فاجعةٌ جديدة أبَتْ أيادي الغدر والخيانة والإجرام إلاّ أن تضيفها إلى رصيدها المُتخم بالنوازل التي تسقطها على هذا الشعب منذ بدء الأزمة التي تعصف بهذا البلد الجريح الذي يتآمر عليه العاقون من أبنائه قبلَ أعدائه.. وأيُّ فاجعةٍ تلك التي استقبل بها اليمنيون العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل عندما حلَّ عليه نبأُ استشهاد أحد أنجب أبناء هذا الشعب، صاحب الوجه البريء والقلب النقي الأستاذ الفاضل عبد العزيز عبد الغني، حيث تحولت المنازل إلى مآتم لهول ما سمعوه بعد أن كانوا يترقبون إطلالته من على الشاشة بعد ظهور غالبية المسؤولين الذين استهدفهم ذلك الحادث الإرهابي الدنيء في مسجد دار الرئاسة بصنعاء، لاسيما وقد تماثلوا للشفاء وطابت معظم جروحهم .. وبكل صراحة فإننا لم نكن نتوقع أن أستاذنا العزيز الفاضل كان يحظى بهذه المكانة وهذه المحبة النادرة التي يخص الله بها المؤمنين من عباده عند عامة الشعب صغاراً وكباراً رجالاً ونساءً الذين ذرفت قلوبهم حزناً على رحيله قبل عيونهم .. لا شك أن المرءَ يضعُ نفسَهُ حيثُ يشاءُ، والأستاذ عبد العزيز أدرك أين يكون وكيف ؟ بتواضعه الجم وحنكته وأخلاقه وتواضعه ومثابرته في عمله فتبوأ هذه المكانة وهذا القدر اللامتناهي من الاحترام والمعزة طوال حياته.. وإذا ما سألنا أنفسنا هل كان أحدٌ يتوقع ان يكون موتُ الأستاذ بهذه الطريقة ؟؟ باعتقادي أن الجواب سيكون قطعاً بلا النافية لعدة أسباب أهمها أنه رحمه الله لم يترك له عدواً واحداً طيلة مسيرة عهده الزاخرة بالعطاء والبذل لهذا الوطن رغم تقلده أعلى المناصب في الدولة منذ أكثر من أربعين عاماً، فمن ذا الذي سيجرؤ أن يوجه سلاحه إلى صدره، وهو الذي قد استمال القلوب بلطفه ودماثة أخلاقه وحسن معشره وابتسامته ووقاره، لكنها مشيئة الله ومحبته التي أرادت أن يكون إلى جانب الشهداء والصديقين بإذن الله العزيز الكريم، كيف لا ؟ وقد أصيب في يوم الجمعة غرة شهر رجب الحرام وهو في بيتٍ من بيوت الله وفي الركعة الأولى، وانتقلت روحه الطائرة إلى بارئها في مطلع العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، عشر العتق من النار .. فهنيئاً لك الشهادة يا أستاذ عبد العزيز، هنيئاً لك هذه الخاتمة الطيبة، هنيئاً لك كل هذا الحب وهذه المكانة في قلوب الناس الذين أحبوك كما أحببتهم، هنيئاً لك هذا العلو والمجد في حياتك ومماتك .. وللقتلة المجرمين الخزي والعار والحساب في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة، لأنهم قتلوا رجلاً بأمَّة، قتلوا الصدق والطيبة والاقتصاد والتنمية .. نسأل الله تعالى أن يتغمدك بواسع رحمته ويلهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان، إنا لله وإنّا إليه راجعون .. [email protected]