مطلع الأسبوع القادم ينطلق العام الدراسي الجديد، وما نتمناه هو أن يكون أقل حظاً من العام الدراسي السابق في المنغصات والعراقيل، إننا هنا لا نتحدث عن تلك العراقيل والاختلالات التي عادة ما ترافق العملية التعليمية وأصبحت لصيقة بها تترحل من عام دراسي إلى آخر وكأنها عصية على الحل مثل معضلة غياب الكتاب المدرسي ونقص المدرسين.. ولكننا نتحدث عن تلك الأعمال الفوضوية التي تسببت في إيقاف العملية التعليمية طوال النصف الثاني تقريباً من العام الدراسي المنصرم في الكثير من المدارس وخاصة في الأرياف وكادت أن تقضي عليه قبل أن يصل إلى مراحله النهائية وتحرم أبناءنا من سنة دراسية كاملة. كُنا قد تنفسنا الصعداء مع انتهاء العام الدراسي الماضي بسلام رغم كل تلك الأحداث التي رافقته، وكان يحدونا الأمل بأن يأتي العام الدراسي الجديد وقد انتهت الأزمة القائمة ظناً منا بأن شهور العطلة الصيفية الأربعة تمثل فترة أكثر من كافية لحلحلة الأزمة والوصول بالبلد إلى بر الأمان، لكن ها نحن نبدأ العام الدراسي الجديد ولا تزال الأزمة السياسية تراوح مكانها بل إنها أصبحت أكثر حدة وخطورة، الأمر الذي ولدّ لدينا مخاوف على مستقبل أبنائنا وانتظام العملية التعليمية خوفاً من أحداث مشابهة لتلك التي حصلت في العام الدراسي الماضي. ما نتمناه هو أن يدرك الجميع جيداً أن المستوى المتدني الذي وصل إليه التعليم في بلادنا لم يعد بحاجة لنضيف إليه مسألة عرقلة العملية الدراسية، وأن العبث بحقوق الآخرين واحتياجاتهم والخدمات المقدمة لهم واستخدامها كوسيلة ضغط لتسجيل النقاط على حساب الآخر أمر غير مقبول منطقياً وأخلاقياً وإنسانياً، إضافة إلى أنها أساليب ممقوتة تنفر الناس من الذين يلجأون إليها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحقيق مكاسب سياسية أو حزبية حقيقية من وراء حرمان الناس من احتياجاتهم وحقوقهم. من الضروري جداً أن يتعامل الجميع مع العملية التربوية والتعليمية برؤية أكثر رقياً وتطوراً وبأسلوب حضاري، أي باعتبارها عملية تربوية وتعليمية خالصة لا علاقة لها بالصراعات الحزبية وبمنأى عن أية خلافات سياسية، لأن الثمن سيكون فادحاً من مستقبل أبنائنا ومستقبل وطننا بشكل عام، فما لاحظناه خلال العام الدراسي الماضي أن العديد من المؤسسات التربوية تحولت إلى مقرات للعمل السياسي والصراع الحزبي في إطار الأزمة القائمة، رغم أن العمل السياسي والحزبي له منابره وساحاته المعروفة، والمؤسسات التعليمية على اختلاف مسمياتها ليست واحدة منها لأنها فقط ساحات للعلم والمعرفة وتربية الأجيال ويجب أن تؤدي وظيفتها هذه بعيداً عن أي صراعات سياسية أو حزبية أو غيرها من الصراعات. كما أن بعض المدرسين للأسف غلبوا حزبيتهم على واجبهم المهني فعطلوا العملية التربوية في عديد المدارس وسعوا إلى تعطيلها في البعض الآخر، رغم أنهم يحملون رسالة إنسانية سامية أهلتهم ليكونوا في منزلة الرُسل ومن المفترض أن يكونوا القدوة والمثل الأعلى في الالتزام بعملهم لأنهم يتحملون مسئولية كبيرة وأمانة عجزت عن حملها السموات والأرض والجبال تتمثل في تعليم الناشئة والشباب العلوم والمعارف النافعة، فليتقوا الله ويدركوا أنهم مسئولون أمام الله وأبناء هذا الشعب عن تقصيرهم في أداء هذا الواجب. لذا نأمل أن يعي الجميع خطورة إقحام العملية التربوية والتعليمية في الصراع السياسي الحاصل والزج بأبنائنا الطلاب في أتون الخلافات والمهاترات السياسية والحزبية، كما أن الجهات المعنية مطالبة بأن تكون أكثر حرصاً على عدم ترك أطفالنا نهباً للسياسة وخلافاتها، بالعمل على وضع حد لانتهاك حق أطفالنا في التعليم واتخاذ الإجراءات القانونية في حق كل من قد يتسبب في الإخلال بسير العملية التعليمية أو محاولة تعطيلها، فهل نحصل على عام دراسي بلا منغصات؟! [email protected]