي تعرضوا لها خلال ستة أشهر من الاعتصام والمسيرات والتظاهرات، وتتلخص تلك الانتهاكات في: اقتحام حاراتهم السكنية وشوارعهم ومساكنهم دون موافقتهم والتوسع في نصب الخيام. الاعتداء، والسيطرة على الشوارع والمرافق والأحياء بالقوة دون وجه شرعي أو قانوني أو دستوري. قطع الطرقات وإيقاف المواصلات. الضوضاء والصخب الدائم ليلاً ونهاراً واستخدام مكبرات الصوت والأغاني والخطب والشعارات المحرضة على العنف والعدوان والفتنة. إقلاق الأمن والسكينة العامة للسكان. حرمانهم من النوم والراحة وحرية الحركة والحياة. إعاقة مرضاهم من الإسعافات بسبب إغلاق الطرقات. التفتيش والتدخل في الخصوصيات. اقتحام المنازل واتخاذها متارس من قبل مسلحين ومليشيات تتبع المعتصمين. إغلاق المحلات التجارية والدكاكين وتعطيل عملها بالقوة. تكبيد الساكنين وأصحاب المحلات التجارية والمهن خسائر فادحة تقدر بالمليارات خلال أكثر من ستة أشهر ، وتعطيلهم عن مزاولة أعمالهم وكسب رزقهم اليومي. الإخلاء القسري لبعض الشقق والعمارات والمساكن والرحيل القسري لمعظم المستأجرين وتعطيل مصالح المؤجرين. تعطيل المرافق العامة الخدمية في المحيط. التهديد المستمر بتحريك مسيرات مجهولة التوجه والهدف والوقت مما يجعل الناس دائمي الخوف والاحتراز وعرضة للعدوان في حركتهم اليومية. تعريض الممتلكات العامة والخاصة للتخريب والاعتداء. تلويث البيئة من خلال استحداث حمامات غير صحية خارج مجاري الصرف الصحي كما يحدث في الدائري الغربي حي الجامعة وغيره. إخافة الأطفال والنساء وترويع الساكنين بالهتافات والعدوانات المستمرة وتعريض الأطفال لمشاكل وأمراض نفسية بليغة. توقيف الحياة الاقتصادية والحياة الاعتيادية للسكان. إعاقة السكان عن ممارسة أنشطتهم وأعمالهم والذهاب إلى وظائفهم. التهديد والعدوان على من يخالف المعتصمين الموقف السياسي والتعامل العنيف مع المحيط. الأضرار الأخلاقية جراء تأثر السكان بثقافة العنف والفوضى. بعث القلق والتوتر الدائم للساكنين وجعلهم في حالة عصبية ومتوترة تؤدي إلى كثير من المخاطر. الاعتداء على المنظمات والمؤسسات التي لا تتوافق مع اتجاهاتهم الحزبية والسياسية في المحيط. جلب الأمراض المعدية بسبب التجمع غير الصحي. استحداث مبان مخالفة وسط الشوارع ومرافق للاحتجاز وللاعتقال وللتعذيب وإخافة السبيل وتشويه المحيط. نشر ثقافة العدوان والكراهية ضد الساكنين وترويعهم في منازلهم وتكريس قيم الفوضى والعنف والتخريب والإرهاب الفكري والمادي. تعطيل المدارس والكليات والجامعات الواقعة في محيط الاعتصامات. ممارسة أنشطة غير قانونية تنتهك حقوق الآخرين بل وممارسة جرائم، وتحويل المحيط إلى بيئة لإنتاج الجريمة والعنف وسوء الأخلاق. خلق بيئة ثقافية ونفسية واجتماعية منحرفة ومريضة وغير طبيعية تنعكس سلباً على الساكنين وأبنائهم وأسرهم. فرض بيئة ومحيط خارج سيطرة الدولة والسلطات المحلية وخارج القانون وخارج رغبة سكان الأحياء. تحويل الأحياء إلى ثكنات عسكرية وأمنية سواء من مليشيات المعتصمين أو من العناصر العسكرية والأمنية التي تدعي حمايتهم، أو من خلال الانتشار الأمني الحكومي. كل ذلك وغيره مما تضمنته رسالة سكان الأحياء الواقعة تحت سيطرة الاعتصامات غير القانونية ، والتي وجهوها إلى الأممالمتحدة والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية مشفوعة بملفات موثقة لمجمل تلك الدعاوى والانتهاكات التي ترتكب بحقهم. فهل هذه هي إرهاصات المشروع المدني والحقوقي التي يتشدق بها المعتصمون ؟ وهل تكون حقوق وحريات المعتصمين السياسية على حساب حقوق وحريات الساكنين المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية؟ إنها أسئلة في غاية الحساسية .. إذا استهجنتها الأحزاب والشباب الممارسون للاعتصامات والاحتجاجات والمسيرات والمظاهرات غير الدستورية والقانونية ،فإن ذلك يضعهم أمام المساءلة الحقوقية والقانونية وأمام جرائم العقاب الجماعي التي لا تقف عندما استعرضه سكان الأحياء بل تتجاوزها إلى قطع الطرقات الوطنية وقطع إمدادات الطاقة من الغاز والنفط والكهرباء وغير ذلك ، فضلاً عن المظاهر المسلحة والمليشيات التي أصبحت خارج دعاوى التعبير السلمي. إن تلك الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون والسكان يمكن أن تتحول إلى ثورة شعبية مضادة في وجه المعتصمين والمحتجين من القلة المعطلة التي تريد أن تفرض أجندتها على الجميع بالعنف وبالقوة وبممارسة الفوضى والتخريب والإرهاب والعنف ضد الجميع دون تمييز. والسؤال الجوهري إزاء شعارات الرحيل يتساءل سكان الأحياء المقهورة والمحاصرة والمعرضة للعدوان الدائم، من يرحل ؟ نحن أصحاب الحق وملاك الديار والمحلات والسكان الأصليون ؟ أم الشباب والأحزاب وجماعات الفوضى والعنف والتخريب والإرهاب الطارئة علينا وعلى أحيائنا؟ ويقولون : إن لم يرحل هؤلاء الطارئون عن أحيائنا فسنضطر إلى ترحيلهم بقوة القانون ، أو بقانون القوة إذا لزم الأمر. [email protected]